د. محمد أبوالفضل بدران
د. محمد أبوالفضل بدران


يوميات الأخبار

أهمية المجلس الوطنى للتعليم

د.محمد أبوالفضل بدران

الأربعاء، 21 يونيو 2023 - 11:34 م

كل الأسماء التى نحملها هى ما أطلقها الأغيارُ علينا ومن عجبٍ أننا ارتضيناها وحمَلْناها حتى ما بعد الموت

لدينا مجالس للتعليم؛ المجلس الأعلى للجامعات الحكومية وآخر للجامعات الخاصة وإدارة للمدارس، وكل مجلس يتخذ من القرارات ما يراه مناسبا لجامعاته وكُلياته دون الربط بين الجامعى وما قبله فالجامعات فى واد والمدارس فى وديان أخرى؛ المدارس تخرّج أعدادا بلا نظرة مستقبلية ودون حضور الطلاب فى المدارس الحكومية بل تحولت المدارس الحكومية الى أبنية خاوية، أطلال لا يؤمها الطلاب غالبا إلا فى فترة الامتحانات ولو كانَ الامتحانُ إليكترونيا فحبذا لو جلس الطلاب فى بيوتهم وامتحنوا فالنتائج واحدة، وكم كنتُ متفائلا أن يعود التلاميذ إلى مدارسهم الحكومية وتنتظم الدراسة لكن ذلك لم يحدث لاسيما مع طلاب الثانوية العامة، افتقرنا الموجه الذى يدخل الفصول ويسأل الطلاب ويشرح ويناقش، صار مرور المفتشين ورقيا فلا يدخلون الفصول لأنها خاوية خالية من الطلاب، هل أطلب من وزير التربية والتعليم عمل استبانة نستطلع فيها آراء مصححى إجابات طلابنا فى امتحانات الوزارة ، كيف تبدو أجوبتهم ، هل نِسَب النجاح صادقة؟ وهل ...وهل...؟ فهل يضع المجلس الوطنى للتعليم سياسة تعليمية واحدة منذ الروضة حتى الدكتوراه، يبحث فى فشل التعليم الفنى، ويجيب عن سؤال: لماذا يفتقد خريج التعليم الفنى المهارة فى النجارة والسباكة والكهرباء والكمبيوتر؟ يبحث المجلس فى ميزانية التعليم الفنى الضخمة، وهل يتدرّب الطلاب على الأجهزة والماكينات المُشتراة أم أنها مكدّسة فى كراتينها بمخازن المدارس، هذا المجلس الوطنى للتعليم ينظر فى أمور التعليم العالى والمدارس معا، ويبحث فى أسباب انصراف التلاميذ عن المدارس الحكومية وفى أسباب هجرة الطلاب إلى الجامعات فى الخارج ولاسيما روسيا وأوكرانيا والسودان! يبحث فى مخرجات التعليم والتوظيف ومدى حاجة الخريجين للتدريب.

يفكر هذا المجلس الوطنى فى نظام التشعيب بين الأدبى والعلمى وأعداد طلاب الكليات والربط بينها وحاجة سوق العمل الداخلية والخارجية لهؤلاء الخريجين؛ نأمل من هذا المجلس أن يضع لنا «روشتة» عودة تلاميذنا لمدارس بها مدرسون يشرحون وبها مناهج تواكب تطورات العصر وبتقنية حديثة، وبها مدرّسون لهم احترامهم أدبيا وتقديرهم ماليا، نود الإجابة عن سؤال لماذا تنجح المدارس الخاصة وتفشل مدارسنا الحكومية؟ نحتاج وصفة تنتج لنا مخرجات تعليمية جامعية تضاهى الجامعات المصنفة عالميا وتربط الخريجين بسوق العمل وتسد حاجة المجتمع فى العلوم الإنسانية والتطبيقية؛ إذا حقق هذا المجلس ما نصبو إليه ووضع لنا استراتيجية التعليم فسيصبح رائدا، دون ذلك سيكون نسخة من المجالس السابقة، وهذا ما لا نتوقعه ولا نحتاجه ولا نرتضيه.

أين تراث أمل غير المنشور؟

فى الندوة التى أقامها نادى الأدب بقصر ثقافة قنا برئاسة الدكتور سعيد الصادق بمناسبة مرور أربعين عاما على رحيل الشاعر الكبير أمل دنقل وتحدث فيها شقيقه أنس عن ذكريات الطفولة ورحلة أمل الشعرية بينما تحدث الدكتور سيد محمد على عن أهم قضايا شعر أمل لكنى فى مداخلتى طرحت سؤالين هل يجوز نشر أعمال الأديب التى لم ينشرها فى حياته؟ وهل من حق الورثة حجْب هذه الأعمال عن القراء؟ وأرى أن مكانة الشاعر أمل قد ترسّختْ ريادتُه فى رحلة الشعر العربى ولذا فإن نشر الأعمال التى كتبها ولم تُنشر فى حياته أصبحت واجبة لأن رحلة أمل الشعرية ومراحل تكوّن الموهبة والتفرد مرّت بخطوات لو أنها عُرفت ستكون مفيدة للنقاد والقراء كما أنها ستجلو غوامض فكره وتطوّر رؤاه الشعرية والنقدية، وهَبْ أن بها ضعفا فلن يؤثر على مكانته الراسخة لأنها بواكير عمله قبل أن يشتد عوده الشعرى ولذا فإن نشر هذه القصائد والمُسوَّدات جزء من تاريخه الشعرى كما ذكرت آنفا. حبذا لو أن النائب أنس شقيق الشاعر وهو الأديب والأستاذة عبلة الروينى زوجة الشاعر وهى الإعلامية القديرة نشرا مسرحية شعرية كتبها الراحل الكبير وبعض القصائد التى لم تنشر من قبل وقيل إنها دواوين وهذا واجب عليهما وحق لنا جميعا؛ وقى نهاية الندوة حكيتُ عن زيارتى للشاعر أمل مع القاضى إبراهيم رحمه الله وكيف استقبلنا فى شقته بمصر الجديدة وكان قد تزوج من الأستاذة عبلة الروينى وكيف صحّح لى قصائدى الشعرية وأثنى عليها ثم زرتُه فى الغرفة رقم 8 فى فترة العلاج وكان هذا آخر العهد به رحمه الله.

وقد شارك فى الندوة الشعراء أحمد حسن مراد وأحمد الشباط من قوص وحمدى حسين دشنا ومحمد إبراهيم نجع حمادى ود.سعيد الصادق ومصطفى جوهر وأشرف ناجى وسند أبو معين قنا والأديب يحيى عرندس قفط.

مَنْ مِنَّا سَمَّى نفسَه؟

كل الأسماء التى نحملها هى ما أطلقها الأغيارُ علينا ومن عجبٍ أننا ارتضيناها وحمَلْناها حتى ما بعد الموت لكن ما يخّفف الأمر أن آباءنا وأمهاتنا هم مَن أطلق علينا هذه الأسماء، كما أننا عند الموت يموت الاسم الذى اختاره غيرُنا ولذا فنحن نعيش فى هذه الدنيا بلا أسماء حقيقية وتموت أسماؤنا المزيفة.. لنبقى نحن العائشين بلا أسماء ويموت أغيارنا.. فلماذا لم نُسَمّ أنفسنا حتى نتعرَّفَ على ذواتنا؟

المشى على تراب المقابر

المشى على تراب المقابر يؤرّقنى، هذه مقابر الأحبة أبى وأمى وأقاربى وأصدقائى، أحس أن هذا التراب مضمخ بعطرهم وبأرواحهم، كان أبى رحمه الله يقول لى: عندما تدخل إلى أى مقبرة فقُلْ: «السلام عليكم يا أهل القبور، لا إله إلا الله فى السماء نور، لا إله إلا الله فى الأراضى تدور، لا إله إلا الله رحمة لكم يا أهل القبور» وكان يردف مفسرا: هذا ثواب للموتى وطلب مغفرة من الله لأننا نمشى بأحذيتنا فوق المقابر، كان يلف على قبور أقاربه وأولياء الله يناجيهم بصوت أسمعه كأنه يراهم، يتحدث معهم كأنهم شخوص أمام عينيْه ويقرأ آيات من القرآن جالسا قُرب كل قبر وعندما نهمُّ بالخروج يلتفت نحوى قائلا: لا تنس أن تقرأ سورة يس عندما تزورنى، أقول له: أطال الله عمرك يا أبى؛ هاأنذا أجلس بجوار قبرك وقبر أمى وأخواتى أناجيكم فيأتى أقاربنا من قبورهم يشاركوننا حكاياتنا ويُكملون معى سورة يس..

ليلى رفاعى: رحيل شاعرة

كم حزنتُ على رحيل الأخت الشاعرة ليلى رفاعى التى زاملتنى بالجامعة وكانت صوتا شاعريا امتلكت موهبة الإلقاء المعبّر عن الوطنية الصادقة والشاعرية المتمكنة أخلصت فى عملها العلمى والإدارى بالتربية والتعليم ووهبتْ الشعرَ حقه، لأسرتها الفاضلة ولزملائنا كل العزاء، وتبقى السيرة الحسنة الممتدة ويبقى الشعر.

شرائط المنشدين القدامى

مع ظهور المسجلات انتشرت ظاهرة شرائط المطربين والمُبتهلين والمُنشدين والشعراء، وكان الشريط له وجهان وكل وجه يسجّل نصف ساعة، وهذه الشرائط تعد ثروة صوتية، ومع انتهاء أجهزة الريكوردر وظهور الفيديو والتليفونات ذوات الكاميرات والتسجيلات اختفت أجهزة التسجيل العتيقة، لكن شرائطها ما تزال لدى أصحابها ومع مرور الزمن سيتلف معظمها ما لم يتحول إلى ديجيتال فهل نجد مؤسسة ثقافية تتولى هذا الأمر لنحفظ هذه الثروة من الزوال؟

فى النهايات تتجلى البدايات 

«غريبٌ أنا والرياحُ إذا ما رأتْكَ غريبًا تهبُّ»

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة