مانديلا
مانديلا


في ذكرى ميلاده.. «مانديلا» ينقذ بلاده من حرب أهلية وقادها لتنظيم كأس العالم

وليد علام

الجمعة، 21 يوليه 2023 - 11:09 ص

تحل اليوم ذكرى ميلاد واحد من أهم المناضلين في القارة السمراء ضد العنصرية الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا الذي ضحى بحريته ما يقرب من30 عام لنصرة قضيته وإنقاذ بلاده من حرب أهلية. 

اقرأ أيضا | نيلسون مانديلا| «السجن مدى الحياة».. لحظة فارقة قادته لصناعة التاريخ

نشأة مانديلا

وُلِد نيلسون مانديلا بتاريخ 18 يوليو 1918 في بلدة مفيزو على ضفاف نهر "مباش" في ولاية "ترانسكاي" بجنوب إفريقيا. أُطلق عليه عند ولادته اسم روليهلالا مانديلا، ويعني في اللغة العربية (سحب فرع من الشجرة)، أو (المشاكس) حسب اللغة العامية في منطقته.

كان والده مستشارًا لزعماء القبائل في المنطقة، لذا كان من المتوقع أن يصبح زعيمًا. ولكن خلافًا نشب بينه وبين الحاكم المحلي التابع للاستعمار أدى إلى تجريده من لقبه وثروته كلها. وهكذا انتقل الأب مع عائلته إلى قرية صغيرة تقع شمالًا بالقرب من وادٍ عشبي ضيق، حيث لا توجد أيّ طرق سوى ممرات قليلة يمكن السير عليها.

أقامت العائلة ضمن أكواخ صغيرة، واعتمدت في معيشتها على المحاصيل المحلية.

تعميد مانديلا:

اقترح أحد اصدقاء مانديلا على والده أن يقوم بتعميده في الكنيسة الميثودية. 

والذي بدوزه وافق وهكذا، أصبح مانديلا أول شخص في عائلته يذهب إلى المدرسة، وهناك طلب منه المعلم وفقًا للعرف السائد-أو بالأحرى التحيز الحاصل آنذاك ضمن النظام التعليمي البريطاني في جنوب إفريقيا- أن يغير اسمه ليصبح فيما بعد نيلسون مانديلا.

مانديلا يتيما:

تُوفي والد مانديلا عندما كان عمره 9 سنوات، مما أدى إلى حدوث تغيير كبير في حياته؛ فقد تولى رعايته أحد أفراد الأسرة الحاكمة لقبيلة ثيمبو، فسافر إلى مقر الحاكم وتكيف سريعًا مع البيئة الجديدة، ولكنه طبعًا لم ينسَ قريته الحبيبة كونو.

عكف مانديلا خلال تلك الفترة على دراسة الجغرافية واللغة الإنجليزية والتاريخ، واهتم خصوصًا بالتاريخ الإفريقي، ولاسيما حين سنحت له الفرصة للاستماع إلى زعماء القبائل المختلفة عندما كانوا يَفِدون إلى القصر الكبير في المناسبات الرسمية.

دراسته الجامعية:

عند بدئه لدراسات القانون في جامعة ويتواترسراند، كان مانديلا الأفريقي الأصل الوحيد في الكلية، فواجه العنصرية، وصادق الليبراليين والشيوعيين والأوروبيين واليهود والطلاب الهنود، وكان من بينهم جو سلوف.و وهاري شفارتز وروث فيرست.

رحلته في عالم السياسة:

انضم مانديلا لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، تزايد تأثره بسيسولو، وأمضى الكثير من الوقت مع ناشطين آخرين في بيت سيسولو في أورلاندو، من بينهم صديقه القديم أوليفر تامبو.

في عام 1943، التقى مانديلا بالقومي الإفريقي أنطون لمبدي وهو معارض بشدة للجبهة العرقية المتحدة ضد الاستعمار والإمبريالية أو التحالف مع الشيوعيين.

وعلى الرغم من صداقاته مع غير السود والشيوعيين، إلا أن مانديلا دعم آراء «لمبدي»، معتقدا بأنه يجب على الأفارقة السود أن يكون مستقلين تماما في كفاحهم من أجل تقرير المصير السياسي

ظهرت الحاجة إلى جناح شبابي لتعبئة شاملة للأفارقة في المعارضة، فكان مانديلا ضمن وفد زار رئيس حزب المؤتمر الوطني الأفريقي ألفرد بيتيني كسوما ، 

حول هذا الموضوع في منزله في صوفياتاون. وفي يوم الأحد الموافق لعيد الفصح من عام 1944، تأسست رابطة الشبيبة للمؤتمر الوطني الإفريقي وتولى لمبدي رئاسته وانتخب مانديلا عضوا في اللجنة التنفيذية.

انتشل نيلسون مانديلا بلاده إفريقيا التي كانت غارقة في الفصل العنصري ليصل بها إلى طريق إقامة نظام ديمقراطي متعدد الأعراق كرمز للسلام والمصالحة صار تجسيدا للنضال ضد الظلم في شتى أنحاء العالم.

قصة اعتقاله:

اعتقل  مانديلا و156 من رفاقه بسبب نشاطاتهم السياسية المناهضة لنظام الفصل العنصرى، وذلك أثر المعركة التى اشتعلت بين حزب مانديلا والحزب اليمينى المتطرف "حزب البيض" الذى كان قد فاز فى الانتخابات عام 1948 وقام بوضع خطط وسياسات عنصرية منها سياسات الفصل العنصرى وإدخال تشريعات عنصرية فى مؤسسات الدولة.

وإحتجز فى سجن جوهانسبرغ وسط احتجاجات واسعة، وخضع للتحقيق الابتدائى فى 19 ديسمبر، وبدأ طعن الدفاع فى 9 يناير 1957، واستمرت القضية حتى توقفت فى سبتمبر. فى يناير 1958، تم تعيين القاضى أوزوالد بيرو لترأس القضية، وفى فبراير استبعد القاضى أن يكون هناك "سبب كاف" لدفاع المتهمين يسمح باللجوء إلى المحكمة العليا بترانسفال. 

بداية المحاكمة: 

بدأت المحاكمة بالخيانة رسميا فى بريتوريا فى أغسطس 1958، بعد أن لبى طلب المتهمين بتعويض القضاة الثلاثة، المرتبطين كلهم بالحزب الوطنى الحاكم، فى أغسطس، أسقطت تهمة واحدة، وفى أكتوبر سحبت النيابة لائحة الاتهام، لتقدمها بصيغة معدلة فى نوفمبر متهمة جميع قادة حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى بالخيانة العظمى بحجة دعوتهم لثورة عنيفة، الأمر الذى أنكره المتهمون. 

ومع استمرار الضغط الدولى على سلطات نظام التمييز العنصري تم الافراج عنه فى عام 1988 ووضعه رهن الإقامة الجبرية.

وبعد أن سجن مانديلا قرابة ثلاثين عاما لنضاله ضد حكم الأقلية البيضاء خرج من السجن مصمما على استغلال مكانته وشخصيته الآسرة في هدم أركان الفصل العنصري مع تفادي وقوع البلاد في هاوية حرب أهلية.

جائزة نوبل:

في أكتوبرعام 1993 قررت لجنة جائزة نوبل للسلام بترحيب من رئيس جنوب إفريقيا فريدريك دي كلير وتم تكريم نيلسون مانديلا وذلك بسبب دوره فى مكافحة التمييز العنصري.

تنصيبه رئيسا للبلاد:

بعد مسيرته النضالية لمكافحة العنصرية، صوتت كل الأعراق فى جنوب افريقيا على انتخاب نيلسون مانديلا ليكون رئيسا للبلاد.

وأصبح مانديلا أول جنوب إفريقي يتم وضع صورته على اوراق النقدية عام 2012

جنوب افريقيا تنظم المونديال:

ثم جاء إعلان الفيفا كاعتراف مدوٍّ بقيادة "مانديلا" فهل كان يمكن أن تقام بطولة كأس العالم لكرة القدم في جنوب إفريقيا لولا نيلسون مانديلا؟.. لا يبدو أن جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) كان يعتقد أن هذا كان يمكن أن يحدث عندما قرأ اسم الدولة الفائزة بحق تنظيم المونديال في 15 مايو 2004 بمدينة زيورخ السويسرية. حيث قال بلاتر وقتها: "إنك المهندس الحقيقي لبطولة كأس العالم هذه، فوجودك والتزامك كانا السبب في تحقيق هذا الحلم". وخلال عشرة أعوام من سقوط نظام الفصل العنصري بجنوب إفريقيا فازت دولة جنوب إفريقيا، التي قادها مانديلا إلى الديمقراطية- بشرف تنظيم المونديال. وقال مانديلا (85 عاما آنذاك) في سعادة غامرة لدى سماعه هذا الخبر: "أشعر أنني شاب في الخامسة عشرة من عمري". أن مفتاح الصلح بين السود والبيض في جنوب إفريقيا يكمن في بناء هوية مشتركة، وهو الهدف الذي يمكن تحقيقه عن طريق عيش اللحظات المشتركة في الأحداث الرياضية. إنها الوصفة التي جربها مانديلا من قبل وحققت نجاحاً كبيراً عندما استضافت بلاده بطولة كأس العالم للرجبي عام 1995 بعد عام واحد من خوض جنوب إفريقيا أول انتخابات ديمقراطية بالبلاد. وتبادل السود والبيض الأدوار في العام التالي عندما أحرز المنتخب الوطني لكرة القدم الذي تتكون غالبيته من اللاعبين أصحاب البشرة السمراء لقب بطولة كأس الأمم الإفريقية. وبحلول عام 2000 كانت جنوب إفريقيا، بفضل مانديلا، قد اكتسبت خبرة واسعة في استضافة البطولات الرياضية الكبيرة تمكّنها من تقديم طلب استضافة كأس العالم. ورغم أن مانديلا جاب بنفسه دول العالم لجمع الأصوات لبلاده، فقد خسرت جنوب إفريقيا بفارق ضئيل أمام ألمانيا بعدما غابت نيوزيلندا بشكل مفاجئ عن التصويت لاختيار الدولة المضيفة لكأس العالم 2006 مع العلم بأنها كانت تعهدت مسبقاً بدعم جنوب إفريقيا. وبعد أربعة أعوام فقط تقدمت جنوب إفريقيا بملف جديد لاستضافة المونديال تحت عنوان: "حان وقت إفريقيا، وجنوب إفريقيا مستعدة". ولم يترك مانديلا شيئا للصدفة هذه المرة. وقال مانديلا: "لقد مر 28 عاماً على اتخاذ الفيفا موقفه ضد كرة القدم المقسّمة بسبب العنصرية، فيما ساعد على استلهام القصة الأخيرة في الصراع ضد الفصل العنصري" مذكراً الفيفا بقراره عندما استبعد جنوب إفريقيا التي كان يحكمها نظام الفصل العنصري من سجلاته عام 1976، مشيرا إلى أنه خلف القضبان "كانت كرة القدم هي البهجة الوحيدة التي يحظى بها المسجونون". وتقديرا للمناضل المحنك تعاهد الجميع بالمساعدة في إنجاح بطولة كأس العالم تكريما لمانديلا

وفاة مانديلا

توفي نيلسون مانديلا في 5 ديسمبر 2013 محاطًا بعائلته في منزله بجوهانسبرغ متأثرا بعدوى في الرئتين عانى منها طويلا. 

وأعلن الحداد في البلد لمدة 10 أيام.

حظي مانديلا بجنازة رسمية حضرها 90 ممثلا رسميا لعدة دول ومنظمات في تجمع مهيب تداول فيه عدد زعماء على المنصة لرثاء الفقيد. المراسم جرت في 10 ديسمبر 2013 في ملعب سوكر سيتي في جوهانسبيرغ.

هذا الملعب الذي شهد آخر إطلالة جماهيرية لمانديلا أثناء بطولة كأس العالم لكرة القدم 2010.

في حين أقيمت مراسم الدفن بكونو (مسقط رأسه) بحضور أفراد من عائلته وقادة البلاد .

 

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة