علاء عبد الوهاب
علاء عبد الوهاب


انتباه

انهيار الضمائر أولًا

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 19 يوليه 2023 - 08:03 م

قبل انهيار أى مبنى، تكون ضمائر العديد من البشر قد انهارت أولًا!

لا مبالغة أبدًا فى تقديم انهيار الضمائر على سقوط أى عقار، بل ربما يكون الأمر سابقًا بكثير على مجرد البدء فى عملية البناء ذاتها!

حين يضمر المالك شراء خامات رديئة، وحين يقرر المقاول أو المهندس عدم الالتزام بالمعايير الفنية الصحيحة، وعندما يتفق الأول مع الثانى على أن يرتفع البناء دون أساسات قادرة على ضمان سلامته، ومن ثم حياة سكانه.. أين الضمير إذن؟

عندما تصدر قرارات إزالة أو ترميم أو تنكيس، ثم ترقد فى الأدراج عشرات السنين، دون تنفيذ، وبلا متابعة من الجهات المعنية، ودون التفات للحفاظ على الأرواح، ثم من كان عليه أن يحاسب المقصرين فى التنفيذ والمتابعة، فإذا به يغض بصره، ولا يحرص على واجبه، ألا يعنى ذلك أن كل هؤلاء منحوا ضمائرهم إجازات مفتوحة؟!

من ينتظرون حتى تقع الكوارث والمآسى، ولا يحركون ساكنًا إلا على وقع سرينة إسعاف أو مطافى، وبعد تحرك فرق الحماية المدنية، والشرطة والنيابة، وعندئذ يفكر كل منهم فى كيف يلقى المسئولية على غيره، وكيف يتملص بمهارة من التهم التى يستحق العقاب عليها، ويبحث عن ضحية أو «شيال قضايا».. ألا يعنى حال هؤلاء أن ضمائرهم قد ماتت، ودفنت قبل زمن بعيد؟

الأدهى أن يخرج أصحاب الوجوه الكالحة لتبرير إهمال عن عمد، أو حتى بغير قصد، ليزفوا لنا أن من كان يجب عليهم المتابعة الميدانية المبكرة، كإجراء وقائى قبل أن تقع الواقعة، فإنهم مشكورون، ومنذ اللحظة الأولى انتقلوا إلى مكان الحادث، ولم يغادروه، دون أن يسأل أحدهم ضميره: ماذا يفيد الذين أضيروا فى أرواحهم، وأرواح أحبائهم، وممتلكاتهم حين يروا من تأخروا كثيرًا فى الحضور قبل الكارثة؟

هل يملك الكالحة وجوههم قدرًا من الحياء قبل الضمير؟

فى مسلسل كوارث انهيار العقارات، لا يجب استثناء كل من كان له يد بإهمال، أو فساد، أو غياب للضمير، فى حساب رادع قاسٍ، ربما يكون فى ذلك عبرة تدفع إلى يقظة ضمائر لم تمت بعد، قبل أن نحصد المزيد من ضحاياهم.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة