نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

الثقافة هى الحياة

نوال مصطفى

الثلاثاء، 27 يونيو 2023 - 08:32 م

«الهدف الأول لهذه الاستراتيجية هو أن تكون الثقافة هي المشروع القومى لمصر، يحدد له برنامج زمني، وهدف رئيسي، ومجموعة أهداف محددة»..

تهل علينا نفحات عيد الأضحى المبارك، تتجلى روحانيات تلك الأيام الخاصة، يتوجه حجيج بيت الله إلى مكة المكرمة، ليؤدوا فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلا، يصوم الناس يوم عرفة تضامنا مع إخوانهم الذين يقفون على الجبل، يرمون الجمرات، يبتهلون إلى الله بالغفران والتوبة: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك».

تكبيرات صلاة العيد ترتفع بأصوات المسلمين فى كل مكان، تنطلق الدعوات من القلوب، تطلب الستر، الصحة، وراحة البال. توزيع اللحوم والأضحيات على البسطاء والمحتاجين مشهد جميل، يشعرك بعظمة هذا الشعب، وقدرته على التضامن والتكاتف. ندعو لأنفسنا، وبلدنا الغالية مصر أن يمن الله علينا بالخير والأمن والاستقرار. اللهم آمين. وكل سنة ونحن جميعا طيبون.

الموضوع الأهم

الحديث عن قوة مصر الناعمة التى تتمثل فى عظمة تاريخها، وغنى تراثها، وكنوزابداعاتها على مر التاريخ، ما تمتلكه من تراث فنى لرموزها من الكتاب، والفنانين هو بلاشك حديث ذو شجون. كيف يمكن استعادة تلك القوة وذلك التأثير؟هذا السؤال كان المحور الرئيسى للجلسة «الأهم» فى الحوار الوطنى من وجهة نظرى، وهو ما افتتح به الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الأسكندرية مقرر الجلسة الحوار، ثم دعا المشاركين لتقديم رؤاهم لمستقبل الثقافة فى مصر، واقتراحاتهم لكيفية مواجهة التحديات التى تقف أمام نهضة مصر الثقافية.

كان لى الشرف أن تلقيت دعوة كريمة من الأمانة الفنية للحوار الوطنى للمشاركة فى جلسة لجنة الثقافة والهوية الوطنية، ولأن الثقافة هى الموضوع الأثير عندى، ذهبت أحمل أفكارى وأحلامى بعودة قوة مصر الناعمة إلى شموخها، وتأثيرها العميق ليس فى المجتمع المصرى فحسب، بل المجتمع العربى كله.
هذه الجلسة جمعت نخبة من المثقفين والفنانين والكتاب وقيادات المؤسسات الثقافية، استمعت خلالها إلى آراء محترمة واقتراحات ممتازة، و إشارات إلى المشاكل التى تواجه القائمين على المؤسسات الثقافية. منها ما قاله الدكتور طلعت عبد القوى رئيس الاتحاد العام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، حول قلة بل ندرة الجمعيات الأهلية التى تعمل فى مجال التنمية الثقافية، رغم أن هناك أكثر من 4500 قرية فى محافظات مصر المختلفة محرومة من الخدمات الثقافية من مسرح، سينما، فنون شعبية، معارض كتاب، وغيرها.

كذلك أثارت الكاتبة كريمة كمال مشكلة مهرجان القاهرة السينمائى  كذلك تكلمت عن أسعار تذاكر السينما التى اصبحت مرتفعة. وتكلم محمد عبد المنعم الصاوى عن ضرورة مراجعة حزمة القوانين المنظمة للعمل الثقافى  و يجب أن ننظر إلى الموضوع بشكل هرمى، وندرك أن قاعدة الهرم هى الأهم..
وقال الفنان الدكتور فريد النقراشى كلاما مهما حول ضرورة أن نستعيد دورنا كمثقفين فى بناء فكر الشباب. وتحدث الأديب يوسف القعيد عن الأمية باعتبارها العدو الأول للثقافة، وكانت كلمة الفنان محمد صبحى مؤثرة وعميقة عندما قال: كان لدينا 28 مسرحا فى القاهرة وحدها، الآن تحول معظمها إلى محلات أحذية.

الثقافة والهوية

أثناء مشاركتى فى الجلسة، كان لابد أن أقفز إلى التوصيات مباشرة دون مقدمات، فالوقت المتاح لكل متحدث هو أربع دقائق فقط. طالبت بالعمل على تأسيس استراتيجية ثقافية لمصر، لا تكون وزارة الثقافة وحدها هى المسئولة عن كتابة أهدافها وتوجهاتها، بل تشارك كل الوزارات ومنها التعليم والتعليم العالى والشباب والرياضة والإعلام والأوقاف والمالية والتخطيط، كذلك يجب مشاركة منظمات العمل المدنى، والقطاع الخاص. الهدف الأول لهذه الاستراتيجية هو أن تكون الثقافة هي المشروع القومى لمصر، يحدد له برنامج زمني، وهدف رئيسي ومجموعة أهداف محددة، تجدد كل خمس سنوات مثلا، ويكون لها مخرجات واضحة.

قلت: كذلك يجب زرع الثقافة فى مناهج التعليم، ليس من خلال المناهج الدراسية فحسب، بل بعودة حصة القراءة كحصة رئيسية، وزيادة الدرجات المخصصة لهذا النشاط المدرسى، والتحفيز والتقدير للمتفوقين ثقافيا على غرار المتفوقين رياضيا، ومراجعة المناهج حتى تواكب العصر، وتتمشى مع الخطة الاستراتيجية لإحياء الثقافة المصرية.

وضربت المثل بمسابقة تحدى القراءة التى تقيمها إمارة دبى، لماذا لا نقيم مسابقة مثلها فى مصر؟.

فى البرازيل هناك تجربة ملهمة ابهرتنى فعلا، هناك تخفض عقوبة السجن للمحكوم عليه سنة كلما قرأ خمسة كتب بعمق واستفاد مما قرأ.

الإعلام طبعا شريك أساسى فى تلك الاستراتيجية المبتغاة، كان عندنا فى زمن ليس بعيدا برامج ثقافية عالية المستوى تحظى بجماهيرية واسعة، ومنها: نادى السينما، جولة الكاميرا، لغتنا الجميلة، وغيرها من البرامج الثقافية التى تثرى عقل المشاهد، وتسمو بروحه. لماذا لا نرى نسخا عصرية تناسب شباب اليوم من هذه البرامج الهادفة؟

الدراما كذلك لها أهمية قصوى، أين المسلسلات التى تعرف شبابنا برموز وشخصيات ملهمة فى تاريخ مصر سواء الحديث أو القديم؟، لدينا قصص واقعية مبهرة، تمتلك كل عناصر التشويق والدراما، وقادرة على جذب الشباب لمشاهدتها إذا ما تم انتاجها بحرفية واتقان. وفى النهاية طالبت بتفعيل دور قصور الثقافة فى كل محافظات مصر خاصة المحرومة من الخدمات الثقافية، وضرورة دعم الدولة للسينما لتقديم أفلام تليق بتراث مصر السينمائى وفنها المحترم.
أتمنى للحوار الوطنى التوفيق والنجاح والوصول إلى مخرجات واضحة، وتوصيات تحمل آليات تنفيذها، وهذا فى رأيى يجب أن يكون أهم نتائج الحوار، فهذا الحراك الفكرى يأتى فى مرحلة مهمة فى تاريخ مصر وسط تحديات داخلية وإقليمية ودولية صعبة.

كما أتمنى أن تتبنى الدولة الثقافة، وتثمن دورها وتوفر لهذا المشروع كل الدعم، فالثقافة هى الحياة، نبذ العنف ثقافة، قبول الآخر ثقافة، اتقان العمل ثقافة، احترام الوقت ثقافة، احترام الطريق ثقافة، البحث عن حلول للمشاكل بدلا من الشكوى وندب الحظ ثقافة، الانتماء والتمسك بالهوية ثقافة. إذا أردنا أن نبنى مصر المستقبل فلا بديل عن الثقافة كمشروع قومى لمصر تنتعش فى سياقه قوتها الناعمة، وتتألق كنوزها البشرية المعجونة بالفن، الفكر، والإبداع.
صناع الأمل

استدعى تلك اللحظة النورانية، أعيش مشاعر تتأرجح بين الحقيقة والخيال، أسائل نفسى هل كنت فعلا هناك؟ أرى الأضواء القادمة من الثريات والكشافات الضخمة تبهرنى، هل كانت مصدر الضوء الوحيد الذى لفنى فى سحابة الحلم، أم كان ذلك النورغير المرئي، الذى يسطع داخلى ويضئ روحى؟ المسرح ممتلئ عن آخره بكبار الشخصيات الرسمية، الأهلية، والشعبية، هالة من الرهبة الممزوجة بالفرحة والترقب، الفنان الرائع حسين الجسمى، المفضل عندى يصدح بأغنية خرجت خصيصا لإحياء هذا الحفل الخاص جدا لتكريم «صناع الأمل» فى الوطن العربى والعالم كله.

مراحل عديدة مررت بها، مقابلات عديدة مع أكثر من لجنة تحكيم، والإجابة على أسئلة عميقة ومهمة تحلل مشوارى مع القضية التى وهبتها عمرى أطفال السجينات وسجينات الفقر، أعضاء لجان التحكيم أصحاب قامات رفيعة، معظمهم من الشخصيات العامة المرموقة فى مجال الإعلام، والدراما، والوزراء، وقيادات مؤسسة صناع الأمل.

بعد كل هذا تحين اللحظة، نصعد نحن المرشحين للفوز بالجائزة الرفيعة على المسرح بمدينة دبى للإعلام، يعرض فى البداية فيلم قصير جدا مدته دقيقتان، يحكى مشوار كل منا مع القضية الإنسانية التى منحها عمره، فكره وإخلاصه.

حفل مبهر، وكأنه معد لتكريم أبطال، أشخاص فوق العادة، هكذا يراهم صاحب الفكرة التنويرية الاصلاحية الفريدة، سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لذلك بحث عن البشر الحقيقيين، أصحاب الرسالات الإنسانية الذين صنعوا أثرا فى قضيتهم، سخر كل امكانيات البحث والتدقيق والتقصى حتى يصل إليهم، ثم يعطيهم دفعة قوية من التقدير، التكريم، والمساندة لاستكمال المشوار.

استدعى تلك اللحظة بكل تأثر وامتنان لسبب بسيط، وهو أننى لم انتظرها أبدا، ولم أفكر فى يوم من الأيام أننى سأكافأ بسببها، إلا من الله سبحانه وتعالى. والآن تعلن مبادرة «صناع الأمل» إطلاق «الموسم الرابع» للجائزة الفريدة من نوعها، النبيلة فى فكرتها وأثرها، أتمنى أن نرشح جميعا أى إنسان نرى فيه هذه المواصفات الإنسانية النادرة، ونسجل اسمه فى مسابقة «صناع الأمل». هؤلاء الذين يخرجون من حدود دائرتهم الخاصة، ويفكرون لإنقاذ بشر غيرهم يحتاجون لمن يبدع أفكارا خارج الصندوق لحل قضيتهم، والخروج بهم من سجن اليأس. شكرا «صناع الأمل» فى كل مكان على هذه الأرض.
حكايات وأخبار:

اصرار الفنان العالمى توم كروز على أداء المشاهد الخطرة بنفسه، دون الاستعانة بدوبلير شيء مذهل فعلا، هناك فيديو تم تصويره أثناء قيامه بالقفز من أعلى قمة مبنى فائق الارتفاع، وسط خوف ورعب طاقم التصوير والمخرج نفسه، فى فيلم mission impossible الجديد. فعلا يستحق لقب أغلى نجم فى العالم.

غرق الغواصة تيتان بركابها الخمسة، وهم من أغنى رجال العالم، رسم علامة استفهام كبيرة أمام المتابعين للخبر فى العالم كله، فقد دفع كل منهم ثمنا باهظا للقيام بهذه المغامرة (250 ألف دولار للتذكرة الواحدة). المفترض أن الغواصة وصلت إلى نقطة عميقة جدا فى المحيط الأطلنطى، على عمق أربعة آلاف متر بحثا عن حطام السفينة الأشهر فى التاريخ «تايتنك» وكأن لعنة غرق السفينة الأم انتقلت إلى المغامرين الخمسة الذين حاولوا تقفى أثرها!.

انهيار عمارة الإسكندرية بحى المنتزه، يوم الإثنين الماضى، قبل عيد الأضحى بيومين، وشهادات الناجين من الحادث المأسوى، تشير إلى أن فساد المحليات مايزال يمارس جرائمه، والنتيجة يدفع ثمنها أبرياء يفقدون حياتهم، أو يضيع كل ما لديهم تحت الأنقاض. التصدى لهذا الفساد القديم ضرورة للحفاظ على أرواح العباد، وحفظ الحقوق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة