محمد البهنساوى
محمد البهنساوى


حروف ثائرة

لماذا سقط الإخوان ؟ «3»

محمد البهنساوي

الإثنين، 19 يونيو 2023 - 07:38 م

نجح الإخوان فى تحقيق خطوة كبرى بطريقهم للاستيلاء على السلطة بعد تنحى مبارك، وبعد أن ركبوا موجة تظاهرات يناير ووجهوها لمصلحتهم، وليس مصلحة الوطن والمواطنين، فها هو مبارك قد سقط، ودان لهم حكم مصر، وتبدأ المرحلة الإنتقالية، ويبدأ معها فصل جديد من فصول الجماعة ملئ بالكثير مما فى جعبتهم من الخداع والانتهازية والاستغلال، ومنذ اليوم الأول لتلك المرحلة والجماعة تصعد ضغطها لتنفيذ خطتها فقط، ووجهة نظرها دون اعتبار أو نظر للقوى الثورية حتى من كانوا سببا فى انطلاق أحداث يناير وبلوغها ذروتها.


وكان الصدام الأول بين الإخوان وكافة القوى السياسية حول ترتيب إجراءات ما بعد تخلى مبارك عن الحكم للمجلس العسكري، فقد كان هناك شبه إجماع من القوى السياسية أن يتم أولاً وضع دستور توافقى للبلاد، ثم تبدأ الانتخابات التشريعية والرئاسية وبناء مؤسسات الدولة، وكانت تلك الخطوة كفيلة بوجود حد أدنى من حيادية الدستور الوليد ومراعاته مصالح الوطن وعموم المواطنين، وليس فئة واحدة، وهذا ما لا تتمناه الجماعة واذيالها، بل يريدون دستوراً «تفصيل على مقاسهم الضيق»، وليس رحبا بسعة صدر وأرض الوطن، فضغطوا لإعداد إعلان دستورى يتضمن وجهة نظرهم وعرضه للاستفتاء العام، ثم حشدوا المؤيدين كما قلنا، من اتباعهم المغيبين ومن المنتفعين بعطاياهم والمخدوعين بحديثهم الدينى المزيف، فكانت الموافقة على الإعلان الدستورى فيما اشتهر بموقعة الصناديق.
ولأن المجلس العسكرى ورئيسه وقتها الحكيم شديد الوطنية المشير طنطاوى رحمه الله، كان يمسك وقتها كرة نار ملتهبة، ولولا حكمة وصبر ووطنية هذا المجلس لانهارت مصر وذهب ريحها، وكان هدف المجلس قصر الفترة الانتقالية بقدر الإمكان حتى تبدأ مؤسسات الدولة العمل ويتفرغ الجيش لمهمته المقدسة بالدفاع عن الوطن وصون مقدراته ومؤسساته، وكالعادة سخرت جماعة الإخوان خلال تلك الفترة أبشع صفاتها من الانتهازية والاستغلال فى علاقتها بالمجلس العسكري، وحتى هذه اللحظة كانت قدرتها على الحشد قوية مع نجاح مخططها بإضعاف باقى القوى الثورية، وفى مقدمتهم الشباب النقي، وقد كان هتاف «الجيش والشعب إيد واحد» جاهزا إذا ما دان لهم المجلس العسكرى بما يريدون، وعندما يعارض رغباتهم الجشعة ينطلق هتاف «يسقط يسقط حكم العسكر» فى مظاهرات مليونية كانت أبشع صور انتهازيتهم.


نصل لإحدى أكاذيبهم الكبرى بالفترة الإنتقالية، فقد أقسموا خلال التفاوض على الإعلان الدستورى ألا ينافسوا إلا على ثلث مقاعد مجلس الشعب المنتظر، وإذا بهم يستحوذون منفردين على نصف المقاعد، ووصلت الثلثين بمقاعد أشباههم السلفيين وغيرهم، ليحصل هذا التيار على 356 مقعدا من 498 مخصصة للمنتخبين، وتبدأ إحدى أهم مراحل الجماعة طوال تاريخها وحلمها وغايتها منذ نشأتها، ليس فقط الاستيلاء على الحكم، بل اخونة المجتمع والسيطرة على كافة مفاصل الدولة، تلك المرحلة التحم فيها الغرور والتبجح بصفاتهم المتأصلة بالخداع والانتهازية، وبدأت الأخونة فعليا بسيطرة الجماعة وحلفائها على رئاسة المجلس ومكتبه ورئاسة وعضوية لجانه، ولم يكن شرطا ان يكون المسيطرون من الفاهمين الواعين لملفات كل لجنة، يكفى أن يكون إخوانيا أو سلفيا أو متعاطفا، ثم كان التربص بالحكومة الإنتقالية وإسقاطها أولى مهام المجلس الهجين، تمهيدا لحكومة إخوانية لإحكام السيطرة وأخونة أحد أهم مفاصل الدولة !!


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة