د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

نسيت النوم ...

الأخبار

السبت، 12 أغسطس 2023 - 07:51 م

د. سارة الذهبى

ذكر الله بشكل دائم و استشعار معنى الأذكار و اليقين بأن الله سبحانه وتعالى قريب وسميع ومجيب وقادر على كل شيء هيريح قلبك ويطمنك ويحسسك بالطمأنينة والسكينة..

«الأرق»

أصعب إحساس فى الدنيا هو هجر شخص بتحبه ولكن هناك ما هو أصعب.. ان النوم يخاصمك و يهجرك بالأسابيع..

زى ما قالت كوكب الشرق أم كلثوم «نسيت النوم وأحلامه.. نسيت لياليه و أيامه».

النوم لو خاصمك بيحولك لشخص متوتر، غير متزن، مناعتك ضعيفة وللأسف بيصيب الأرق ما بين ١٠-٣٠٪ من سكان العالم وفقًا لما نشرته مجلة «ناشونال ليبرارى أوف ميديسن».. شوف كام شخص فى دايرتك الصغيرة بيشتكى من الأرق و انت نفسك اشتكيت منه كام مرة...أكيد كتير.

فى البداية لازم نفهم ايه هو الأرق؟ 

الأرق هو صعوبة الخلود إلى النوم وصعوبة البقاء نائمًا بالقدر اللى يجعلك تستيقظ منتعش و فايق تانى يوم..

من أهم أعراضه الأخري: النوم المتقطع، عدم الشعور بالراحة بعد الاستيقاظ، صعوبة التركيز، تشتت الانتباه، ضعف، خمول، تقلبات مزاجية وعصبية.
طيب سؤال ناس كتير بتسأله هل الأرق دلالة على وجود مرض نفسي؟ 

أولاً منظمة الصحة العالمية أوضحت ان هناك ٣ أنواع من الأرق:

١- أرق عابر Transient insomnia: 

مدته لا تتجاوز الأسبوع، يظهر بسبب شعور بالتوتر لسبب ما، أو تغيرات فى ظروف المعيشة ولكن بينتهى سريعًا.

٢- أرق حاد Acute insomnia :

و يعتبر طريقة للتكيف مع الظروف المتغيرة المحيطة، مدته لا تتجاوز الشهر، و ينتهى بانتهاء الظرف المُسبب أو التكيف مع وجوده.

٣- أرق مزمن Chronic insomnia:

و مدته تتجاوز الشهر، و يرتبط وجوده بوجود أمراض أو ظروف نفسية أخرى مسببة له.

فإذا كان الأرق يؤثر على نمط الحياة ويحد من إنتاجية الشخص وتفاعله مع الأشخاص المحيطين بيه بشكل ملحوظ وباءت كل محاولات تحسين جودة النوم بالفشل؛ هنا يتوجب علينا زيارة طبيب مختص، لإن استمرار الأرق يُزيد من خطر الإصابة بأمراض كثيرة.

أشارت دراسة نشرت فى مجلة «Sleep» عام 2014 أن الأرق المزمن من الممكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين. وجد الباحثون أن الأشخاص اللى بيعانوا من الأرق لفترة طويلة ممكن يكون عندهم خطر أعلى بنسبة 45٪ تقريبًا من الإصابة بأمراض القلب والوفاة المبكرة.

و أشارت دراسة أجريت فى جامعة بنسلفانيا ونُشرت فى مجلة «Archives of Internal Medicine» عام 2006 أن قلة النوم و الأرق قد يزيد خطر الإصابة بداء السكرى من النوع 2. ووجد الباحثون أن الأشخاص اللى بيناموا أقل من ست ساعات فى الليلة لديهم خطر مرتفع بنسبة 70٪ تقريبًا من التطور إلى داء السكري.

و أظهرت دراسة أجريت فى جامعة جونز هوبكنز ونُشرت فى «JAMA Network Open» عام 2019 أن الأشخاص اللى بيعانوا من الأرق الشديد قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض العقلية مثل الاكتئاب والقلق. وجد الباحثون أن الأشخاص الذين يشعرون بالأرق لفترة طويلة قد يكون لديهم خطر زيادة بنسبة 68٪ من الإصابة بمشاكل الصحة العقلية.

و لذلك فمن الواجب علينا الاهتمام بمتابعة درجة القلق

؛ هل بنعانى منه لفترة قصيرة و بيزول بزوال المسبب و الا فقدنا السيطرة عليه و لازم نتوجه لطبيب مختص..

و دلوقتى محتاجين نعرف مُسببات الأرق..

أولها الضغوطات النفسية من توتر و قلق بسبب تحديات هذا العصر.. الحياة مش سهلة ووتيرتها سريعة وتطلعات ومتطلبات الإنسان لا تنتهى  ومن أهم ضغوطات العصر المشاكل فى سوق العمل والخلافات الأسرية والزوجية.. استحالة هتكون مضغوط فى شغلك لفترات طويلة أوغير مستقر اجتماعيًا وهتلاقى نفسك بتنام بشكل كويس.. غالبا ده هيترجم لأرق وتوتر..

ثانيًا: فى أمراض عضوية كتير ممكن تسبب الأرق مثل الربو، الانسداد الرئوى واضطرابات الغدة الدرقية.

وثالثًا البيئة المحيطة: ضوضاء- ظروف السفر اللى بتحتاج تغيير مواعيد النوم- القيلولة- تناول الكافيين- النيكوتين والتدخين- تناول وجبات ثقيلة قبل النوم اللى بتسبب ارتجاع المعدة أثناء النوم..

رابعًا: اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب واضطراب القلق العام 

وفيه اضطراب النوم الناجم عن الألم: ممكن يظهر الأرق بسبب الألم المزمن، مثل آلام الظهر أو الصداع المستمر. ويلزم علاج المرض للتخلص من الأرق.
واضطراب النوم الناجم عن التنفس: مثل اضطرابات النوم المتوقف عن التنفس (اختناق النوم)، وفيه بينقطع التنفس بشكل متكرر أثناء النوم ويترتب عليه استيقاظ متكرر.

و الأرق الناجم عن الأدوية أو المواد الكيميائية: بعض الأدوية مثل المنبهات، والمضادات الحيوية، وبعض المواد الكيميائية يمكن أن تسبب الأرق كآثار جانبية.

وزى ما ذكرنا ان فى أنواع من الأرق ممكن نتعايش معاهم و نتجاوزهم بتحسين عادات فى حياتنا 

فمن أهم العادات الصحية للتعامل مع الأرق: 

تثبيت جدول يومى للاستيقاظ والنوم، الروتين المتكرر بيحسن من جودة النوم. و ده بنشوفه بوضوح فى الأطفال لما بيناموا وبيصحوا فى مواعيد ثابتة.

البعد التام عن استخدام الموبايل قبل النوم بساعة والأفضل ترك الموبايل خارج غرفة النوم، وأشارت الأبحاث إلى أن الإضاءة الزرقاء اللى بتخرج من الشاشات الالكترونية بأنواعها بتثبط من افراز هرمون الميلاتونين اللى بيلعب دور هام فى دورة النوم والاستيقاظ. 

ومتابعة الأخبار بأنواعها قبل النوم بتؤدى للتشتيت الذهني، والانشغال العقلى المسبب للتوتر والقلق.. تخيل لما بتتابع أخبار مُحبطة و محزنة قبل النوم هل تتوقع انك هتنام كويس؟ أكيد كلنا جربنا الموقف ده مرارًا وتكرارًا ولاحظنا تأثيره السلبي.

ده غير ان استخدام الموبايل وقت النوم بيأخر ميعاد النوم وكلنا وقعنا فى الغلطة دي.. بنمسك التليفون و نلاقى ساعات ضاعت واحنا بنتفرج و محسيناش بيها.. 

توفير بيئة هادية ومريحة قبل النوم، عن طريق تجنب الضوضاء والإضاءة القوية.

تجنب المنبهات ومنع الكافيين والنيكوتين قبل النوم.

تجنب نوم القيلولة والنوم النهارى الطويل لتأثيرها السلبى على دورة النوم الطبيعية.

ممارسة الرياضة بشكل يومى بيساعد بشكل مباشر فى تحسين جودة النوم.

القراءة قبل النوم وتجنب الأنشطة المُجهدة قبل النوم.

تجنب الشخصيات السلبية قدر المستطاع والبُعد عن وسائل السوشيال ميديا كلما أمكن بيهدّى جدًا من الأرق والقلق والضغط العصبى والنفسي، لأن الانغماس فى الحياة غير الواقعية وأوهام السوشيال ميديا كفيل انه يضغط أى انسان لو تابعهم بدون رقابة ووعي..

لو قومت بمعظم النصائح السابق ذكرها و لازالت مشكلة الأرق متواجدة ، ساعتها يجب الرجوع لطبيب مختص.

فى دراسة علمية أحضر فيها بعض الباحثين مجموعة من الناس و قسموهم ثلاث مجموعات، طلبوا من المجموعة الأولى التفكير فى مكان هادئ قبل النوم و طلبوا من المجموعة الثانية عدم التفكير فى أى شيء والمجموعة الثالثة تركوهم بدون أى تعليمات.

النتيجة ان المجموعة الأولى نام أفرادها بعد عشر دقائق تقريبًا والمجموعة الثانية نام أفرادها بعد أربعين دقيقة تقريبًا، و الثالثة بعد ساعة 
اذن فالتفكير الإيجابى وتصفية الذهن والبعد عن المشتتات له تأثير قوى فى مقاومة الأرق..

و فى نقطة فى غاية الأهمية قال تعالى: «ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبًُ» صدق الله العظيم 

ذكر الله بشكل دائم و استشعار معنى الأذكار و اليقين بأن الله سبحانه وتعالى قريب وسميع ومجيب وقادر على كل شيء هيريح قلبك ويطمنك ويحسسك بالطمأنينة والسكينة..

ذكر الله هيهدّيك ويهديك..

هيقلل من تدفق الأفكار السلبية.. هينقذك من الأرق.. 

استشعار نعم ربنا علينا وتعددها هيقلل من الضغوطات والمقارنات بين حياتك وحياة الغير..

التوكل على الله فى كل أمورك حق التوكل هيصرف عنك التفكير الزائد والقلق وهما أهم مسببات الأرق..

اذا كنت مش بتنام بشكل كافى لفترة طويلة حاول تغير عاداتك الغلط وأرجوك لو استمرت الأعراض بشكل يعيق حياتك لازم تتوجه لطبيب يساعدك.. النوم مش رفاهية.. ومحدش هيحس بمعاناتك مع الأرق زيك..

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة