أرشيفية
أرشيفية


مأساة.. زوجة عاصية

علاء عبدالعظيم

الخميس، 27 يوليه 2023 - 08:43 م

اندهش القاضي لموقف هذه الزوجة الشابة الصغيرة، فهي على عكس كثيرات ممن يقفن في نفس موقفها، حيث التزمت الصمت!

وطلب منها القاضي أن تحكي ماعندها. فقالت بصوت مشحون بالحزن والألم.

اقرأ أيضا| يستأجر امرأة مجنونة.. ويزعم أنها أمه أمام المحكمة

سيدي القاضي.. ليس عندي اكثر من أوراق القضية الموجودة امامك، ويقيني أنها كافية لإظهار الحق، وأنتم رجال العدالة ولكم في النهاية الحكم بما يرضي ضمائركم.

التفت القاضي إلى الزوج الذي كانت نظراته متحفزة ينفر منها شرر الغضب والغيظ، وحركاته قلقة متوترة.

دعاه القاضي للحديث، وبدأ بعصبية تتسابق الكلمات في حلقه وتتداخل قائلا: إن هذه الزوجة عاصية، والدين الإسلامي يلزم المرأة بطاعة زوجها في كل امر، ولذلك أطلب بتوقيع حكم النشوز عليها.

طالبه القاضي أن يذكر فيما عصته الزوجة، وهي كما يرى جميع الحضور لاتزال تقف تبدو عليها ملامح الطيبة، صامتة تسكب عيناها أحزان وترتسم على وجهها أيضا آثار الجرح الغائر في قلبها.

اندفع الزوج بنفس طريقة العصبية في الكلام، ونفس الحدة والتوتر في نظراته وحركاته قائلا: إنها نقضت العهد بيني وبينها، والابشع من ذلك لم يكن عهدا شفهيا قطعناه على أنفسنا في ساعة رضا، بل كان اتفاقا كتابيا وقعت عليه بكامل ارادتها.

ارتسمت علامات الدهشة على وجه القاضي، وتنقلت عيناه بين الزوج والزوجة ثم قال: أخبرنا ببنود هذا الاتفاق الكتابي الذي لابد أنه شان هام وخطير، فماذا يجعل زوجان يعيشان تحت سقف واحد يتقاسمان الحياة، ويتشاركان أدق وأكثر الأمور خصوصية، ماذا يجعلهما يلجأن إلى الاتفاق الكتابي إلا أمرا خطيرا يتجاوز اعتبارات العشرة والمحبة والمصير الواحد.

زاد ارتباك الزوج، وبدأ العرق يتصبب من فوق جبهته، وارتعشت عضلات وجهه من فرط التوتر والقلق الذي احتواه تماما في تلك اللحظات. 

انخفض صوته وتلعثمت الكلمات فوق شفتيه، وبدأ الكلام بنبرة توحي بالضعف والمسكنة، وقال: تعاهدنا بعد الزواج وبعد أن هزمنا العقبات التي قابلتنا، واتفقنا إلا نجعل اي انسان مهما كان ينال من هذه السعادة التي يجب أن تظل من حقنا نحن الاثنان فقط بلا شريك ثالث، وتعاهدنا الا ننجب على الاقل لمدة ٥ سنوات، ووافقت على ذلك، ولكني لم أشأ أن اجعل الكلام شفويا حتى لا تحسبه كلاما والسلام، بل كتبت اقرارا كتابيا ينص على اتفاقنا وقامت بالتوقيع عليه وهي تبتسم.

ويستطرد الزوج قائلا: لكني فوجئت بأنها تستغفلني، وتدعي أنها تتناول أقراص منع الحمل التي اشتريتها لها بنفسي، ولكنها لم تفعل، وجاءت في يوم تخبرني بالكارثة بأنها حامل.

ابتسم القاضي بسخرية وقال:

الإسلام..  وتتحدث أيضا عن الإسلام..  هل احل لك أن تسلبها الحق الإلهي الذي شرعه المولى عز وجل لكل أنثى في أن تكون أما، بل وجعل الجنة تحت أقدام الامهات، واوصى النبي صلي الله عليه وسلم على طاعة الأم ورعايتها في احاديثه الشريفة.

هل تتحدث عن الإسلام بعد مافعلت وتجعله سندك، ومرجعك في قضيتك الظالمة.

ساد الصمت قاعة المحكمة، وأمر القاضي برفع الجلسة على أن تعود للانعقاد بعد دقائق، وماإن عادت هيئة المحكمة، وبدأ رئيس المحكمة تلاوة الحكم حيث حكمت المحكمة برفض دعوى النشوز لتعارضها مع أحكام الشريعة الاسلامية، وحق الزوجة في الانجاب وهو حق إلهي شرعه الخالق لكل زوجة مسلمة.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة