فلاديمر بوتين - يفجينى  بريجوجين - عناصر من «فاجنر» تغادر منطقة روستوف
فلاديمر بوتين - يفجينى بريجوجين - عناصر من «فاجنر» تغادر منطقة روستوف


العالم بين يديك| تمرد فاجنر: النهاية لم تُكتب بعد

هل يفقد بوتين قبضته الحديدية؟

الأخبار

السبت، 01 يوليه 2023 - 08:15 م

انتهت أقصر محاولة انقلابية فى التاريخ، وهو ما عرف على نطاق واسع فى وسائل الإعلام العالمية، بانقلاب «فاجنر» فى روسيا، بعد ساعات فقط من بدئها، لكن معظم تحليلات الصحف الغربية، تجمع على أن انتهاءها بهذه السرعة، لا يعنى أن الأمر قد استتب للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وأن سيد الكرملين بعد هذه المحاولة الانقلابية، ليس هو نفسه سيد الكرملين فيما قبلها.

فرغم أن هذا التراجع من قبل «فاجنر» وقائدها، قد جعل بوتين يتنفس الصعداء، ويتفادى أزمة خطيرة، كانت محدقة بحكمه، فإن معظم المحللين يجمعون على أن انفراج الأزمة لا يعدو أن يكون مرحليًا، وأن الضرر قد لحق بالفعل بصورة بوتين وبحكمه وبقوة بلاده القتالية فى أوكرانيا.، كما أن هذه المحاولة التى أجهضت على وجه السرعة سيكون لها نتائج.

غير أن جانبًا آخر من المراقبين، يعتبر أن بوتين ربما استغل الفرصة التى سنحت له، لإبعاد رجل كان يخشى من تزايد نفوذه، ونفوذ ميليشياته المسلحة، فقد تحدث كثيرون عن أن زعيم «فاجنر».

كان ينسج شبكة علاقات داخل بعض أفرع القوات المسلحة، وأنه كان يجهر بعدائه لوزير الدفاع الروسى، وربما منح الاتفاق الأخير، الذى توسط فيه رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، الفرصة لبوتين لإبعاد زعيم «فاجنر» والتخلص منه نهائيًا، وإعادة هيكلة تلك الميليشيات وفق ما يخدم مصلحته.

إقرأ أيضاً|«فاجنر» .. من فنان للموسيقى الكلاسيكية للإنقلاب على بوتين

اشتعلت الأحداث خلال الأيام الماضية بعد دخول زعيم قوات فاجنر، يفجينى بريجوجين مع قواته إلى الأراضى الروسية ، وقبوله التسوية فى اليوم نفسه، وإعادة قوات مجموعته  إلى قواعدهم السابقة حقنًا للدماء، وانتقال زعيمهم إلى بيلاروسيا..

تعددت التعليقات والآراء المتناقدة، حيث يرى البعض أن نصف هيبة روسيا سقطت، وأن الأمر لم ينته، وان الوضع ما بعد تمرد فاجنر ليس كما قبله، فرغم تراجع فاجنر فإن ميليشيات فاجنر هى من انتصرت، وستزداد قوة مع الأيام، وهى لغم موقوت فى خاصرة الدولة الروسية، فى المقابل يرى آخرون أن فلادمير بوتين لم يرتبك، بل تصرف بحكمة، لذلك سيعود أقوى مما كان عليه البارحة فى أوساط الشعب والجيش، وفى مواجهة خصوم روسيا الذين كانت ردود فعلهم متحفظة من اللغز الذى حصل ويصعب فك رموزه.

يرى بعض الباحثين والمختصين فى الشأن الروسى، أن الأزمة الأخيرة لتمرد مجموعة  فاجنر تركت ارتدادات مختلفة على الساحة الروسية، فى عدة قطاعات. فهناك تداعيات عسكرية للأزمة، لكنها يمكن أن تخدم الجيش الروسى وتعتبر إيجابية، إذ أن مختلف المجموعات العسكرية أصبحت تعمل تحت مظلته وبأوامره، وخاصة أن كل من بقى من مجموعة فاجنر سوف يقومون بإبرام عقود للخدمة فى الجيش الروسى. الأهم من ذلك هو التداعيات السياسية، فلا شك أن الطبقة المحيطة بالرئيس بوتين يمكن أن تتأثر من التمرد، خاصة أنه كان مفاجئًا للجميع بما فى ذلك الرئيس الروسى ذاته.

فيما يخص مسألة القيادة العسكرية، لا يمكن أن يمر هذا التمرد الذى وضع روسيا لمدة يوم ونصف أمام تطورات خطيرة، وأخطار لا تحمد عقباها، وبالتالى فالجميع مسئول عن هذه الأزمة بما فى ذلك مجموعة فاجنر، وكذلك الطبقة السياسية المحيطة بالرئيس بوتين، بالإضافة إلى قيادة الدفاع الروسية، والكل عليه أن يتحمل المسئولية ويدفع أثمان ذلك. 

يمكن أن يكون هناك «هزة» لكل الطاقم المحيط بالرئيس بوتين، بالإضافة إلى وزارة الدفاع الروسية التى يمكن أن تشهد استقالات لعدد من القادة والمسئولين، لذلك فهذه الحالة يمكن أن نرى تداعياتها فى المستقبل القريب.

فقد  كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الثلاثاء أن الجنرال الروسى سيرجى سوروفيكين نائب قائد العمليات العسكرية فى أوكرانيا كان على علم مسبق بأن يفجينى بريجوجين قائد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة كان يخطط للتمرد على الجيش الروسي. ولحد الساعة لا توجد أى معلومات عن مكانه أو وضعه وذلك منذ إحباط تمرد مجموعة فاجنر يوم السبت. وكان آخر ظهور للجنرال، عبر مقطع فيديو يحض من خلاله مقاتلى فاغنر على وضع حد لتمردهم. 

وهذا يؤكد أن موقف الرئيس بوتين سيصبح أقوى من المرحلة السابقة، لأن التمرد كان درسًا سيتعلم منه. وسيجد لنفسه مبررًا فى التخلص من بعض القيادات القريبة منه، سواءً إن كانت سياسية أو عسكرية، فهى كانت حالة تمرد خطيرة.

هناك من يرى أن أمام بوتين  فرصة لاستغلال الأزمة فى إحداث إصلاحات من أجل الشارع الروسى، وللتعاطى مع الأزمة مع الغرب، ومواجهة التحديات التى تواجه موسكو، وعلى رأسها حصار العقوبات، وتداعيات الحرب بأوكرانيا.

فى حين يرى مسئولون ومحللون آخرون أن التمرد قصير الأمد يشير إلى توتر داخل روسيا، ويثير المخاوف والتساؤلات حول قوة بوتين، كما يثير مخاوف بشأن قيادة البلاد مع استمرار موسكو فى حربها على أوكرانيا.

يرى سفير الولايات المتحدة السابق لدى روسيا جون سوليفان، أن بوتين «قمع التمرد، ولكن بتكلفة باهظة». وتساءل كيف لبوتين أن يعقد صفقة مع شخص يرى أنه خائن ؟! ولماذا اضطر إلى إبرامها ؟ ويرى ان ذلك  يعد تحديًا مباشرًا لسلطة بوتين..

كما يؤكد وزير خارجية  أمريكا، أنتونى بلينكين إن التمرد يظهر «تصدعات فى الواجهة الروسية» وسط حرب روسيا على جارتها التى استمرت 16 شهرًا..

 كما يرى الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكي، أن «ضعف روسيا أصبح واضحًا بعد التمرد».

تثير الصفقة تساؤلات أيضًا حول دور بيلاروسيا، فقد صرح معهد دراسة الحرب بأن روسيا تواجه «توازنًا غير مستقر للغاية». وكتبت المجموعة فى تقرير جديد، من بين التعقيدات الأخرى: «إن  دور الرئيس البيلاروسى لوكاشينكو المباشر فى وقف التقدم العسكرى فى موسكو، يُهين بوتين وربما يكون قد ضمّن فوائد أخرى للوكاشينكو».

فالصفقة التى قيل إن لوكاشينكو متورط فيها هى «حل قصير الأمد، وليست حلاً طويل الأمد، وتمرد بريجوجين كشف نقاط ضعف شديدة فى الكرملين.  القلق البارز للمسئولين الأمريكيين اليوم والعالم بأسره، هو من يتحكم فى موسكو، وتحديدًا من الذى يسيطر على أكبر مخزون من الأسلحة النووية فى العالم؟  

لطالما كانت الأسلحة النووية مصدر قلق وسط الحرب الروسية، حيث دفعت تهديدات بوتين العام الماضى مستشار الأمن القومى بالبيت الأبيض جيك سوليفان  للتحذير من استمرار موسكو فى تلويحها باستخدام النووى. كما أدى القتال أيضًا إلى عدم الاستقرار حول أكبر محطة للطاقة النووية فى أوروبا هى  محطة زابوريجيا  الأوكرانية ، مما أثار مخاوف من وقوع حادث نووي،  فقد أرسل بوتين أسلحة نووية إلى بيلاروسيا فى وقت سابق من هذا الشهر، ويُزعم أنه جزء من خطة لإثارة المخاوف من التصعيد. وقال لوكاشينكو إن بيلاروسيا تسلمت الأسلحة ولن تتردد فى استخدامها.
 


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة