ثورة 30 يونيو - صورة أرشيفية
ثورة 30 يونيو - صورة أرشيفية


ثورة 30 يونيو| الجيش والشعب «إيد واحدة».. علاقة فريدة من نوعها عبر عقود طويلة

آخر ساعة

الجمعة، 30 يونيو 2023 - 03:53 م

■ كتب: هانئ مباشر

الجيوش هى سند الأمم والشعوب، وسياج أمنها الذى يحميها فى سلمها وحربها، ودوما كانت قوة مصر وشعبها من قوة وعزة جيشها، فهو جيش الشعب ومن الشعب وإلى الشعب.. وعلاقة الجيش والشعب علاقة فريدة من نوعها بين شعب أبى وجيش يمثل نموذجا للمؤسسة الوطنية التى تدرك مهمتها وتؤديها على الوجه الأكمل ولا تحيد عنها.
وتؤكد حقائق التاريخ القديم والحديث ووقائع ومعطيات الحاضر صدق مقولة إنهم خير أجناد الأرض وأنهم فى رباط إلى يوم الدين، وما إن يشكك البعض فى ذلك حتى تأتى الوقائع لتؤكد تحقيقها ومصداقيتها، وجاء موقف الجيش المصرى العظيم المساند والمؤيد والحامى ثورة الشعب المصرى العظيم فى ثورة 30 يونيو، ليثير دهشة البعض ممن لا يعرفون طبيعة هذا الشعب وخصائصه وممن يجهلون عقيدته. فهم لا يعرفون أن الجيش المصرى على مدار تاريخه جزء لا يتجزأ من شعب مصر العظيم، وأن من أسباب قوة هذا الجيش أنه يعتمد على المصريين أبناء الأرض الطيبة.

◄ لا يكره المؤسسة العسكرية إلا خائن لدينه ولوطنه

◄ الجيش المصري دائم التطوير مع متغيرات أى عصر

الدكتور عبدالمقصود باشا، أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة بجامعة الأزهر، يقول: جيش مصر هو خير أجناد الأرض كما أخبر الصادق الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الخيرية جاءت لأسباب عديدة، لأن جنود الجيش المصري نبت طيب لأرض طيبة ذُكرت فى الكتب المقدسة مرات عديدة تصريحا وتلميحا، فأرض كأرض مصر بكل هذه القيمة عند الله تعالى أفلا تنبت خير أجناد الأرض؟

ولأن مصر هى الدولة الوحيدة فى التاريخ والجغرافيا التى لم تتغير سمات وصفات أهلها، فكل المحتلين والمستعمرين لأرضها على مر التاريخ أثرت فيهم مصر ولم يستطيعوا تغيير هويتها، بخلاف ما فعله الاستعمار فى كل البلاد التى احتلها، وكل الأحداث التى مرت بها مصر وانحاز فيها الجيش إلى الشعب، أكدت أنه لا يكره ولا يحقد على تلك المؤسسة العظيمة إلا خائن لدينه ولوطنه، فتاريخ الجيش المصرى يشهد من خلال معاركه بأنه الجيش الوحيد الذى حفظ الأمة الإسلامية والعربية وليس مصر فقط من الضياع على أيدى التتار عندما قضوا على معظم دول الخلافة العباسية وانتصر المسلمون عليهم فى معركة عين جالوت، وجيش مصر هو الذى حرر بدماء جنوده القدس، وعندما أراد محمد على بناء دولة قوية فى مصر أصاب الهدف وكبد الحقيقة بفطنته فى بناء جيش قوى لمصر، ليكون أول لبنة فى مشروع الدولة القوية، كما أن جيش مصر هو الجيش الوحيد الذى انتصر على الاحتلال منذ عدة عقود، فلا عجب أن تشن الحملات وتوظف القوى الدولية وعملاؤها فى المنطقة حملات التشويه لهذا الجيش.

إن الجيش المصري هو الجيش الوحيد فى المنطقة بل العالم الذى بينه وبين الشعب حالة من التوحد والحب، نظرا لأن جميع أفراده من الشعب فلا وجود لمرتزقة فى صفوفه ولا وجود لأفكار استعمارية أو عقائدية بين صفوفه منذ نشأته، فلم يسع الجيش المصري على مدار تاريخه لاستعمار دولة أو نشر مذهب أو محو عرق، وأى هزيمة يتشدق بها الكارهون للجيش المصرى ما هى إلا كبوة سرعان ما يبدلها بنصر تاريخى يتغير معه مسار التاريخ والجغرافيا فى العالم كله.

إن المتأمل لتفاصيل التاريخ وأحداثه سيجد أنه ليس بغريب تلك العلاقة ما بين الشعب والجيش المصرى خلال ثورة ٣٠يونيو، فالشعب المصرى يكن الاحترام الكامل وعلى مر العصور لجيشه الوطنى، هكذا يشرح لنا «الدكتور محمد عثمان.. أستاذ التاريخ والعميد السابق لكلية الآداب بجامعة بورسعيد» طبيعة تلك العلاقة الوطيدة الدائمة بين الشعب المصرى وهذه المؤسسة العظيمة عبر العصور.

◄ اقرأ أيضًا | «عظيمات مصر» وقود الثورة | أشعلن شرارة الغضب ضد الجماعة الإرهابية

فهذا الجيش العظيم يعد أول جيش نظامى فى التاريخ، وكان ومازال جيشا وطنيا موحدا، لم يعرف عبر تاريخه المجيد معنى الطائفية أو العنصرية العرقية أو الدينية أو الطبقية.
فهذا الجيش أعطى الكثير من الدروس والعبر رغم ما مر به من محن ونكبات فى بعض الفترات، ومنها أنه لا يمكن أن ينكسر، حيث اكتسب على مدار تاريخه قدرات هائلة على الصمود والنهوض مجدداً بعد كل كبوة..

وما يزيد من قيمة وشرف الجيش المصري أن عقيدته تقوم فى الأساس على الدفاع وليس الهجوم، فهو يقاتل بكل ما يملك من قوة وعزيمة في مواجهة الأعداء، ولكنه يلتزم فى نفس الوقت بأخلاقيات الحرب مثل عدم الاعتداء على الضعفاء أو النساء، والتعامل الإنسانى بكل معانيه مع الأسرى دون تنكيل، كذلك الحفاظ على الأملاك والمنشآت التابعة للأعداء..

ولم يكن تكتيك هذا الجيش يتسم بالكلاسيكية التقليدية، لكنه كان دائم التطوير مع متغيرات أى عصر، حيث عمل جاهدا على تطور نوعيات التسليح لمواجهة التحديات التى واجهته على مر العصور المختلفة..

والجيش المصرى كان سببا فى توحيد القطر المصرى على عهد الملك نارمر لمصر حوالى عام 3200 ق.م، وقبل ذلك العام كان لكل إقليم من الأقاليم المصرية جيش خاص به يحميه، ولكن بعد حرب التوحيد المصرية أصبح لمصر جيش موحد تحت إمرة ملك مصر..

لقد كان ومازال للجيش المصري الوطني أدوار عظيمة فى هذا العصر، فكما نجح فى تحقيق أمل الشعب المصرى بثورة 23يوليو 1953م، وطرد المحتل الإنجليزى من مصر، كان له الدور البارز فى العبور فى 6 أكتوبر 1973م، وكذلك العبور بمصر من أزماتها فيما يسمى الربيع العربى فى 2011م. وهكذا سيظل الجيش المصرى مصدر الفخر وكبرياء الشعب المصرى.

لقد كانت قوة مصر وشعبها من قوة وعزة جيشها، فهو جيش الشعب ومن الشعب وإلى الشعب، وهذا ما يؤكد عليه «الدكتور أحمد غباشى.. أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر وعضو جمعية المؤرخين العرب» حيث يقول: على مر الزمن ومع تعاقب الأحداث دائما يبرز التحام الشعب بالرأس العسكرى، ووقوف الجيش بجوار الشعب ليوفر له الحماية والأمان والدفاع عن الشرعية الشعبية..

إن النصوص المصرية القديمة أشارت إلى أن الجيش هو جيش المصريين، فورد لفظ «جيشنا»، وما تحمله هذه الكلمة من دلالات وإشارات إلى أن الجيش المصري هو جيش كل المصريين، فتعلقت أفئدة البعض منهم للانضمام لصفوفه، وافتخروا فى نصوصهم بما حققوه من إنجازات فى ميدان الحرب والقتال مثل القائد المغوار «أحمس»، الذى شارك فى طرد الهكسوس من مصر نهائيا.

وتؤكد حقائق التاريخ القديم والحديث ووقائع ومعطيات الحاضر صدق مقولة إنهم خير أجناد الأرض وأنهم فى رباط إلى يوم الدين، وما أن يشكك البعض فى ذلك حتى تأتى الوقائع لتؤكد تحقيقها ومصداقيتها.

وجاء موقف الجيش المصري العظيم المساند والمؤيد والحامى ثورة الشعب المصرى العظيم فى 25 يناير 2011، وثورة 30 يونيو 2013، ليثير دهشة البعض ممن لا يعرفون طبيعة هذا الشعب وخصائصه وممن يجهلون عقيدته.

فالجـيش المصرى له مكانة عظيمة واحترام شعبى لتاريخه العريق ودوره الوطنى، ولم يكن الجيش يوما مجرد أداة للعدوان بل كانت المؤسسة العسكرية حارساً للوطن ونواة للتنمية الشاملة وقاطرة التحديث بالمجتمع والبوتقة التى تنصهر بها كل الخلافات محققا الاندماج الوطنى واليد المصرية القوية.

وتقول «الدكتورة نورهان الشيخ.. الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة»: دون الخوض فى تفاصيل تاريخية معروفة بالضرورة للجميع عن ثورة ٣٠ يونيو، نقف أمام فعل تكرر فى التاريخ المصرى عدة مرات، عنوانه استدعاء الشعب المصري لجيشه من أجل إنفاذ إرادته أو ما يمكن أن نطلق عليه لحظة «الاستدعاء الوطنى»، وفيها ينحاز أفراد الجيش لإرادة المصريين ويحققون ما يطلبونه، فالنسيج الواحد الرابط بين المصريين وعناصر جيشهم أمر مقدس لدى الشعب وأفراد الجيش.

لم تتأخر القوات المسلحة عن تلبية نداء الاستدعاء الوطنى على مر العصور والتاريخ، تلبى نداء الشعب وتحقق تطلعاته، تسمع أصواتهم وتترجم مطالبهم وتحققها، فالجيش المصرى ليس نخبة منفصلة عن الشعب، بل هو جزء أصيل منه، يعيش أفراده بين الناس ويشعرون بكل ما يجيش فى صدورهم، ومن هنا نشأت تلك العلاقة الفريدة المبنية على شعور المصريين بقوتهم فى تحقيق المستحيل بواسطة جيشهم الوطنى، وهو ما دفع الجيش بالتوازى للعمل على خدمة المصريين فى مجالات التنمية ويضيف على أعبائه العسكرية التقليدية أعباء أخرى من أجل حماية شعبه.

هذا الانحياز التاريخي وتلبية الاستدعاء كانت بدايته فى ثورة 23 يوليو، التى أيدها الشعب الذى كان يريد التخلص من الحكم الضعيف وما جلبه على الدولة المصرية من إهانات كان أخطرها حادث 4 فبراير الشهير عام 1942 وما حدث فيها من محاصرة قصر الملك بالدبابات والمدرعات لإجباره على تعيين حكومة مصطفى النحاس رئيسا للوزراء وأثر ذلك على الناس والجيش الذى شعر بالإهانة من استسلام الملك وتنفيذه أوامر الجيش الإنجليزي..

ثورة حظيت بتأييد من المصريين تنفيذا لأحلامهم فى التخلص من نظام الحكم الفاسد، وإلغاء الطبقية التى جثمت على صدور المصريين لسنوات طويلة وإصدار قوانين الإصلاح الزراعى والبدء فى مشروع السد العالى ثم تأميم قناة السويس..إلخ.

وهو ما حدث فى ثورة 30 يونيو حيث استجاب الجيش للاستدعاء الوطنى وانحاز للإرادة الشعبية ونفذ طلبات الشعب.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة