الباحث بجوار لجنة الحكم والمناقشة
الباحث بجوار لجنة الحكم والمناقشة


دكتوراه باللغة الفرنسية: الإسكندرية روائيًا بين إبراهيم عبد المجيد ومارسيل فاخورى

أخبار الأدب

الإثنين، 24 يوليه 2023 - 02:26 م

ناقش قسم اللغة الفرنسية وآدابها بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر، مؤخرًا، رسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث عادل مبروك عبد المجيد الجمال، المدرس المساعد بالقسم، تحت عنوان (الإسكندرية فى رواية «لا أحد ينام فى الإسكندرية» لإبراهيم عبدالمجيد ورواية «آخر ملائكة الإسكندرية» لمارسيل فاخورى) وهى دراسة مقارنة، أشرف عليها د. سامى محمد رجب مندور، أستاذ ورئيس قسم اللغة الفرنسية الأسبق بالكلية، ود. فرغلى محمد عبداللطيف، الأستاذ المساعد المتفرغ بالقسم (مشرفًا مشاركًا)، وتضمنت لجنة الحكم والمناقشة: د. فريدة محمد محمود النجدى، أستاذاً متفرغاً بقسم اللغة الفرنسية كلية الآداب جامعة الزقازيق (مناقشًا ورئيسًا)، ود. أسامة محمد نبيل على، الأستاذ المتفرغ بقسم اللغة الفرنسية وآدابها بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر (مناقشًا). وقد مُنِح عادل الجمال درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى.

تأتى الرسالة ضمن أبحاث الأدب المقارن، وتعتمد على التحليل التيماتولوجى لروايتين من روايات السرد السكندرى تتناولان نفس الحقبة التاريخية ونفس الأحداث والمعاناة، وكذلك نفس الفضاء الجغرافى، وهما «لا أحد ينام فى الإسكندرية» للكاتب السكندرى إبراهيم عبدالمجيد ورواية «آخر ملائكة الإسكندرية» للكاتب الفرنسى من أصول لبنانية مارسيل فاخورى، وذلك من خلال استحضار وتصوير فترة تاريخية فى مدينة الإسكندرية وتوضيح سمات المجتمع السكندرى ومعاناته فى فترة الحرب وكذلك أهم المتغيرات الاجتماعية والتاريخية التى أثرت عليه فى فترة الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضى.

اقرأ ايضاً| بمناسبة مرور 30 عاما على الصدور : برقيات تهانى لـ «أخبار الأدب»


تقوم فكرة الروايتين على إبراز عدة موضوعات متنوعة وقيم مهمة جدًا مثل: الكوزموبوليتانية (النزعة الكونية أو العالمية) السكندرية والتعايش السلمى بين الأديان المختلفة والمواطنة بين السكندريين من أصول وأعراقٍ وجنسيات مختلفة. كذلك اتخذ كل كاتب من ذكرياته الماضية وذكريات آبائه فى الإسكندرية وحنينه إلى المجتمع السكندرى دافعًا لتصوير المدينة روائيًا مع التركيز على حقبة زمنية مهمة للغاية فى تاريخ المدينة بوجه خاص ومصر بوجه عام.


وكانت الإسكندرية – فى تلك الحقبة – تتميز بالمواطنة واستيعابها لكثير من الجنسيات والعرقيات والأجناس والأديان والأطياف. إنها الإسكندرية الكوزموبوليتانية (العالمية) المنفتحة على كل الحضارات والثقافات. إنها الإسكندرية التى تتميز بالكثير من القيم والمُثل العُليا مثل: الوحدة الدينية والوطنية والتسامح وانتشار روح المودة والمحبة والأخوة بين الناس. يمكننا القول إن كلا الروايتين تظهران الإسكندرية كوطنٍ آمنٍ ومحبب للجميع. 

تضمنت إشكالية الرسالة عدة محاور منها التعريف بكلا الكتابين، وكذلك دراسة التقنية الروائية عند كل منهما وكيفية تناوله للشخصيات الروائية ومعالجته للموضوعات وتصويره للمكان ومقدرته على الوصف وكذلك سلاسة السرد وانسيابيته عند كل منهما، كما أهدفت إشكالية البحث إلى بيان مدى إجادة الكاتبين فى تصوير تلك الفترة المهمة من تاريخ مدينة الإسكندرية، وإبراز كل التفاصيل داخل المجتمع السكندرى المتكون من خليطٍ من الأجناس والأديان.

تتركز الإشكالية أيضًا على توضيح كيف أثرت الحرب العالمية الثانية على أهل الإسكندرية وغيرت من حياتهم. ومن ثم الإجابة عن الأسئلة التالية: كيف تناول كل كاتب الإسكندرية كموضوع روائى؟ كيف أظهر كل كاتب الإسكندرية كمدينة كوزموبوليتانية؟ كيف تأثرت المدينة بالأحداث الجارية والوقائع التاريخية الاجتماعية؟ 


ويعتبر حنين كل كاتب للإسكندرية وتعلقه بها ورغبته فى استحضار ماضيه وذكرياته فى المدينة العتيقة هو الدافع الأساسى لكتابة كل رواية. إن (لا أحد ينام فى الإسكندرية) و(آخر ملائكة الإسكندرية) لهى تجربة شخصية مر بها الكاتبان فى مرحلة مبكرة من حياتهما. يستحضر إبراهيم عبدالمجيد ذكريات الطفولة والشباب الخاصة به من خلال عمل روائى يصور فيه المدينة فى فترة الحرب العالمية الثانية ومعارك العلمين بين قوات الحلفاء وقوات المحور، وهى حكايات كان يستمع لها من والده ولذلك قام بزيارة مدينة العلمين وسار كثيرًا فى الصحراء ليخرج روايته، أما مارسيل فاخورى فيعمل على إحياء ذكريات طفولته وبداية شبابه فى الإسكندرية قبل أن يغادرها فى أواخر الخمسينيات (1959) مهاجرًا إلى فرنسا ليستقر فى مدينة (جرونوبل)، مما يجعل من المدينة فضاءً للذكريات، لقد استطاع هذا الكاتب الفرنكفونى أن يمزج العناصر الأساسية لسيرته الذاتية فى المدينة الكوزموبوليتانية بعناصر أخرى خيالية أضافها لروايته لتصبح نوعاً أدبياً جديداً وهو (السيرة الذاتية الخيالية أو المتخيلة) وذلك فى محاولة جدية منه لإعطاء الاهتمام الأكبر للإسكندرية وإبراز طابعها العالمى ومجتمعها الكونى عندما تغيب سيرته وتفاصيله الخاصة لصالح إبراز التفاصيل السكندرية الأصيلة والممتدة منذ القدم والمطعمة بالحضارات المختلفة التى توالت على المدينة فزادت من طابعها الأصيل ومميزاتها التاريخية.

تنقسم الرسالة إلى أربعة فصول بخلاف المقدمة والخاتمة. تحتوى المقدمة على نبذةٍ عامة عن الكاتبين والروايتين محل الدراسة التيماتولوجية والمقارنة، وأسباب اختيار الموضوع والروايتين، بينما تم تخصيص خاتمة الرسالة للحديث عن أوجه التشابه والاختلاف فى كل النقاط النقدية فى البحث بين الكاتبين والروايتين، وعرض ما توصل إليه الباحث من نتائج تتناول المنظور الروائى لكل كاتب وطريقة معالجته للإسكندرية كفضاء بطل له سحر وبريق ورونق وجمال خاص، وتوضيح العناصر والنقاط التى تميز فيها كل كاتبٍ عن الآخر، والتى توضح القيمة الفنية لكل رواية على حدة.


الفصل الأول يحمل عنوان «تناول أو استعراض التاريخ السكندرى فى الروايتين محل الدراسة»، ويتضمن تصوير التاريخ السكندرى الممزوج أيضًا بالتاريخ العالمى، إذ يتناول التسامح الدينى فى حياة السكندريين والهندسة المعمارية للمدينة والنزعة الكونية والمواطنة وأخلاقيات المواطنين وكذلك الأعياد والمناسبات والخلافات القبلية بين بعض السكان المحليين والاتصال بين الشرق والغرب، أما الفصل الثانى والمعنون بـ «الإسكندرية والشخصيات» فيركز على تحليل الشخصيات وأنواعها وتوصيفها وأدوارها فى كل رواية، حيث يعبرون عن جميع النماذج السكندرية بما فيهم الأجانب الذين كانوا يعيشون فى المدينة فى تلك الفترة ويجسدون بشكلٍ كبيرٍ مظهرًا من مظاهر الكوزموبوليتانية السكندرية ويعطون بعدًا واقعيًا لأحداث الروايتين.


ويأتى الفصل الثالث بعنوان «الإسكندرية والفضاء»، وهو يهدف إلى تحليل الفضاء الروائى وفق نموذج المنظر «جاك سوبيرو» الذى يبرز جميع جوانب هذا الفضاء الذى يتحول إلى علامة لها دلالة ومدلول، وفيه توضيح للتأثير الكبير للفضاء السكندرى على كل الشخصيات. بينما يتناول الفصل الرابع «استراتيجية السرد: الزمن والسرد» وفيه نرى كيف استخدم الكاتبان الأساليب الزمنية المختلفة، وفيما يخص الراوى المستخدم لسرد الأحداث، لاحظ الباحث أن الكاتبين اختارا راويًا يستخدم الشخص الثالث (ضمير الغائب المفرد)، وهو راوى مجهول الاسم وخارجًا عن الأحداث المروية أى إنه ليس بشخصية داخل الأحداث، هذا الراوى عليم بكل الأحداث والتحولات فى المجتمع السكندرى ويرى عن كثب تفاصيل المجتمع السكندرى بكافة أطيافه ومعاناته، ويعلم كل ما يخص البطلين سواء ماضيهما أو ما يدور داخلهما من أفكارٍ وخواطر وأحلام وتأملاتٍ وما غير ذلك. 

بعد معالجة الزمان الروائى تبين أن كل كاتبٍ استخدم معظم التقنيات الزمنية فى روايته ولكن عبدالمجيد تفوق باستخدامه تقنية الاستباق الزمنى أو القفز إلى الأمام عبر الزمن، كما كان الحوار عنصرًا بارزًا بشكل أكبر عند عبدالمجيد أكثر من مارسيل فاخورى. 


وفيما يخص التبئير أو التركيز أو وجهة النظر أو التطلع أو المنظور الذى يقوم الراوى من خلاله برؤية ومتابعة كل الأحداث الروائية، فقد تبين أن الراوى فى «لا أحد ينام فى الإسكندرية» لإبراهيم عبد المجيد قد اعتمد على تعدد التبئير أو التركيز المختلط، بينما تبنى الراوى فى رواية «آخر ملائكة الإسكندرية» لمارسيل فاخورى التركيز الصفرى حيث يظهر الراوى المجهول دائما مصدرًا للمعرفة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة