ممدوح الصغير
ممدوح الصغير


يوميات الاخبار

التجارة مع الله

ممدوح الصغير

الأحد، 18 يونيو 2023 - 07:28 م

عاد لمسقط رأسه وفكَّر بصحبة الرفاق فى مشروعٍ تجارى، كانوا تسعة اتفقوا على توزيع الربح على 10 أسهم، صاحب السهم العاشر الشريك الأعظم الله، سبحانه وتعالى

بعد أيام قليلة تهل علينا الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو، نجاحها أنهى حكم الإخوان، نحمد الله على خلاص مصر من حربٍ أهلية تقودنا لدمار شامل.. 30 يونيو حلمٌ تحقَّق، سِلمية الثورة أذهلت سكان الكون، ظهرت بوضوح المواقف البطولية والرائعة للقوات المسلحة المصرية، مُنقذة مصر وشعبها من مُخطط الخراب المُعَد من قبل جماعة الإخوان، والموقف المُشرِّف للقوات المسلحة كُتب بحروفٍ من ذهب فى دفتر أحوال التاريخ.


بعد نجاح الثورة كان الاستقرار الذى ولَّد النجاح فى ملفاتٍ عديدة، لم يكن هناك وقت للراحة، كانت خارطة الطريق دستورًا، ثم انتخابات رئاسية، تلتْها انتخابات برلمانية، وبدأت مسيرة بناء الدولة على أُسس علمية بعد الانتخابات الرئاسية.
الرئيس السيسى كان تخطيطه لمصر 2030 التى يحلم بها، أكثر من 65% من سكان مصر تحت سن الثلاثين، وتمت موافقة برلمان 2015 على أكثر من 800 قانون، ثم كانت مبادرة القضاء على فيروس سى التى استهدفت 70 مليون مواطن، تم الكشف عن 57 مليونًا، بخلاف 7 ملايين طالب، تلاها مبادرة 100 مليون صحة التى كانت من أجل صحة شعب مصر.


لم يكن هناك وقت للراحة بعد الانتخابات الرئاسية عام 2014، جهد كبير فى كل ملف، رغم مكائد أهل الشر اخضرَّت رمال الصحراء بزراعة مساحات كبيرة من المحاصيل تُدر عائدًا كبيرًا، حسب آخر ارتفاع صادرات المحاصيل الزراعية بنسبة 29% خلال أول 6 شهور من العام الحالى، التصدير لأوروبا فقط بأكثر من 350 مليون دولار، واستلمت وزارة التموين 3 ملايين طن قمح دفعت فيهم 35 مليار جنيه، وشهد الجميع بالإنجازات التى تمت فى مجال الطرق والمحاور التى وفَّرت كثيرًا من الوقت للمواطنين، ولا يزال العمل مستمراً من أجل إكمال بناء دولة عصرية على أُسس علمية، وقت قليل باقٍ على انتهاء العمل، المرحلة الأولى من مشروع حياة كريمة غيَّر شكل القُرى وصارت نموذجًا مصغرًا من المدن متكاملة الخدمات.


أحَبُّ الناس إلى الله
هل جربت التجارة مع الله وتُخصص جزءًا من أرباحك تُمنح لعباد الله فإن سعة رزقك كانت بسببهم؟
رسولنا الكريم أجاب سؤال سائلٍ: أىُّ الناس أحبُّ إلى الله؟ فقال: أحَبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله، سرور تُدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضى عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا. إذا كنت صاحب عِلمٍ ولم يفد علمك المجتمع الذى تعيش فيه، فلا قيمة لعِلمك، وإذا كنت من المشاهير ولم تغيِّر حياة مَنْ حولك بمشروعات خدمية، فشُهرتك لا نفع لها، عند صعود روحك للسماء ستكون مجهولًا بين سكان الجنة، لأنك لم تفد البشرية، ومالك ستُحاسب عليه حسابًا عسيرًا، مهما كانت ثروتك ولم تفد من حولك، فلا فائدة لثروتك، بعد أن تغافلت أن لله حقًا فيها. فى تاريخنا المعاصر نماذج عديدة تاجرت مع الله، فكتب الله لهم السِعة ببركة التجارة مع خالق العباد، هناك قصص مجهولة لبشر لهم خبيئة لا يعلمها سوى الرحمن.
فى تاريخنا المعاصر، شاهدنا منذ عدة سنوات جنازة صلاح عطية ومحمود العربى، بسبب عَملهما الخيرى للمجتمع، ودَّعهما لمثواهما حشودٌ كبيرة يصعب عدُّها.. صلاح عطية بدَّل حياة قرية تفهنا الأشراف فى سبعينيات القرن الماضى من فقيرة لقرية كبيرة عصرية، ومدارس متنوعة، وكليات جامعية كلها بالجهود الذاتية، مشواره فى التجارة مع الله بدأ بعد عودته من حرب أكتوبر المجيدة، وعاد لمسقط رأسه وفكَّر بصحبة الرفاق فى مشروعٍ تجارى، كانوا تسعة اتفقوا على توزيع الربح على 10 أسهم، صاحب السهم العاشر الشريك الأعظم الله، سبحانه وتعالى، كانت رحلة المكاسب المشروعة، ولم يتسلَّل الطمع بين الشركاء، بعدها تم رفع نسبة الشريك الأعظم لعشرين بالمائة، وبقية المكاسب تُوزع على الشركاء التسعة، تغيَّر نمط القرية وصارت أرضًا جاذبة للاستثمار، اتفق مع عمدة القرية على مجمع إسلامى لمدارس الأزهر، بعدها 3 كليات، ثم محطة سكة حديد، تعاون مع الدولة فى مشروعات خدمية تُدر نفعًا عامًا على المجتمع، تحت مظلة الدولة عمل فى المشروعات، إنشاء بيت مال لجمع الزكاة تحت تصرف الدولة.
أما الراحل محمود العربى، فكانت له حكايات عديدة فى جبر خواطر العباد، حسب ما يُروى عنه، منح مساجد عديدة كل الأجهزة الكهربائية مجانًا، غير أنه كان فى خدمة الدولة. حولنا مئات الشخصيات مثل صلاح عطية والحاج محمود العربى، اللذين تكريما لرحيلهما ضربتُ بهما المثل، نأمل زيادة الرقم لعشرة آلاف متاجر مع الله، حياة من حولنا ستتغيَّر للأفضل. فى رمضان الماضى بتضافر جمعيات العمل الأهلى التى تعمل تحت إشراف الدولة، أنفقت مليارات طائلة، مساعدات للأسر المحتاجة، لدينا مؤسسات وجمعيات وصناديق مُخصَّصة لمن يُريد أن يُتاجر مع الله، جميعنا مطلوبٌ منا التجارة مع الله بما نملك من فائضٍ، الصدقة لن تنقص من المال، ستحل عليه بالبركة والزيادة.
أسعدنى ما رأيته فى القرى لرعاية عددٍ من رجال الأعمال الشباب لمسابقات القرآن الكريم التى تُشرف عليها الجمعيات الخيرية، ورفع قيمة الجوائز، والأجمل الزفة التى تُقام للفائزين بعد أن يُطاف بهم القرية وسط فرحة صارت الناس تنتظرها كل عام.
هدية مصطفى أمين
رمضان أبو زيد، صاحب أغرب جريمة نصب حدثت فى مصر عام 1948، بعد أن باع الترام لأحد أبناء الريف كان فى مكتب مصطفى أمين الذى كان يعى طرافة القصة، والقُرَّاء فى تشوقٍ لمعرفة قصة نصاب الترام.
اتصل مصطفى أمين بصالة التحرير وقال لمن يُحدِّثه: مَنْ أنت؟ اصعد لمكتبى حالًا، مُستقبِل المكالمة صلاح قبضايا الذى صعد خلال ثوانٍ قليلة، رأى شخصًا نحيل الجسد كان جالسًا فى المكتب، نظر مصطفى أمين نحوه قائلًا: دا رمضان أبو زيد اللص الذى باع الترام، أود موضوعًا جاذبًا للقُرَّاء، وصف قبضايا اللحظة فى كتابه «اعترافات صحفية»، بأنه خرج والسعادة تصحبه، ومعه موضوع سوف يكون حديث الشارع، جلسنا معه فى صالة التحرير، للزحام طلب منى زيارته فى منزله بالمنيل فى المساء، فور وصولى عرفت أن المنزل خاصٌ بصديقة له.
القصة كما قالها اللص الذى نصب على تاجر المواشى حفظ الله سليمان، بأنه التقى به صدفةً فى محطة ترام قصر العينى، شعر من قلقه ونظراته أن حافظة نقود تمتلئ بالأموال معه، وفتح معه حوارًا عرف منه سبب وصوله للقاهرة، وتبادل الحديث وبدأ فى إقناعه أن تربية الماشية لا تُدر ربحًا، عليه التفكير بمشروع مكسبه سريع، عندما طلب منه ذلك، اختار له مشروعًا، قلت من باب المزاح اشترِ الترام، فأدهشنى تصديقه، فقررت إتمام البيع واصطحبته لمكتب محامٍ بالتحرير، ساعى المكتب الذى كان يعمل معرفتى، أعطيته جنيهًا لشراء سجائر وورق وكربون ودفتر كمبيالات فارغ، وحرَّرت العقد ومنحته نسخته، الصفقة كانت مائتى جنيه، منها ثمانون جنيهًا «مقدم» والبقية على أقساط شهرية، وانتظرنا ترام 17، ركبنا ومنحت الكمسارى خمسين قرشًا، وأخبرته بتجهيز الباقى فى آخر الخط، وبعد محطتين اقتربت من الكمسارى وقلت: أعطِ الفلوس لمن يجلس بجوارى؛ الذى كان يظن أنه سوف يحصل على الإيراد، وفى نهاية الخط اكتشف الخدعة وكان الخبر الذى أدهش القُرَّاء.
الموضوع اعتبره قبضايا هدية غالية من مصطفى أمين، كان نواة لكتاب مذكرات نصاب وعدد كبير من حكاياته تحوَّلت لأعمالٍ سينمائية.
العندليب  والسندريلا
بعد ساعات قليلة تحل الذكرى 93 لميلاد عندليب الأغنية العربية عبدالحليم حافظ، أشهر مطرب فى عالمنا العربى، رغم رحيله فى مارس 1977 لا تزال أغانيه تعيش مع أجيالٍ لم تُعاصره. شهرته ارتبطت بثورة 23 يوليو، حسب رواية الراحل فاروق إبراهيم، كبير مصورى أخبار اليوم، فقد كُلِّف بتغطية حفل أعياد الثورة التى يُشارك بها كبار المطربين، كان حسب البرنامج أن يُغنى عبد العزيز محمود أو عبد الغنى السيد، فاعتذر أحدهما.. وكان يوسف وهبى يبحث عمن يصعد للمسرح، فوجده أمامه وقال هل أنت مطرب؟ قال له عبد الحليم نعم.. وصعد ومعه 8 عازفين، محمد الموجى ظهر فى الحفل كعازف عود.. غنَّى فى هذه الليلة أغنية صافينى مرة من ألحان محمد الموجى وكلمات سمير محمود.. كرَّر عبد الحليم مقدمة الأغنية 7 مرات حتى يستحوذ على حُب الجمهور.. فى هذه الليلة قال عنه محمد عبد الوهاب إنه غول مسرح؛ لأنه استطاع الاستحواذ على حُب الجماهير، بعدها صار من المُقربين للرئيس عبدالناصر الذى اعتبره صوت ثورة 23 يوليو.


حقَّق عبدالحليم خلال 25 عامًا شهرة عريضة، وكان هدفًا للشائعات؛ أبرزها كانت مرتبطة بغرامه بسعاد حسنى، إذ ظهر من أكَّد الزواج، وتم النفى من أسرة عبدالحليم، وأقرب المقربين له، وكانت الصحف فى القرن الماضى تهتم بذكرى وفاته، كل عام نجد موضوعات عن قصة زواجهما بين النفى والتأكيد، ولأن الأقدار ربطت بينهما، كانت وفاة سعاد حسنى فى 21 يونيو عام 2001، وهو نفس يوم ميلاد عبدالحليم، ليُكتب اسمهما معًا فى دفتر أحوال التاريخ فى صفحة واحدة، بعد مئات الصفحات التى رصدت علاقتهما معًا.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة