نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

فى ملكوت الله

نوال مصطفى

الثلاثاء، 25 يوليه 2023 - 07:28 م

«جلسة واحدة فى هذا الملكوت الإلهى كفيلة بأن تمنحك هدوءًا وسلامًا داخليًا بلا حدود، جلسة فريدة من جلسات التأمل، تغوص فيها داخل نفسك»

الدقائق الأخيرة قبل غروب الشمس على شاطئ الساحل «الساحر» الشمالى فى مصرنا الحبيبة تصنع مشهدًا خلابًا. طقس جميل أحرص على القيام به كلما حط رحالى فى الساحل الشمالى. أن أغتنم تلك الدقائق الأخيرة قبل غروب الشمس. وأن أتابع تفاصيل تلك المشاهد التى تصنع لوحات مذهلة فى جمالها من خطوط وأشكال، تتمازج ألوان الأزرق بدرجاته العديدة من الخفيف جدًا السماوى الفاتح إلى الداكن الأزرق الصريح المائل إلى الرمادى، يتداخل معهما الأرجوانى المبهج فيشعل هدوء الأزرق ويعلن عن الحدث الأهم: رحيل الشمس فى وداع يليق بالملكة التى تمنح الكون نورًا ودفئًا وحياة.

فى كل ثانية تتشكل لوحة من صنع الله، مصدر الخلق والإبداع، تشعر كأنك فى متحف هائل وسط زخم الأشكال والألوان. تحس الطبيعة كائنًا يتحدث إليك ويمنحك مفرداته وأسرار لغته الآسرة. الموجة، تداعب الموجة، تصطخب أصواتهما مع صوت البحر الغامض، القادم من الأعماق، يحرك الشجن الدفين والبهجة الخفية فى آن معا.

جلسة واحدة فى هذا الملكوت الإلهى كفيلة بأن تمنحك هدوءًا وسلامًا داخليًا بلا حدود، جلسة فريدة من جلسات التأمل، تغوص فيها داخل نفسك، يبهرك الحوار الدائر بين مخلوقات الله منذ لحظة بزوغ الشمس حتى لحظة رحيلها المهيب، أطرافه السماء، البحر، الأفق اللانهائى. الرمال الناعمة. لا تجد وصفًا يعبرعن حالة الغوص والتأمل التى تعيشها إلا كلمة واحدة لا بديل لها: الله.. الله.. الله. سبحانك، يا من أبدعت فى خلقك، وفاق جمال صنعك كل جمال، سبحانك، يا من بيده الملك، وهو على كل شيء قدير.

حلوة بلادى

رأيت صديقتى المقربة فى حيرة من أمرها، مترددة فى اختيار المكان الذى تقضى فيه إجازة الصيف هذا العام. صديقتى التى أحدثكم عنها تهوى السفر، والتعرف على بلاد وثقافات مختلفة، والجميل أن زوجها يشبهها جدًا فى هذا الشغف، وكذلك كبر أولادهما فتشبعوا بروح أبويهما، وأصبحت العائلة كلها تنتظر تلك السفرة السنوية لمكان جديد خارج حدود مصر.

وجدتها هذا العام لأول مرة مترددة فى السفر، بسبب ارتفاع سعر الدولار واليورو بالتبعية، هنا أدليت بدلوى، وصارحتها برأيى الذى كنت أتحرج فى قوله لها فى هذا الموضوع. وحكيت لها عن مشروع حياة أفكر فيه من سنوات بعيدة ولا أزال فى انتظار توفر الوقت والقدرة للقيام به. المشروع «الحلم» الذى يراودنى من وقت لآخر اسمه «سائحة فى بلدى» وفكرته تتلخص فى أن أقوم كل شهر أو حتى شهرين بزيارة محافظة من محافظات مصر السبع والعشرين، ومعى مصور، وأن أسجل صوتًا وصورة الأماكن الخلابة، والمبانى الأثرية، والمناطق التى يأتى إليها السائحون من آخر بلاد الدنيا بانبهار وشغف.

أما عن سواحل وشواطئ مصر فمن المؤكد مذهلة فى كم التنوع والجمال الموجود لدينا فى أكثر من محافظة سياحية ومنها الساحل الشمالى، البحر الأحمر بمدنه الرائعة الغردقة، الجونة، سهل حشيش، مكادى باى، سفاجا، وغيرها. سيناء برمالها ومياه بحورها، والشعب المرجانية، الفيوم بحيرة قارون والسبع سواقى وغيرها.

قلت لها إن مصر فى رأيى أجمل بلد يمكنك قضاء إجازة الصيف فيه، سافرت كثيرًا ورأيت بلادًا أوروبية وأمريكية عديدة، لكن بكل صراحة لم أجد جمال الساحل الشمالى فى أى مكان فى العالم، ولم أر مياه بحر أجمل من مياه مرسى مطروح، ولم أر جمال الشعاب المرجانبة التى رأيتها فى رأس محمد، أما العلمين الجديدة فقد أصبحت مدينة عصرية للترفيه بكل أشكاله، فنادق على أعلى مستوى، ومطاعم عديدة وكافيهات مختلفة. بالإضافة إلى مهرجان العلمين الذى أضاف هذا العام روحًا من البهجة بين مرتادى المكان من المصيفين المصريين، العرب، والأجانب الذين رأيتهم بكثرة هذا العام.

بعد حوارى الحماسى مع صديقتى، لمعت عيناها بالاقتناع، والحماس، وقالت لى بابتسامة تملأ وجهها: أقنعتينى يا نوال. وسوف أنفذ الفكرة على الفور، ورأيتها تمسك الموبايل، وتذهب فى ركن بعيد لتتحدث مع زوجها.

والله بلدنا حلوة ومن يريد مكانًا فريدًا يدلع فيه نفسه سيجد بدلًا من الواحد عشرة هنا. أنا شخصيًا أحاول أن أؤجل أى سفر للخارج حتى فى مهام عمل فى الصيف، حتى لا أفقد فرصة الاستمتاع بـ «الساحر» الشمالى!

العادات الذرية

أعترف أننى انجذبت بشدة لقراءة هذا الكتاب الجميل، وتمنيت أن أجلس معه يومًا كاملًا حتى انتهى منه، وأمسك بجميع أسراره. المؤلف هو كاتب أمريكى اسمه جيمس كلير، والمترجم الذى قام بتقديمه باللغة العربية هو محمد فتحى خضر. صدر عن دار منشورات الرمل.

يمنحنا الكاتب مفاتيح اكتشاف أنفسنا فى البداية، ويقنعنا أن الرحلة التى سوف نقطعها للوصول إلى هذا الهدف الأسمى فى حياة كل إنسان ليست وعرة ولا مستحيلة، فقط هى تحتاج لرغبة صادقة فى فعل ذلك، كم منا يريد أن يغير أشياء فى حياته، لكنه لا يستطيع ذلك، كم منا يريد أن يدخل عادات جديدة هو مقتنع أنها سوف تفيده جدًا، وسوف تجعله النسخة الأفضل، التى يحبها هو شخصيًا لنفسه؟ أعتقد أن معظمنا، إن لم يكن كلنا يحس بشيء من هذا، ربما لا يتحدث عنه مع أحد، بل ربما لا يتحدث عن ذلك حتى مع نفسه حتى لا يقلب المواجع، ويتذكر كم الإحباط المخزون داخله جراء تأجيل الحلم، والاعتياد على ما هو موجود، وما اعتدنا على الإتيان به كل يوم دون تفكير، وبشكل أوتوماتيكى مائة بالمائة.

الكاتب جيمس كلير فى هذا الكتاب يعطينا الروشتة العملية، أو الخطوات البسيطة التى تساعدنا على التخلى عن عادات قديمة تعطلنا، وتعرقل تقدمنا، بل تنتزع السعادة من مشاعرنا. وكيف تزرع عادة جديدة نرغب فى أن تصبح جزءًا أصيلًا من حياتك؟ كيف تحدد أهدافك الحقيقية، وكيف تعثر عليها أولًا، لأن كثيرًا منا لا يعرفون ما هى أهدافهم الحقيقية فى الحياة، وكيف ترسم الخطط المبنية على العادات السليمة التى يوصلك تراكمها، وممارستها اليومية إلى الهدف. الكتاب به فصول عديدة تأخذ بيدك برفق، وهدوء، واحدة، واحدة، لكى تتشكل داخلك الفكرة، وتؤمن بها، ومن ثم تبدأ فى تنفيذها. ومن العناوين المهمة التى تشير إلى محتوى الكتاب المهم: تغييرات صغيرة لتحقيق نتائج مذهلة، سر الحصول على نتائج هائلة. سر ببطء ولكن ليس إلى الخلف مطلقًا. كيف تبنى عادات أفضل فى أربع خطوات؟ كيف تشكل العادات هويتك؟ حقيقة الموهبة (متى تهم الجينات ومتى لا تهم؟) كيف تجعل العادات الحسنة حتمية؟

الكتاب رائع، ومن الصعب تلخيصه فى سطور قليلة، لذا أنصح كل إنسان تائه فى تحديد أهدافه، ويرغب فى تغيير حياته ونفسه ليكون النسخة الأفضل منه أن يقرأ هذا الكتاب.

أجمل لقطة لميسى كوبر

اسمها ريجان ريفورد مثلت دور «ميسى كوبر» فى المسلسل الشهير «young Sheldon» ، باعتبارها الأخت التوأم لشيلدون، الشخصية الرئيسية فى المسلسل. طفلة جميلة، مرحة، ذكية، لماحة، حبوبة، تعيش وسط أسرة متحابة، متعاونة، مكونة من أب، أم، أخين جورجى الأكبر، وشيلدون التوأم، وجدة عصرية جدًا، تعيش فى منزل بالقرب منهم، وتعطيهم جميعًا الإحساس بالقرب النفسى، والصداقة التى لا يجدونها مع أمهم.

رغم كل هذه الصفات التى تجعل أى طفلة فى سنها «9 سنوات» فى قمة السعادة، إلا أنها تعانى معاناة خاصة جدًا، سببها أنها إنسانة طبيعية تعيش فى نفس البيت، ونفس غرفة النوم ذات السريرين مع أخ عبقرى هو شيلدون! ليست هى وحدها التى تعيش مشكلة وجود طفل عبقرى صغير فائق الذكاء، تواق للعلم، يتجاوز عمره العقلى بسنوات طويلة، بل الأسرة كلها، فجميع أفراد الأسرة ناس طبيعيون، أذكياء، لكن بالمعدلات العادية، لكن الأخت «ميسى» والأخ الأكبر «جورجى» هما أكثر المتضررين من وجود أخ ثالث عبقرى بينهما، يلفت الأنظار فى كل لحظة بتصرفاته، آرائه، أفعاله الغريبة، ولا يترك لهما فرصة أو مساحة اهتمام من قبل والديهما. وهذا بالطبع يتسبب فى إحساس دائم بالإحباط والدونية عند كليهما.

المسلسل الذى أنتجته سى بى إس الأمريكية، وحظى بمشاهدة واسعة فى العالم كله، يدور فى إطار كوميدى، اجتماعى، أذيع منه سبعة مواسم حتى الآن، وهو فى رأيى رائع فعلا لأنه جديد، فى الفكرة، والتناول، وكشف الجانب المخفى من حياة العباقرة، الذين نراهم دائمًا باعتبارهم مصدرًا للإبهار والإعجاب، لكننا أبدًا لا ننشغل بالثمن الباهظ الذى يدفعونه هم أو المقربون منهم العائلة أو الأصدقاء فى مقابل ذلك.

أعود إلى اللقطة التى استوقفتنى حول «ميسى كوبر» أخت شيلدون وتوأمه، واسمها فى الحياة ريجان فورد، هى الآن كبرت وأصبح عمرها، خمس عشرة سنة، فهى من مواليد سانتياجو فى 3 يناير 2008. اللقطة الجميلة هى عندما رأيت بالصدفة حسابًا خاصًا لها على انستجرام عنوانه

«Readwithraegan» تصفحته لأكتشف أنها أسست على تلك الصفحة «ناديًا للكتاب» ترشح فيه كل شهر كتابًا للقراءة، وتقرأه وتشجع معجبيها على قراءته، ليس هذا فقط بل تدير نقاشات حول كتاب الشهر الذى تختاره، وترد على أسئلة قرائها ومتابعيها حول هذا الكتاب، وتنشر صورًا رائعة لها وهى تقرأ، الله عليك يا ميسى! أليست لقطة رائعة من فنانة تبدأ سن الشباب بهدف رائع، وثقافة متأصلة فى تكوينها، ورغبة فى التأثير على أقرانها بصورة إيجابية تستحق الإعجاب والتقدير؟.

ريجان ريفورد أيضًا أصبحت كاتبة أطفال، وناشطة للدفاع عن حقوق الحيوان، وداعمة مؤثرة لمستشفى الأطفال للحالات الحرجة.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة