الخميس، 20 يوليه 2023 - 06:26 م

تحل علينا ذكرى الهجرة النبوية الشريفة بعد أيام قليلة، والهجرة هى الانتقال من بلد إلى آخر، وهى فرض على المسلم فى حالة الخوف على دينه فيحق له ترك بلد المشركين وأن يهاجر إلى بلد يمارس فيها شعائر الدين الإسلامى بحرية وأمن واستقرار، ولكن هل هذا هو المراد بالهجرة فقط؟ .

عندما يسمع البعض عن مفهوم الهجرة يعتقدون أنه ليس هناك هجرة استنادا لقول رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِدما سُئِلَ عن الهِجْرَةِ، فَقالَ:» لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا.»، صحيح مسلم. ولكن هل فهموا معنى الحديث؟ إن المراد هنا أن الصحابة سألوا النبى صلى الله عليه وسلم هل ستكون هناك هجرة من مكة مرة ثانية بعد فتح مكة فأجابهم النبى بلا، لأن الإسلام كان قد انتشر فى مكة ولن تعود للكفر أبدًا بعد ذلك، وهنا نتوقف عند نقطة فى غاية الأهمية ما المراد بالهجرة حقيقةً؟.

إن المراد بالهجرة فى الإسلام هو هجرة المؤمن للذنوب والمعاصى وعدم العودة إليها مرة ثانية؛ وهذا ما رواه فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ‏ ‏عن رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه‏ ‏قَالَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ: « أَلَا أُخْبِرُكُمْ مَنْ ‏ ‏الْمُسْلِمُ؟ ‏الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ «‏، مسند احمد. والهجرة هنا بمفهومها هذا فرض واجب على مسلم ومسلمة ومحاسبون عليه أمام الله يوم القيامة.

إن رسول الله والسابقين فى الإسلام قد عانوا أشد أنواع الأذى، وعانوا الكثير من الصعوبات لينتشر الإسلام ويصل لما وصل إليه اليوم، فاعلم أنك فى المقابل عليك تحمل المعاناة مع ترويض النفس والصبر عليها لتصل إلى دار الأمان وأن تعينك على الصالحات، وأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكثر من دعاء:» اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها». اللهم اجزى نبيك عنا خير ما جزيت نبى عن أمته، وبلغه منا السلام وارزقنا شفاعته يوم الزحام (صلوات ربى وسلامه عليه).