المصريات يعزفن الموسيقى من آلاف السنين
المصريات يعزفن الموسيقى من آلاف السنين


المرآة المصرية | مبدعات مصر المنسيات

آخر ساعة

الجمعة، 07 يوليه 2023 - 05:37 م

■ كتب: رشيد غمري

ظهرت المرآة المصرية كفنانة منذ الدولة القديمة على الأقل، وأبرزت الرسوم والبرديات دورها كمبدعة فى مجالات الموسيقى والغناء والرقص، وتصميم وصناعة الحلي والملابس.

ومن بعد، استغلت النساء كل فرصة للتعبير عن مواهب وقدرات، توجت فى العصر الحديث بنخبة من مبدعات معترف بهن فى مجالات الأدب والفنون البصرية والأدائية، والموسيقى والغناء. لكننا هنا سنلقى الضوء على مجموعة من موهوبات منسيات، كان لهن أدوار مدهشة وإنجازات استثنائية فى أزمنة صعبة، ولم يسمع عنهن الكثيرون.

◄ هيلانة المصرية خلدت انتصارات الإسكندر بفسيفساء فى روما

◄ قوت القلوب نشرت فى باريس ..و«كوكتو» كتب مقدمة روايتها

◄ خديجة الرحبانية مطربة من الأعيان فى العصر المملوكي

◄ فريدة إلهامي رائدة منسية لشعر العامية

■ المطربة ألمظ

عرفت المرأة كفنانة فى مجالات الموسيقى والرقص والغناء فى مصر القديمة، وبعضهن ذكر بالاسم مثل «حم رع»، التى كانت مغنية الإله رع، حيث اعتبرت الموسيقى عملا مقدسا، ينسب إلى الآلهة. كما تدل الوثائق التاريخية على تميز المرأة فى تصميم وصنع الحلي، والملابس، والعطور، وغيرها من الفنون التى كانت تتطلب حسًّا إبداعيا وذوقا خاصا.  

■ صورة للمطربة ألمظ

◄ هيلانة مصر
خلال التنقيب فى مدينة «بومبي» الإيطالية في القرن التاسع عشر، عثر على لوحة فسيفسائية، تصور انتصار الإسكندر الأكبر على الملك الفارسي «داريوس الثالث» فى معركة «إسوس». وهى لوحة منسوبة لفنانة مجهولة عرفت بالصدفة، وكانت تعيش خلال القرن الرابع قبل الميلاد، تدعى «هيلانة المصرية». واللوحة هى العمل الوحيد المعروف حتى الآن كفسيفساء لامرأة من ذلك العصر.

■ تفصيل من لوحة هيلانة المصرية

وقد تعلمت «هيلانة» الفن على يد والدها «تيمون»، وفق ما ذكره «بيللينى الأكبر» فى سجلاته، ووصفها بالفنانة المهمة فى عصرها. كما ذكرت فى العمل الموسوعى «بيبليوتيكا» لـ«فوتيوس الأول» بطريرك القسطنطينية، ضمن فصل النساء المسميات بهيلانة، حسب ترتيب أبجدي. وذكر أنها نفذت اللوحة وقت المعركة، وعرضت بعدها فى معبد السلام الذى بناه الإمبراطور «فيسباسيان».

 

◄ مطربات وعازفات
ما لدينا عن إبداعات النساء فى الحقب الإسلامية يتعلق أغلبه بالموسيقى والغناء. وعلى سبيل المثال فقد ظهرت صور مغنيات وعازفات على جدران قصر الذهب الذى بناه خمارويه بن أحمد بن طولون وخصصه لسماع الموسيقى والغناء. كما تألقت الفنانات فى عصر المماليك، وفق «نهاية الإرب» للنويري.

وكانت المطربة المقتدرة تلقب بـ»ريسة»، وعشن فى شارع مخصص، كما ورد فى كتاب «صبح الأعشى» للقلقشندي، على غرار شارع محمد على لاحقا. وحظيت الموسيقى حتى باحتفاء بعض الفقهاء، ومنهم محمد بن عيسى بن كر الحنبلى من القرن الثامن، والذى عاش فى مصر، وألف كتاب «غاية المطلوب فى الأدوار والضروب» حول أنواع الموسيقى وقوالبها، وكان يعزف، ويدرب المطربين والمطربات.

وعلى عكس الشائع فلم تكن كل المطربات من الجواري، ولا من الطبقات الدنيا، وفق كتاب «أعلام الموسيقى والغناء فى العصر المملوكي» للباحث خالد عبد الله يوسف. ويذكر هنا المطربة «خديجة الرحابية» التى عاشت خلال القرن التاسع الهجري، وكانت من أعيان مصر، وذات شأن عظيم عند الحكام، والعامة، وتوفيت شابة فى الثلاثين، ومع ذلك كانت قد حققت مجداً كبيراً، وحزن عليها الناس. أما سبب تسميتها بالرحابية فيرجع إلى تحديها الفنى لواحد من أهم مطربى عصرها وهو «ابن رحاب»، ما يلقى الضوء على المناخ الفني، وما استطاعت النساء بلوغه فى تلك الفترات. ومن ذلك العصر هناك أيضا المطربة «اتفاق».

وكانت بارعة الغناء إلى حد أن السلاطين هاموا بها، فتزوجها الصالح محمد بن إسماعيل بن قلاوون، ومن بعده هام بها الملك الكامل شعبان ومنحها ما لم يمنح فى عصرها لامرأة، ثم شغف بها المظفر حاجى بن محمد بن قلاوون وأعطاها أضعاف ما كان يعطيها أخواه، حتى أنه فى ليلة زفافه عليها، استمع إلى غنائها وعزفها على العود، فأعطاها أربعة فصوص، وست لؤلؤات ثمنها أربعة آلاف دينار. كذلك كان هناك مغنية وعازفة عود اسمها «خوبي» عاشت خلال القرن الثامن الهجري، وكانت ذات شأن لدى الأمير بكتمر الساقي. ومطربة أخرى من أصول شامية قدمت إلى مصر، واسمها دنيا بنت الأقباعي، وحظيت بمكانة كبيرة لدى الأشرف شعبان فأسقط بسببها ضريبة «المغاني» عن بعض المطربين.

ومن القرن العاشر الهجرى ورد ذكر المطربتين «خديجة بنت خوخة» و«عزيزة بنت البسطجي»، وكلتاهما بلغت شأناً كبيراً وصارت من الأعيان لجمال فنها. وفى العصر الحديث، يرد ذكر ساكنة بك التى عاشت فى القرن التاسع عشر، ويشبهها البعض بأم كلثوم عصرها، حيث كانت تحيى ليالى الأزبكية، ويهيم بها الجمهور. وبلغ تقدير الخديو إسماعيل لها أن أهداها بيتا كان قد أهداه له جده محمد على باشا، ويعرف ببيت ساكنة بك، ويطل على شارع الخليفة. وهى أستاذة «ألمظ» التى حققت من بعدها مكانة كبيرة، واحتلت القمة التى كانت تتربع عليها. 

■ تفصيل من لوحة هيلانة المصرية

◄ أديبات منسيات
يعرف البعض عائشة التيمورية كأديبة وشاعرة، ولا يعرف الكثيرون عن «قوت القلوب الدمرداشية» سوى اسمها. والأخيرة كاتبة مصرية، ولدت أواخر القرن التاسع عشر فى مصر، وعاشت بها حتى بداية الخمسينيات، وتوفيت فى روما فى ستينيات القرن الماضي. وقد كتبت إبداعها باللغة الفرنسية، ولم يترجم أغلبه. دارت أعمالها فى عالم الحريم، وهى التى عاشت حياتها كامرأة مصرية. وترجع الفضل فى ذلك إلى أبيها الشيخ عبد الرحمن الدمرداش شيخ الطريقة الدمرداشية فى مصر، الذى أهدته روايتها «ليلة المصير» المنشورة فى باريس عام 54. صدرت أول رواياتها «مصادفة الفكر» عن دار المعارف باللغة الفرنسية عام 37، وفى العام نفسه نشرت روايتها الحريم فى «جاليمار» الفرنسية، ونشرت آخر أعمالها «حفناوى الرائع» عام 61 عن جاليمار أيضا، وبينهما كان لها العديد من الروايات عن دار النشر نفسها، ومنها «زنوبة» 1940، و«الخزانة الهندسية» 51 والتى كتب مقدمتها «جان كوكتو»، و«ليلة القدر» عام 54.

 

■ قوت القلوب الدمرداشية

◄ شاعرات الظل
عانت الشاعرات تهميشا كبيرا فى الواقع الأدبي الذى سيطر عليه استبعاد ذكوري. ومن الشاعرات اللاتى لم يسمع بهن المعاصرون «لورا الأسيوطي»، والتى عاشت بين عامى 25، 77 من القرن الماضي، وتعدد نشاطها بين الشعر والمقال وأدب الرحلات.

وفي مجال شعر العامية تعاظم تهميش المبدعات، وتبرز الشاعرة «فريدة إلهامي»، كأول شاعرة بالعاملة المصرية يرد ذكرها على استحياء، وجرى التعتيم عليها. وهى من مواليد عام 40 ودرست فى كلية الآداب. واعتبرها صلاح جاهين أول شاعرة عامية مصرية حقيقية.

◄ سبقت هيكل وأمين
الكاتبة المجهولة لدى أغلب المثقفين المعاصرين، زينب فواز، هى من أصل لبناني، لكنها تزوجت وعاشت فى مصر، وفيها أسست أول مجلة نسائية عربية وهى «الفتاة» فى أواخر القرن التاسع عشر، ومن خلاله*ا ناضلت من أجل قضايا المرأة، ولأجلها غير مصطفى كامل مقدمة خطابه، ليبدأ بسيداتى وسادتى بسبب حضورها ممثلة عن النساء. كما ساندت محمد عبده فى أفكاره، وسبقت قاسم أمين فى المطالبة بتحرير النساء بكتابها «الرسائل الزينبية» عام 1894. ولها العديد من الكتب فى التاريخ والتراجم والفكر ومسرحية شعرية كما سبقت محمد حسين هيكل برواية «حسن العواقب» عام 1899 كأول رواية عربية، وقبل 15 عاما من صدور روايته «زينب». 

■ من أعمال الفنانة المصرية كليا بدارو

◄ تشكيليات مجهولات
لا يعرف الكثيرون الرسامة والنحاتة «سميحة حسين» ابنة السلطان حسين كامل، والتى برعت فى رسم اللوحات ونحت التماثيل، وأغفلت لفترة طويلة من أى ذكر فى تاريخ الفن المصرى الحديث، رغم أنها تمثل بداية مبكرة للنحت النسائى المصري، والذى عانت حتى فناناته اللاحقات من التجاهل، فلا معلومات تذكر عن جيل من النحاتات ظهرن مع النصف الثانى من القرن العشرين، مثل ابتسام لطفي، وحمدية سلمان، وأميمة الشافعي.

وحتى فى مجال التصوير الزيتي، هناك عدد من الفنانات المجهولات، نكتفى منهن لضيق المساحة بـ«كليا بدارو»، وهى من مواليد الزمالك 1913 لأب محامٍ مصرى وأم يونانية. عاشت فترة من صباها مع جدتها فى سويسرا، ودرست الفن فى أكاديمية الفنون الجميلة بلوزان. وكانت رسامة ومصممة، حصل ملصق لها بعنوان «مصر» على جائزة كبرى فى عام تخرجها. وبعد ذلك عادت لتعيش فى الإسكندرية. وخلال الحرب العالمية عملت فى المستشفيات لمعالجة الجرحى، ورسمت البحارة والجنود فى المطاعم والملاهى. 

وإذا كنا نعرف من الفنانات المناضلات «إنجى أفلاطون»، فعلينا أن نتذكر أيضا الفنانة «منحة حلمي»، وهى من مواليد حلوان عام 1925، ودرست بمعهد المعلمات، واستكملت دراساتها الفنية فى مدرسة «سليد» للفنون بلندن. اهتمت بقضايا المرأة، والعثور على لوحاتها الآن أمر شديد الصعوبة. 

◄ سينمائيات رائدات
يعرف البعض اسم «بهيجة حافظ» كممثلة رائدة، لكنها كانت أكثر من ذلك، فهى كاتبة ومخرجة ومؤلفة موسيقية، ومصممة أزياء للسينما ومونتيرة. ولدت بالإسكندرية وسافرت فى الخامسة عشرة لدراسة الموسيقى فى السوربون. شجعها والدها عاشق الفن إسماعيل حافظ باشا، فعزفت على البيانو فى الرابعة، وألفت أول مقطوعة لها فى التاسعة.

وكانت أول مصرية تنضم لجمعية المؤلفين فى باريس. وظهرت أول اسطوانة لها عام 26. وأسست أول نقابة للمهن الموسيقية فى مصر عام 37، وكانت أول مصرية تنشئ شركة إنتاج سينمائي، وهى «فنار فيلم» عام 32. وشاركت فى إخراج أفلام «الضحايا» و»ليلى بنت الصحراء». ولعبت بطولة عدد من الأفلام. ويعتبر فيلمها «ليلى بنت الصحراء» أول فيلم مصرى ناطق، وقد حصل على جائزة ذهبية من مهرجان برلين.

أما الفنانة «كوكا» التى نعرفها من خلال دور عبلة فى فيلم «عنترة بن شداد»، فلا يعرف الكثيرون أنها بدأت العمل كمونتيرة قبل أن تبلغ العشرين من عمرها، وأنها لفتت نظر المخرج البريطانى «ثورنون فريلاند» فاختارها لبطولة فيلمه «جيريكو» أمام «بول روبنسون» عام 1937 لتصبح أول ممثلة مصرية فى السينما العالمية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة