صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

الإنترنت و«الحبس الانفرادى»

صالح الصالحي

الأربعاء، 05 يوليه 2023 - 08:27 م

جذبنا عالم الإنترنت والسوشيال ميديا إليه بقوة.. وسلبنا من عائلاتنا، بل من أنفسنا، حتى أصبحنا غرباء عليها.. وأصبح التليفون المحمول هو الصديق والأخ والرفيق والحبيب.. لا نستطيع أن نفارقه لحظة.. فهو يلازمنا فى كل مكان، حتى عند المنام نتركه بجوارنا ليكون أول ما نراه عندما نستيقظ.

أنا هنا لن أتحدث عن السلوك الشخصى فى ادمان الإنترنت وما يترتب عليه من تغيير فى السلوك وانماط الحياة، وتأثيره السلبى وأضراره لدرجة إصابة البعض بأمراض نفسية وجسدية، وهو ما حذرنا منه الأطباء والعلماء.. ولكن اتحدث عن الخصوصية، خصوصية الفرد.. هذه الخصوصية التى لا يجوز لأحد أن يخترقها مهما كان بدون إذن.

ورغم أن جهاز المحمول والإنترنت ذاته فرضا هذه الخصوصية.. بمعنى ان لكل منا جهازه الخاص به والذى يحمل رقما سريا لا يفتح إلا بمعرفة صاحبه، كما أن الإنترنت وصفحاته لها «باس وورد».. إلا أن البعض استباح الخصوصية سواء كان بقصد أو بدون قصد.. وسواء كان بحسن نية أو بسوء نية.. أو كان باحثا عن التريند أم أنها هواية تحولت إلى عادة سيطرت على صاحبها.

اعرف الكثير ممن ادمنوا «التصوير لايف»، وهؤلاء كاميرا الموبايل الخاص بهم لا تغلق.. فهم يشاركون اصدقاءهم ومتابعيهم على الإنترنت جميع لحظات حياتهم.. وهذا أمر خاص بهم.. لكن عندما يصبح فى الكادر «إطار الصورة»، آخرين فهنا يجب أن نقف قليلا.. ونتساءل هل من حقه أن يبث مثل هذه الفيديوهات؟!.. هل من حقه أن يعتدى على حرية الآخرين؟!

الأمر ليس بالبساطة والسهولة التى يتصورها البعض، فالأمثلة كثيرة على أناس تم تصويرهم دون علمهم، وكانت العواقب وخيمة.

القوانين تمنع تصوير الأشخاص بالموبايل دون استئذانهم والحصول على موافقتهم على التصوير وبث الفيديو على الإنترنت.. إلا أن هذه القوانين التى يجهلها الكثير، ورغم أن العقوبات مغلظة فى مثل هذه الحالات وفقا لما يترتب على البث من أضرار، إلا أنها لم تمنع ذلك التصرف، ومازال هناك من يمارس التصوير «عمال على بطال»، ويبث كل ما يحصل عليه من صيد فى فيديوهات ودون وازع من ضمير غالباً.

هذا التصرف غير الأخلاقى والمجرم قانونا سوف يجعل كل منا حذر مما تخبئه له الكاميرات.. سوف تجعل كل منا يعيش فى بوتقة «وكأنه فى حبس انفرادى» اختاره بإرادته حتى لا يقع فريسة للكاميرات.. يعمل كل شىء بحساب، يتحرك بحساب، يتكلم بحساب حتى وإن كان يجلس وسط الأهل والأصدقاء والأقارب والمعارف.. فهذه الكاميرات حرمته من الحرية والانطلاق، حرمته من العيش والتصرف على طبيعته.. لان هناك كاميرا فى موبايل أحد الأشخاص غير المعلومين تراقبه وتتابع تحركاته وتصرفاته.. ولا يعلم أى التعليقات التى ستصاحب هذا الفيديو أو بأى أسلوب سوف يتم تناوله وإلى أى مدى سوف تكون العواقب والاضرار.. نحن نعيش فى عالم حُر، وعلينا جميعا أن نسمح للآخرين بالعيش فى حرية.

علينا أن نعلم أن الحرية التى سمحنا بها لأنفسنا فى تصوير الفيديوهات، هى نفسها التى تعطى لصاحب الفيديو الحق فى قبول أو رفض بث الفيديو، بل قبول أو رفض تصويره أصلا.. وعلينا أن نعلم أن هذا التصرف مجرم ومعاقب عليه قانونا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة