الخميس، 15 يونيو 2023 - 08:10 م

من فضل الله على عباده أن جعل لهم مواسم الطاعات يستكثرون فيها من الأعمال الصالحة ويتنافسون فيها فيما يقربهم من ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم.. وها نحن مقبلون على العشر الأول من ذى الحجة، والتى جعل الله فيها من الخيرات الشيء العظيم فكيف يستفيد منها المسلم ولا تمر عليه مرورا عابرا؟

يقول الشيخ سمير البدوى من علماء وزارة الأوقاف: من دلائل فضل العشر الأول من ذى الحجة أن الله سبحانه وتعالى أقسم بها فى كتابه وإذا أقسم الله بشىء دل على عظم مكانه وفضله إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم، قال تعالى: «والفجر وليال عشر»، والليالى العشر هى عشر من ذى الحجة، وهذا ما أجمع عليه جمهور المفسرين ورجحه الإمام ابن كثير، وأيضا قال الله تعالى: «ويذكروا الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام»، وقال جمهور العلماء ومنهم ابن عباس رضى الله عنهما إن الأيام المعلومات هى العشر الأول من ذى الحجة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعنى العشر من ذى الحجة قالوا يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله قال ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء).

ويضيف: هذه الأيام أيضا بها يوم عرفة يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار ولو لم يكن فى عشر من ذى الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلا، وبها أيضا يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر وهو أفضل أيام العام؛ فعن عبد الله بن قريط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر، وأيضا فيها اجتماع أمهات العبادة؛ قال الحافظ بن حجر: والذى يظهر إن السبب فى امتياز عشر من ذى الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة من صلاة وصوم وصدقة والحج ولا يتأتى ذلك فى غيرها، فهذا الموسم نعمة وفضل من الله على عباده وفرصة عظيمة يجب اغتنامها والعناية بها فقد كان السلف الصالح يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخيرة من رمضان والعشر الأولى من ذى الحجة والعشر الأولى من محرم.

ويشير إلى الأعمال المستحب القيام بها وأدائها طلبا للثواب والحسنات ومنها: الحج والعمرة لمن تهيأت له الفرصة، والصيام لمن لم يتيسر له ذلك؛ فيسن صيام التسع الأول من ذى الحجة ومنها صوم يوم عرفة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والتى بعده.
أيضا المحافظة على الصلاة فى أوقاتها مع الجماعة والإكثار من النوافل والتكبير والتحميد والتهليل وسائر الذكر قال الإمام البخاري: كان ابن عمر وأبى هريرة رضى الله عنهما يخرجان إلى السوق فى أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما فيستحب الجهر بالتكبير..

أيضا من الأعمال الصالحة إخراج الصدقة قال تعالى: «يأيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة، والكافرون هم الظالمون»، كذلك قراءة القرآن وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإفشاء السلام وإطعام الطعام والإصلاح بين الناس وحفظ اللسان والإحسان إلى الجيران والدعاء بظهر الغيب للمسلمين والمساهمة فى قضاء حوائج الناس وكفالة الأيتام والتحلى بالرفق والصبر.