صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


30 يونيو| ثورة التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني

آخر ساعة

الجمعة، 23 يونيو 2023 - 04:28 م

■ كتب: هانئ مباشر

تظل ثورة 30 يونيو، واحدة من أهم أيقونات التاريخ المصري على مر عصوره، فهي بحق ثورة مجيدة سطرت خلالها جماهير أمتنا بإرادتها الأبية ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن، وبرهنت بعزيمتها القوية على أن الشعوب حينما تنتفض لا يمكن أن يقف أمامها عائق، وغيرت مجرى أحداث التاريخ المصري الحديث والمعاصر وكتبت بأحرف من نور ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطني المصري الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحقيقية والحديثة على كافة المستويات، ترتكز على دعائم قوية من التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني لمجابهة التحديات.

◄ د. محمود السيد: حركة «تمرد» كانت عابرة للطبقات والشرائح الإجتماعية

ثورة كان فيها ومازال حتى الآن التوافق الوطنى والشعبي فى عز أوجه وقوته.

الدكتور محمود السعيد، عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، يصف ما حدث قائلا إنه فى مشهد يعبر بامتياز عن توافق مجتمعى شديد، خرج ملايين المصريين للشوارع فى كل المحافظات بلا استثناء فى يوم 30 يونيو 2013، مطالبين بإسقاط نظام الحكم والحاكم، استجابة لدعوة شبابية كان عنوانها الرئيسى هو «التمرد» على نظام يستبعد كل القوى السياسية من المشهد السياسي، ما عدا الموالين للجماعة والمتحالفين معها من الجماعات الأخرى.

أضاف، أن هذه الدعوة الشبابية التى تصدرتها حركة «تمرد» كانت عابرة للطبقات والشرائح الاجتماعية المصرية، ولذلك وكعادتها دائما فى المواقف المماثلة، استجابت المؤسسة العسكرية لصوت الشارع المصرى المتوافق حول هدف واحد، وأمهلت فى بيانها يوم 1 يوليو 2013 جميع الأطراف 48 ساعة للاستجابة لمطالب المتظاهرين، وبعد انتهاء المهلة مع استمرار التظاهرات الرافضة للنظام ورأسه، اجتمعت القوى الوطنية مع قيادة القوات المسلحة المصرية لتصدر قرارات 3 يوليو 2013 المؤسسة لجمهورية جديدة فى مصر، حيث أعلن وزير الدفاع وقتها، الفريق عبد الفتاح السيسي، عن خارطة طريق لمستقبل مصر تشمل تعطيل الدستور، وتولى المستشار عدلى منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، رئاسة الجمهورية، بشكل مؤقت، لحين انتخاب رئيس جديد، وهى «الخارطة» التى قوبلت بترحيب ملايين المصريين الغاضبين، المتفقين على سقوط النظام وعزل رأسه وبداية مرحلة تاريخية جديدة من عمر الدولة المصرية، ولم تؤثر التحديات التى واجهت الدولة المصرية بعد ثورة 2013 فى «التوافق المجتمعي» لجموع الشعب المصري، فلم يخضع هذا الشعب العظيم فى أى لحظة منذ 30 يونيو 2013 لمحاولات كسر إرادته عن طريقين وهما نشر الإرهاب فى ربوع الوطن وإعاقة مسيرة البناء والتنمية، فقد استمرت جهود الدولة فى حصار الإرهاب واقتلاع جذوره من أرضنا الطيبة، وذلك جنبا إلى جنب مع جهود بناء الإنسان المصرى من خلال العمل على محاور رئيسية هى التعليم والصحة والاقتصاد، حيث كانت أولويات الدولة من بعد ثورة 30 يونيو المباركة هى بناء وتجديد البنية التحتية القومية وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى وتحسين صحة الإنسان المصرى من خلال حملات قومية كبرى مثل حملة 100 مليون صحة، والتى أدت إلى نتائج مبهرة فيما يخص بعض الأمراض الخطيرة التى عانى منها المصريون كثيرا مثل مرض الالتهاب الكبدى الوبائى المتسبب فيه فيروس «سي»، وأيضا العمل على تطوير منظومة التعليم والبحث العلمى ودفعها للأمام.

اختتم، وقد أدى تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي فى 2016 إلى نتائج اقتصادية رائعة بشهادة المؤسسات الدولية، لولا تعطيل مسيرة الإصلاح بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيراتهما المفزعة على اقتصادات كل دول العالم بما فيها الدولة المصرية.

◄ اقرأ أيضًا | بمناسبة عيد الأضحى وثورة 30 يونيو.. إقبال كبير على فروع ومنافذ «كلنا واحد» 

◄ ثورة مفصلية
الدكتور عبدالسلام السيد، أستاذ علم الاجتماع المتفرع بكلية الآداب بجامعة المنصورة، يحلل المشهد ما قبل ٣٠ يونيو وما بعدها قائلا إن مصر لأول مرة فى تاريخها الحديث تمر بثورتين كبيرتين فى فترة زمنية قصيرة، هى ثورات شعبية وبوعى من الشعب المصري، فى الأولى كانت الثورة على نظام مبارك نتيجة لتراكمات كثيرة تكونت طيلة ٣٠ سنة، قبل أن يسرق «قطيع» معين - ظهرت أطماعه السياسية فى تلك الثورة بل والوطن الذى حاولت طمس ملامحه وتمزيقه وخلال عام واحد كون الشعب المصري رأيه الحاسم تجاه هذا القطيع وسياساته التى كانت غريبة جملة وتفصيلا عن النسيج المصرى الذى نسج عبر آلاف السنين، فجاءت ثورة ٣٠ يونيو، ثورة حركها وقام بها الوعى الشعبي المصري الذى يعرف جيدا متطلبات حياته ويدرك من هو الحاكم والمحكوم وقواعد الدعم لهذا الوطن ومتى يصبح الدفاع عنه فرضا لا يمكن عدم القيام به، ثورة وصل فيها الوعى الشعبى والتوافق الوطنى إلى قمته، فكان استجابة الجيش المصرى - والذى هو فى قوامه وكون نسيجه أبناء مصر، وفى وجود قائد حمل كفنه لينقذ الوطن، فكان الالتفاف الشعبى العظيم وغير المسبوق.

أضاف، وفي التحليل السيسيولوجي الاجتماعي المتخصص، فإن هذا الوعى واجه محــاولات تلك الجماعة المحظورة لتزييف تاريخ مصر وتجـــريف حاضــرها، كما قاوم كل حيلهم الخبيثة لتشويه مؤسسات الدولة، وخاصة دور أبناء الجيش المصرى العظيم فى دعم ثورة 30 يونيو المباركة، والتى أنقذت مصر والإقليم والعالم أجمع من موجات عنف ودمار وإرهاب كادت تطيح بكل دول المنطقة تقريبا، وعى شعبى مازال حاضرا يقطع كل الطرق على الأعداء داخليا وخارجيا ويعلى المصلحة الوطنية، مضيفا أن ثورة 30 يونيو ليست فقط كاشفة عن الزيف والأباطيل التى روج لها جماعة الشر خلال الفترة القصيرة التى أمضوها فى حكم مصر، وإنما تعد ثورة مفصلية فى تاريخ الوطن صوبت مسارات الدولة المصرية الحديثة، وأماطت الغيوم والسحائب عن سماء مصر الصافية، وفتحت الطريق أمام قيادتها الوطنية لتضع على عاتقها بناء اللحمة الوطنية على ركائز مؤسسات دولة عصرية حديثة، ولولا وجود الوعى الشعبى لما تحمل الشعب المصرى الظروف التى مرت ومازالت تمر بها الدولة المصرية فى مرحلة إعادة بنائها من جديد وإصلاح ما أفسد فى الماضي.

◄ اكتشاف الوعي
ويقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن ٣٠ يونيو ٢٠١٣ كان تاريخا فارقا فى تشكيل وعى المواطن المصري، حيث إن «ثورة 30 يونيو» أعادت من جديد اكتشاف الوعى لدى المواطن والجمهور العام من خلال إدراكه لخطر جماعة ضد كل المجتمع وزادت من وعى المواطن، كما كان لها آثار إيجابية حيث إنها ساهمت فى رفع الروح المعنوية لدى الشعب وأعطته ثقة بنفسه، وأن الإصرار والإرادة والتكاتف الجماعى كانت الحل لعزل الجماعات الإرهابية من سدة الحكم والوقوف بجانب الدولة والوصول إلى الأهداف المرجوة، كذلك أثارت الثورة بعض الموضوعات التى كانت غائبة عن ذهن المواطن، حيث كان قبل ثورة 30 يونيو شبه مغيب عن الأحداث التى كانت تدور، ولكن مع بداية انطلاق الثورة تغيرت لديه مفاهيم كثيرة حول الجماعات الإرهابية، حيث إنه أصبح مدركا أن ليس هناك علاقة بين السياسة والدين وبدأ يدرك أن هناك دولة مؤسسات.

◄ تصحيح المسار
ويقول الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن العام الذى حكمت فيه «الجماعة» انحرفت فيه البلاد إلى منحنى فى منتهى الخطورة وشعر فيه المصريون بحالة من الإحباط لم يعتادوها من قبل، فالجماعة كانت لا تتحدث إلا لأعضائها أو للمنتمين أو للمتعاطفين معها ودون ذلك كانوا يعادون الأطراف الأخرى بل ويصفونهم بالكفار أيضا، وحاول المصريون تجاوز هذه الأزمات ولكن فى كل مرة كانت تتراكم الضغوطات بشكل أكبر، حتى وصل الأمر إلى مرحلة الانفجار وقرر الشعب القيام بثورته والخروج من المرحلة الحرجة التى شعر فيها أن الوطن يسرق منه لحساب الجماعة الإخوان أو مؤيديهم ومموليهم من الخارج، فكانوا يرفعون شعار أن مصر ممر لدولة الخلافة كل ذلك دفع الشعب إلى النزول للميادين وتوحيد هتافه واستعادة وطنه من يد أعضاء الجماعة الإرهابية.

أضاف، بكل تأكيد أن الوضع والمشهد قد تغير كثيرا بعد ثورة 30 يونيو وبدأت ملامح الوطن فى الظهور من جديد، وذلك أصبح واضحا للجميع من خلال عمليات الإصلاح لتى بدأت فى كثير من الملفات مثل السياسى والاقتصادى والتعليمي، وهى ملفات وقضايا لم يكن أن يبدأ العمل فيها لولا الاصطفاف الوطنى والوعى الشعبى ووقوفه خلف قيادة الوطن ودعم مؤسسات الدولة.

◄ بناء الوطن
ويشير الدكتور على الدين القصبي، أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة جنوب الوادي، إلى نقطة فى غاية من الأهمية وهى أن تاريخ الجيش المصرى ليس بسيطا، فهو مكون من نسيج الشعب المصري، ومقدر له أن يكون فى الطليعة ويفكر فى مستقبل مصر، لذلك استطاعت قيادته فى ثورة 30 يونيو أن تقرأ النص التاريخى قراءة جيدة ومختلفة وصحيحة، حيث لم يكن هناك تردد أو أى نوع من المواءمة، مضيفا أن نمط الدولة الدينية أدى لتفكيك المجتمع المصرى فهو ليس من نسيجه، والشعب المصري رفضه والجيش ساند الشعب، لذلك أسقطت 30 يونيو مفهوم الدولة الدينية بإرادة شعبية، كما تم وضع خارطة طريق ولم تترك الأمور بشكل عشوائى حتى لا تتكرر أخطاء ٢٥ يناير بل تم تنظيم كل الخطوات اللاحقة بموافقة جميع قوى الشعب، ولم يكن هناك مساحة للخلاف، من أجل إعادة بناء الوطن من جديد.

◄ عودة الروح
ويرى الدكتور أحمد مصطفى، رئيس المركز الدولي للدراسات والعلوم، أن عودة الروح والهوية المصرية كان من أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو، تلك المعجزة الربانية التى وهبها الله لأمتنا المصرية ووفقنا فيها وفى تحقيق الخلاص من ذلك الحكم الفاشي، والتى لم تكن لتتحقق دون إرادة شعب وتضحية قائد وزعيم لهذه الأمة الكبيرة، والتى بفضلها حققنا عددا من الإنجازات ما تشبه المعجزات فى غضون سنوات قليلة بالمقارنة بما تحقق، كما أن عودة الأمن والاستقرار لمصر كانت من أهم تلك المكتسبات والتى بنى عليها الكثير والكثير من تلك الإنجازات، فلا اقتصاد دون استقرار، ولا استثمار دون أمن، وكان ذلك هو التحدى الأكبر الذى واجه الأمة المصرية بعد عام الإخوان الأسود، الذى سيظل نقطة سوداء فى تاريخنا، وما تنعم به مصر من أمن وأمان واستقرار على كافة المستويات جاء نتيجة تضحيات كبيرة بذلتها القيادة السياسية منذ انضمت لمطالب المصريين منذ البداية ووقف صلدا إلى جوار شعبه، مرورا بحرب ضروس ضد الإرهاب الأسود الذي أراد النيل من مصر والمصريين وعزيمتهم، ثم التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية وبناء دعائم الدولة المصرية عبر استكمال بناء المؤسسات.

أضاف، ثم إن انعكاسات الاستقرار وعودة الثقة الدولية فى قدرة الدولة المصرية وما نراه من استقبال حافل للرئيس عبدالفتاح السيسى فى كافة لقاءاته الدولية يعكس حجم ما حققته الدولة فى عهد الرئيس السيسي.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة