الإمام الشعراوي
الإمام الشعراوي


خواطر الإمام الشعراوي ..«وقدموا لأنفسكم»

ضياء أبوالصفا

الخميس، 02 مايو 2024 - 05:29 م

يقول الشيخ الشعراوى فى خواطره حول الآية 223 من سورة البقرة: «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ» يقول إن الحق سبحانه وتعالى يفسح المجال للتمتع للرجل والمرأة على أى وجه من الأوجه شريطة أن يتم الإتيان فى محل الإنبات.

قد جاء الحق بكلمة «حَرْثٌ» هنا ليوضح أن الحرث يكون فى مكان الإنبات. «فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ» وما هو الحرث؟ الحرث مكان استنبات النبات، وقد قال تعالى: «وَيُهْلِكَ الحرث والنسل» «البقرة: 205».

فأتوا المرأة فى مكان الزرع، زرع الولد، أما المكان الذى لا ينبت منه الولد فلا تقربوه. وبعض الناس فهموا خطأ أن قوله: «فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أنى شِئْتُمْ» معناه إتيان المرأة فى أى مكان، وذلك خطأ؛ لأن قوله: «نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ» يعنى محل استنبات الزرع، والزرع بالنسبة للمرأة والرجل هو الولد، فأتها فى المكان الذى ينجب الولد على أى جهة شئت.

ويتابع الحق: «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ» أى إياك أن تأخذ المسألة على أنها استمتاع جنسى فحسب، إنما يريد الحق سبحانه وتعالى بهذه اللذة الجنسية أن يحمى متاعب ما ينشأ من هذه اللذة؛ لأن الذرية التى ستأتى من أثر اللقاء الجنسى سيكون لها متاعب وتكاليف، فلو لم يربطها الله سبحانه وتعالى بهذه اللذة لزهد الناس فى الجماع. ومن هنا يربط الحق سبحانه وتعالى بين كدح الآباء وشقائهم فى تربية أولادهم بلذة الشهوة الجنسية حتى يضمن بقاء النوع الإنسانى.

ومع هذا يحذرنا الحق أن نعتبر هذه اللذة الجنسية هى الأصل فى إتيان النساء فقال: «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ»، يعنى انظروا جيدًا إلى هذه المسألة على ألا تكون هى الغاية، بل هى وسيلة، فلا تقلبوا الوسيلة إلى الغاية، «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ» أى ادخروا لأنفسكم شيئًا ينفعكم فى الأيام المقبلة.

إذن فالأصل فى العملية الجنسية الإنجاب. «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ» أى لا تأخذوا المتاع اللحظى العاجل على أنه هو الغاية بل خذوه لما هو آت.

وكيف نقدم لأنفسنا أو ماذا نفعل؟ حتى لا نشقى بمَنْ يأتى، وعليك أن تتبين هذه العملية فقدم لنفسك شيئًا يريحك، وافعل ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..

ساعة تأتى هذه النعمة وتقترب من زوجتك لابد أن تسمى الله ويقول: (اللهم جنبنى الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنى)، وعندما يأتى المسلم أهله وينشأ وليده فلن يكون للشيطان عليه دخل. وقال بعض العلماء: لا يمكن أن يؤثر فيه سحر، لماذا كل ذلك؟. لأنك ساعة استنبته أى زرعته، ذكرت المُنْبِتَ وهو الله عز وجل.

وما دمت ذكرت المنبت الخالق فقد جعلت لابنك حصانة أبدية. وعلى عكس ذلك ينشأ الطفل الذى ينسى والده الله عندما يباشر أهله فيقع أولاده فريسة للشياطين.

«وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ» أى قدموا لها ما يريحكم وما يطيل أمد حياتكم وأعمالكم فى الحياة؛ لأنك عندما تقبل على المسألة بنية إنجاب الولد، وتذكر الله وتستعيذ من الشيطان فينعم عليك الخالق بالولد الصالح، هذا الولد يدعو لك، ويعلم أولاده أن يدعوا لك، وأولاده يدعون لك، وتظل المسألة مسلسلة فلا ينقطع عملك إلى أن تقوم الساعة، وهنا تكون قدمت لنفسك أفضل ما يكون التقديم. وهب أنك رُزقت المولود ثم مات ففجعت به واسترجعت واحتسبته عند ربك، إنك تكون قد قدمته، ليغلق عليك بابا من أبواب النيران. إذن فكل أمر لابد أن تذكر فيه «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ». 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة