خالد محمود
خالد محمود


خالد محمود يكتب: « هوليوود الشرق » 650 شاشة لا تكفى

أخبار النجوم

الثلاثاء، 08 أغسطس 2023 - 01:55 م

دون‭ ‬شك‭ ‬تشكل‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬بقوامها‭ ‬وحجمها‭ ‬مؤشرا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لمشهد‭ ‬السينما‭ ‬بحاضرها‭ ‬ومستقبلها‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬دولة‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬نقف‭ ‬عند‭ ‬ذلك‭ ‬الرقم‭ ‬المثير‭ ‬لعدد‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬ذو‭  ‬الـ‭ ‬105‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭.‬

تصوروا‭ ‬معي‭ ‬أن‭ ‬البلد‭ ‬الذى‭ ‬شهد‭ ‬ميلاد‭ ‬السينما‭ ‬فى‭ ‬خط‭ ‬متوازى‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬بها‭ ‬650‭ ‬شاشة‭ ‬عرض‭ ‬سينمائى‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجمهورية‭ ‬كلها،‭ ‬80‭% ‬منها‭ ‬بالقاهرة‭ ‬وحدها،‭ ‬10‭% ‬بالإسكندرية،‭ ‬والـ10‭% ‬الأخرى‭ ‬موزعة‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬المحافظات‭.. ‬بالطبع‭ ‬الرقم‭ ‬مثير‭ ‬للدهشة‭ ‬كونه‭ ‬هزيلا‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬بمكانة‭ ‬السينما‭ ‬المصرية‭ ‬وتاريخها‭ ‬وانتشارها‭ ‬تجاريا‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ .‬

 

الدول‭ ‬من‭ ‬حولنا‭ ‬تفكر‭ ‬فى‭ ‬المستقبل‭ ‬وتبني‭ ‬دور‭ ‬عرض‭ ‬وشاشات‭ ‬جديدة،‭ ‬تقفز‭ ‬أرقامها‭ ‬لواقع‭ ‬يثير‭ ‬الإعجاب،‭ ‬لأنها‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬كثرة‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬تحفز‭ ‬على‭ ‬انتعاشة‭ ‬الإنتاج‭ ‬وتمنح‭ ‬كافة‭ ‬الأنواع‭ ‬فرصة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬والتواجد‭ ‬والمنافسة‭ ‬وعدالة‭ ‬التوزيع،‭ ‬وخاصة‭ ‬أعمال‭ ‬الشباب‭ ‬التى‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬المعادلة،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يضمن‭ ‬المنتج‭ ‬وجود‭ ‬قنوات‭ ‬توزيعية‭ ‬تضمن‭ ‬عودة‭ ‬التكاليف‭ ‬الخاصة‭ ‬بالفيلم‭ ‬فى‭ ‬هيئة‭ ‬إيرادات،‭ ‬وتُعد‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬المحطة‭ ‬الرئيسية‭ ‬فى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الفيلم‭ ‬السينمائى‭ ‬والجمهور،‭ ‬ويعتمد‭ ‬عليها‭ ‬المنتج‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬تغطى‭ ‬نفقاته‭.‬

فى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ (‬32.177‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ )‬،‭ ‬الإقبال‭ ‬المتزايد‭ ‬للجماهير‭ ‬على‭ ‬مشاهدة‭ ‬الأفلام‭  ‬فرض‭ ‬توسعاً‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬بالبلاد،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬الشاشات‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬581‭ ‬شاشة،‭ ‬تضم‭ ‬صالاتها‭ ‬59‭ ‬ألفاً‭ ‬و444‭ ‬مقعداً،‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬مدينة،‭ ‬كما‭ ‬كشفت‭ ‬هيئة‭ ‬الثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬بالمملكة‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬صالات‭ ‬العرض‭ ‬السينمائية‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬افتتاحها‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2030،‭ ‬حيث‭ ‬سيبلغ‭ ‬عددها‭ ‬250‭ ‬دار‭ ‬عرض‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬2500‭ ‬شاشة‭.‬

تمتلك‭ ‬إيران‭ ( ‬87.5‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ) ‬نحو‭ ‬650‭ ‬صالة‭ ‬سينما،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نشاط‭ ‬شاشات‭ ‬عشرات‭ ‬المعاهد‭ ‬التعليمية،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬أيدلوجية‭ ‬تعامل‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬مع‭ ‬السينما،‭ ‬وفرض‭ ‬رقابات‭ ‬متعددة‭ ‬على‭ ‬نوعيات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭ ‬وصناعها‭.‬

ماليزيا‭ (‬32‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ) ‬بها‭ ‬994‭ ‬دار‭ ‬عرض،‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ( ‬60‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ) ‬بها‭ ‬800‭ ‬دار‭ ‬عرض،‭ ‬إيطاليا‭ ‬التى‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬58‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬لديها‭ ‬3543‭ ‬دارا‭ ‬للعرض،‭ ‬فرنسا‭ ( ‬67‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ) ‬تمتلك‭ ‬741‭ ‬5‭ ‬دار‭ ‬عرض‭ ‬سينمائي،‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬قابل‭ ‬للزيادة‭ ‬،إسبانيا‭ (‬47‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭) ‬‭ ‬لديها‭ ‬حوالى‭ ‬3588‭ ‬دار‭ ‬عرض،‭ ‬هولندا‭ ( ‬17.248‭ ‬نسمة‭)  ‬بها‭ ‬888‭ ‬دار‭ ‬عرض‭.‬

الطفرة‭ ‬التى‭ ‬بدأت‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬فى‭ ‬الإنتاج‭ ‬السينمائي‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬والرغبة‭ ‬القوية‭ ‬لدى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المنتجين‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الساحة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تحقيق‭ ‬الفيلم‭ ‬المصرى‭ ‬إيرادات‭ ‬كبيرة‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا،‭  ‬تتطلب‭ ‬النظرة‭ ‬لبناء‭ ‬دور‭ ‬عرض‭ ‬جديدة،‭ ‬وتطوير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬بالمسارح‭ ‬وقصور‭ ‬الثقافة‭ ‬بشكل‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المتطورة‭.‬

‭ ‬فى‭ ‬مايو‭ ‬الماضى‭ ‬ناقشت‭ ‬لجنة‭ ‬الثقافة‭ ‬والإعلام‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬برئاسة‭ ‬الدكتورة‭ ‬درية‭ ‬شرف‭ ‬الدين،‭  ‬سوء‭ ‬حالة‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائي‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬وسط‭ ‬حضور،‭ ‬د‭ ‬خالد‭ ‬عبد‭ ‬الجليل‭ ‬مستشار‭ ‬وزيرة‭ ‬الثقافة‭ ‬لشئون‭ ‬السينما‭ ‬ورئيس‭ ‬جهاز‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬المصنفات‭ ‬الفنية‭ ‬والمشرف‭ ‬على‭ ‬الشركة‭ ‬القابضة‭ ‬للصناعات‭ ‬الثقافية،‭ ‬وعضو‭ ‬غرفة‭ ‬صناعة‭ ‬السينما،‭ ‬و‭ ‬طالبت‭  ‬اللجنة‭ ‬بصيانة‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائية،‭ ‬وسألت‭  ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬الرئيسية‭ ‬وراء‭ ‬تدني‭ ‬العائد‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬داعية‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدور‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المتاحة،‭ ‬وتساءلت‭ ‬عن‭ ‬عدد‭ ‬دور‭ ‬السينما‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الثقافة،‭ ‬وأجاب‭ ‬خالد‭ ‬عبد‭ ‬الجليل،‭ ‬قائلا‭ :‬”‭ ‬لدينا‭  ‬14‭ ‬سينما‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬والإسكندرية‭ ‬والإسماعيلية‭ ‬ورأس‭ ‬البر”‭.‬

تصوروا‭ ‬لدينا‭ ‬دور‭ ‬سينما‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬محافظات‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬محافظات‭ ‬مصر،‭ ‬وبالتالى‭  ‬معظم‭ ‬محافظات‭ ‬مصر‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬السينما،‭ ‬رغم‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائية‭ ‬باعتبارها‭ ‬جزءا‭ ‬مهما‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬القوى‭ ‬الناعمة‭ ‬فى‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬والفنون،‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائية‭ ‬فى‭ ‬المحافظات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬إما‭ ‬مهملة‭ ‬أو‭ ‬مغلقة،‭ ‬فالكثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬محرومة‭ ‬من‭ ‬السينما،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬قاعة‭ ‬عرض‭ ‬واحدة،‭ ‬منها‭ ‬المنوفية،‭ ‬الأقصر،‭ ‬البحيرة،‭ ‬بنى‭ ‬سويف،‭ ‬دمياط،‭ ‬الفيوم‭ ‬وكفر‭ ‬الشيخ‭.‬

الأمر‭ ‬بحق‭ ‬بات‭ ‬ملحا‭ ‬لإنطلاقة‭ ‬فى‭ ‬إنشاء‭ ‬دور‭ ‬عرض‭ ‬جديدة‭ ‬يشعر‭ ‬معها‭ ‬كل‭ ‬صناع‭ ‬الافلام‭ ‬بأن‭ ‬تواجد‭ ‬أعمالهم‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬مساحة‭ ‬وفرصة‭ ‬للمشاهدة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬رواج‭  ‬سوق‭ ‬الفيلم‭ ‬الأجنبى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وإقبال‭ ‬الشباب‭ ‬عليه،‭ ‬“أوبنهايمر”‭ ‬مثلا‭ ‬حقق‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬فى‭ ‬أسبوع،‭ ‬و”مهمة‭ ‬مستحيلة”‭ ‬حقق‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ .‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬بهوليوود‭ ‬الشرق‭ ‬أقل‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬بجنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬وإيران‭ ‬وماليزيا،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أقول‭ ‬الصين‭ ‬التى‭ ‬تضيف‭ ‬شاشات‭ ‬عرض‭ ‬بمعدل‭ ‬10‭ ‬شاشات‭ ‬فى‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬الأرقام‭ ‬إلى‭ ‬55‭ ‬ألف‭ ‬دار‭ ‬عرض‭.‬

ذلك‭ ‬يحدث‭ ‬ولا‭ ‬ندرى‭ ‬هل‭ ‬سيكون‭ ‬هناك‭  ‬دور‭ ‬للشركة‭ ‬القابضة‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬للاستثمار‭ ‬فى‭ ‬المجالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية،‭ ‬التى‭ ‬صدر‭ ‬قرار‭ ‬بتأسيسها‭ ‬فى‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬يونيو‭ ‬الماضى،‭ ‬وهل‭ ‬ستدخل‭ ‬مستقبلًا‭ ‬فى‭ ‬زيادة‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬باعتبارها‭ ‬كيانًا‭ ‬وليدًا‭ ‬يهتم‭ ‬بالشأن‭ ‬السينمائي‭ ‬؟‭ ‬

أتذكر‭ ‬النجم‭ ‬الراحل‭ ‬نور‭ ‬الشريف،‭ ‬الذى‭ ‬طالما‭ ‬نادى‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬محفل‭ ‬بضرورة‭ ‬فتح‭ ‬سينمات‭ ‬جديدة،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬دور‭ ‬العرض،‭ ‬فمما‭ ‬لا‭ ‬شکل‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬للفيلم‭ ‬تأثير‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفاله،‭ ‬وللسينما‭ ‬دور‭ ‬کبير‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬وتشكيل‭ ‬وصياغة‭ ‬وجدانها‭ ‬وتقدمها‭ ‬ومواجهة‭ ‬الأفكار‭ ‬المتطرفة،‭ ‬فمن‭ ‬خلالها‭ ‬تستطيع‭ ‬تصدر‭ ‬الريادة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬باعتبار‭ ‬الفن‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬ناعمة‮»‬‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬عبر‭ ‬محيطها،‭ ‬السينما‭ ‬ليست‭ ‬فحسب‭ ‬وسيلة‭ ‬تسلية‭ ‬وترفيه،‭ ‬إنما‭ ‬وسيلة‭ ‬توعية‭ ‬وإرساء‭ ‬قيم‭ ‬ومعتقدات،‭ ‬وسيلة‭ ‬توعية‭ ‬بقضايا‭ ‬سياسية‭ ‬وإجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬تهم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة