صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


ذا ديبلومات: الأزمة الأوكرانية وإيران عقبتان أمام النقل الدولي بين الشمال والجنوب

أ ش أ

الأحد، 25 يونيو 2023 - 02:36 م

رأت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية، المتخصصة في الشأن الآسيوي، أن تنفيذ ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC)، الذي سيربط الهند وروسيا وإيران، يواجه العديد من العقبات، تأتي في مقدمتها الموقف الغربي من روسيا وإيران، ورؤية الهند للتنمية الاقتصادية المعتمدة في الأساس على جذب شركات وتقنيات الغرب التكنولوجية.

وأشارت "ذا ديبلومات" إلى الكتابات العديدة التي ناقشت إمكانات ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب (INSTC) في تغيير قواعد اللعبة الجيوسياسية، كما يرى بعض المحللين في الهند أن هذا الممر بديل أفضل وأكثر عدالة من مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين، موضحة أن الممر، وفق ما هو مخطط، سوف يمر من روسيا عبر بحر قزوين إلى أذربيجان ثم إلى إيران، ثم عبر بحر العرب إلى الهند.

اقرأ ايضاً| مصرع شخصين إثر تحطم طائرة خفيفة في ضواحي موسكو

ولفتت الدورية الأمريكية إلى أنه على الرغم من الطموحات الكبيرة إلا أنه تم إحراز تقدم ضئيل في استكمال مشاريع السكك الحديدية والطرق المختلفة المرتبطة بهذا الطريق التجاري الضخم، مشيرة إلى رفض الهند الامتثال الكامل لأنظمة العقوبات التي يقودها الغرب ضد روسيا.

وفي هذا الصدد، رأت "ذا ديبلومات" أن روسيا أعادت الزخم حول آفاق ممر INSTC كبديل قابل للتطبيق لكل من طرق التجارة التي تهيمن عليها الصين والغرب بين أوراسيا والأسواق المزدهرة في جنوب وجنوب شرق آسيا.

وأوضحت أن ممر النقل الدولي سيوفر للهند وإيران وروسيا طريقًا تجاريًا أقصر مع توفير حلول وخيارات أوسع، ففي حالة الهند، سيسمح الممر لنيودلهي بتجاوز باكستان والوصول إلى أسواق آسيا الوسطى، حيث تعزز الشركات الصينية وجودها بسرعة، وبالنسبة لإيران وروسيا يمكنهما الممر من حماية نفسيهما بشكل أفضل من العقوبات التي يقودها الغرب فضلا عن تحفيز النمو الاقتصادي وتسريع تحركهما نحو التخلص من التعامل بالدولار.

لكن الدورية الأمريكية أشارت في الوقت نفسه إلى أن هناك تحديات تعيق تعاون الدول الثلاث لاستكمال الممر، من بينها تنوع تصورات التهديدات والمصالح والأولويات الاستراتيجية، ومحدودية مواردهم المالية.

وبحسب "ذا ديبلومات"، فإن أول هذه التحديات يتمثل في اختلاف وجهات نظر البلدان الثلاثة حول الصين؛ فبينما تولي الهند أهمية لممر (INSTC) كبديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية، وتنظر إلى بكين كمنافس استراتيجي، فإن طهران وموسكو لديهما تصور أكثر تفاؤلاً، موضحة أنه في هذا السياق، وبالنظر إلى عزلة إيران وروسيا المتزايدة على المسرح العالمي، فمن غير المرجح أن يدعم أي منهما، ناهيك عن المشاركة، أي مسعى يهدف إلى تقويض "الأجنحة الاستراتيجية المتنامية للصين".

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن روسيا تشترك مع الهند في بعض مخاوفها بشأن النفوذ الصيني المتنامي بسرعة في آسيا الوسطى، فإن موسكو "لا تتحمل.. والأهم من ذلك أنها لا تستطيع التعامل مع بكين كمنافس استراتيجي"؛ نظراً لعزلتها على الساحة العالمية ووضعها الاقتصادي السيئ الذي لا يمكنها من استعداء الصين، وبالتالي ستمتنع عن المشاركة في المشروعات التي تهدف إلى تقليص الوجود الاستراتيجي المتزايد للصين، بحسب الدورية الأمريكية.

وأضافت أن وضع إيران لا يختلف كثيرا عن وضع روسيا؛ مما سيجعل طهران حذرة من تحويل ممر INSTC إلى بديل لمبادرة الحزام والطريق الصينية، لأسباب ليس أقلها أنها وقعت اتفاقية استراتيجية طويلة الأجل مع بكين، مشيرة إلى أن مصداقية الهند لدى صناع السياسة الإيرانيين تقلصت بسبب امتثال الهند للعقوبات التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2017 على طهران، والتزامها غير المكتمل بمشروع منطقة التجارة الحرة في "تشابهار"، وعلاقاتها سريعة النمو مع إسرائيل.. وهو ما اتضح في إبطال عقد الشركات الهندية لخط سكة حديد "تشابهار – زاهدان" وكذلك استبعادها من عملية تقديم العطاءات لتطوير حقل غاز "فرزاد بي"، كما أنه مع توسيع بكين وطهران لتعاونهما الدبلوماسي ليشمل مبادرات إقليمية مشتركة وتعميق علاقاتهما الدفاعية والأمنية، ستتردد طهران في المشاركة في أي مبادرات من شأنها أن تعرض المصالح الاستراتيجية للصين للخطر.


وأوضحت الدورية الأمريكية أنه إلى جانب ذلك يمكن النظر إلى التوجه الاستراتيجي المتنامي للهند، عبر دفعها لتفعيل ممر INSTC، في بعض جوانبه، على أنه مسعى مناهض للغرب يهدف إلى دعم اثنين من أعداء الغرب الرئيسيين وهما: إيران وروسيا.


وأشارت إلى أنه مع تنامي نفوذ الهند الاستراتيجي، تحتاج نيودلهي إلى أن تكون واقعية بشأن موقعها وثقلها في السياسة الدولية، إذ أنها لا تزال بعيدة عن مكانة "القوة العظمى" التي تسعى لها.


ورأت "ذا ديبلومات" أنه من الناحية الاستراتيجية ، فإن الإصرار على استكمال ممر INSTC واتفاقية التجارة الحرة مع روسيا يمكن أن يضعف مكانة الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ويكلفها عضويتها في الحوار الأمني الرباعي "كواد" (حوار إستراتيجي غير رسمي بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند)، مضيفة أنه على الرغم من أن رغبة الولايات المتحدة في جذب الهند بالقرب من مدارها يضع الأخيرة في موقف تفاوضي قوي، إلا أن المسؤولين الهنود يتعين عليهم توخي الحذر حتى لا يبالغوا في تقدير أوراقهم.


وأوضحت أن الهند تحتاج، لتنفيذ رؤية رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتحويل بلاده إلى قوة تكنولوجية كبرى، إلى الحفاظ على قدرتها على الوصول إلى التقنيات الغربية والشركات التكنولوجية وجذبها والاحتفاظ بها؛ مما يعني أن دفع مبادرات يمكن اعتبارها ضارة بالمصالح الغربية يمكن أن يعرض، بشكل مباشر وغير مباشر، تحقيق تلك الرؤية للخطر؛ لاسيما وأنه يمكن لبرنامج التحديث العسكري للهند أن ينال دفعة كبيرة من التعاون الوثيق مع المطورين الغربيين، لكن بشرط أن تستفيد نيودلهي من رغبة العواصم الغربية في اجتذابها بعيدا عن فلك روسيا من خلال توسيع نطاق علاقاتها الدفاعية.


واختتمت الدورية الأمريكية بالقول إنه حتى يصبح لدى ممر النقل الدولي أي فرصة حقيقية للتحول إلى طريق تجاري كامل؛ يجب أن يعود هذا الممر بالفوائد ليس فقط على الدول الأساسية الثلاث ولكن أيضًا على بعض، إن لم يكن جميع، حلفاء الهند الديمقراطيين. وحتى يحدث ذلك، تحتاج الهند أولا إلى اقتراح حل يساهم في إنهاء الحرب الجارية في أوكرانيا، فضلا عن تليين المواقف السياسية الداخلية في إيران لـ"تبدأ طهران في التصرف كدولة لا قضية" كما قال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة