الإثنين، 21 أغسطس 2023 - 07:36 م

أنس عبد الرحمن

أمسكت بميكروفون وأخذت تذيع تفاصيل أمورك الخاصة والعامة وتنتهى بنشر أخبار ومعلومات منقولة عن الغير دون التأكد من صحتها أو صدقها

السبت
عاتبنى أحد الأصدقاء بأننى بالرغم من عشقى للغة العربية فإننى أكتب الأرقام باللغة الأجنبية. وبالطبع لم يكن عتابا فى محله !
فالأرقام هى الرموز المستخدمة للتعبير عن الأعداد ويبلغ عددها عشــرة أرقــام تبدأ بالصفــر وتنتهى بالرقم تسعة.
وقد تعددت أشكال وأسماء الأرقامِ على مر التاريخ، فوجدنا منها الرومانية والهندية والعربية والفارسية والتاميلية وغيرها.

فعلى سبيل المثال تقوم الطريقة الرومانية بالتعبير عن الأرقام بخطوطٍ عمودية متجاورة، أو بحروف معينة فنجد أن الرمـز ( I ) يعبر عن الرقم واحد، والرمـز (III) يعبر عن الرقم ثلاثة، أما حـرف (V) فيعبر عن الرقم خمسة وحرف (X) يعبر عن العدد عشرة وحرف (C) يعبر عن العدد (مائة).
وتتم كتابة الأعداد الكبيرة بوضع الحروف والخطوط بجانب بعضها البعض، مما جعل استخدامها شبه مستحيل حتى فى إجراء أبسط العمليات الحسابية بالإضافة لافتقادها لوجود الصفـر بين أرقامها.

أما الأرقام الهندية فكان لها أشكـال متعددة، وقد اختار العـرب بعضها ليكوِّنوا منها الأرقام التى نستعملها حتى اليوم ونسميها مجازا الأرقام العربية المشرقية بالرغم من أصلها الهندى، ويتم رسمها هكذا (0 1 2 3 4 5 6 7 8 9).

ونأتى لنوعٍ ثالث وهو الأرقام العربية التى يُطلق عليها الآن الأرقام العربية المغربية، وقام بتصميمها الخوارزمى (781 م-845م) وذلك حسب أعداد الزوايا لكل رقم، أما الصفر فقام بتصميمه على شكل دائرة بلا أية زوايا.

وتعرضت هذه الأرقام للتعديل على مر الأيام، حتى وصلنا إلى رسمها
الحالى (0 1 2 3 4 5 6 7 8 9)، ثم انتقلت بهذا الرسم من بلادِ المغرب العربى إلى أوروبا، ومازال يُشار إليها حتى الآن فى كثير من اللغات العالمية بأنها الأرقام العربية المغربية.
لقد حاولت كثيرا تبسيط الموضوع رغم صعوبته وكثرة الأبحاث الخاصة به حتى أصل إلى السؤال الهام.
هل لنا من عودة لأصولنا وكتابة الأرقام والأعداد بالطريقة العربية المغربية؟
الأحد
الدكتوراه الفخرية
دار الجدل مؤخرا حول الدكتوراه الفخرية ومن الذى يمنحها؟ ومن الذى يستحقها؟
وتوضيحا للأمر فإن الدكتوراه الفخرية هى درجة شرفية تُمنح دون أى متطلبات أكاديمية، ويعود تاريخها إلى العصور الوسطى حيث كان أسقف سالزبورى هو أول من حصل عليها، ويتم التمييز بينها وبين الدكتوراه الأكاديمية بإضافة الحرفين HC اختصارا للتعبير اللاتينى Honoris Causa ويعنى (من أجل الشرف).

ويتم منح الدكتوراه الفخرية لبعض الأشخاص تكريما لهم على مسيرتهم الناجحة وتقديرا لجهودهم وإنجازاتهم المتميزة ومساهمتهم الفعالة فى تنمية مجالات المعرفة والثقافة والفكر والإبداع مما يؤثر إيجابيا فى تنمية المجتمع. وهناك شروط ضرورية يجب توافرها فى الجهة المانحة كضرورة أن تكون جامعة عريقة ذات تراث علمى وفكرى، ولها مصداقية أكاديمية، وأن ينص قانون إنشائها على صلاحية منح شهادة الدكتوراه الأكاديمية، وكذا منح شهادة الدكتوراه الفخرية فى حدود لا تخرج عن تخصصات الكليات التابعة لها.
ويوجد نموذجان للدكتوراه الفخرية.. أولهما النموذج الأوروبى، والذى يمنح هذه الدرجة سنويا لعدد محدد من الشخصيات الحاصلة على الدكتوراه الأكاديمية أو آخرين من المتميزين علميا أو ثقافيا أو فنيا، ولا يُستحب منحها لشخصيات سياسية أو قيادية ما زالت فى مواقعها السياسية أو القيادية.

وثانيهما النموذج الأمريكى.. الذى يمنح درجة الدكتوراه الفخرية فى أغلبية جامعات الولايات المتحدة للشخصيات التى تسهم فى دعم الجامعة ماليا.

ويبقى القول بأن للجامعة المانحة الحق فى سحب درجة الدكتوراه الفخرية الممنوحة لشخص ما حال حدوث أمور تستدعى اتخاذ هذه الخطوة.
الاثنين
دَيْن فى الرقبة
هناك من الأصدقاء أو الأهل من يقدم لك معروفا واحدا أو تجد منه موقفا طيبا فيجعلك تتجاوز عن أى تقصير منه تجاهك مها بلغ قدره ويظل له دينا فى رقبتك طوال حياتك وبالطبع فقد مررت فى حياتى بعدد قليل من هؤلاء أذكر منهم اليوم (الجيولوجى الدكتور محمد نشأت يوسف) بمناسبة ذكرى وفاته (27 يوليو) الحادية عشرة.

(نشأت).. أخى الذى لم تلده أمى، زميل دراستى الثانوية بمدرســة حصــة برما، جاء إلى قريتنا من محافظة البحيرة حيث تقيم أسرته، ليقيم بمنزل جدته لأمه ويكمل دراسته معنا، وتلاقت أرواحنا منذ أول لقــاء وظللنا أصدقـاء لأكثر من أربعين عاما تعدد فيها المعروف وتنوعت المواقف الطيبة.

ما زلت أذكر لك يا (نشأت) حين لم تحصل فى الثانوية العامة على مجموع يؤهلك للالتحاق بالكلية المناسبة لميولك وكان قرارك بإعادة الثانوية العامة ووفقنى الله سبحانه وتعالى حينها للالتحاق بكلية طب أسيوط، ولا أنسى-رغم عدم توفيقك-كيف كانت فرحتك واضحة لالتحاقى بكلية الطب وذهابك معى إلى محطة قريتنا (برما) لتوديعى وأنا مسافر لأول مرة لمدينة أسيوط والدموع تنهمر من عينيك والحزن يملأ وجهك لمفارقتى!
ولا يتسع المجال لذكر مواقف أخرى كثيرة جدا كنت فيها نعم الأخ والصديق !
لا أجد إلا أن أقول: أفتقدك كثيرا يا (نشأت) منذ رحيلك عام 2012 ولا أملك إلا الدعاء الدائم لك بالرحمة والمغفرة.
الثلاثاء
دون حذر أو خجل !
أرجو أن تتخيل يا صديقى أنك وقفت يوما فى حديقة عامة لتعرض على الجميع دون حذر أو خجل لافتات بها أسرار حياتك بالكلمة والصورة ثم أمسكت بميكروفون وأخذت تذيع تفاصيل أمورك الخاصة والعامة وتنتهى بنشر أخبار ومعلومات منقولة عن الغير دون التأكد من صحتها أو صدقها، وتكرر هذا الفعل يوميا دون كلل أو ملل!
هل تقبل يا صديقى أن تفعل هذا؟
أعتقد أن الإجابة ستكون سريعا (لا) وهل أنا مجنون لأفعله!
حسنا إن كان الأمر كذالك فلماذا تفعله بيسر وبساطة ودون أدنى قدر من التفكير أو الحذر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى؟
فمع التسليم بأن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت ضرورة حتمية فى حياتنا رضينا أم أبينا وفيها متسع للجميع، فإن لها -كما لكل تكنولوجيا- وجهين للاستخدام، وتكون الفائدة أو الضرر العائد حسب وجه الاستخدام، فلنحسن دائما اختيار الوجه الذى نستخدمه.
الأربعاء
على باشا مبارك
مررت اليوم كعادتى بشارع على مبارك بمدينتى (طنطا)، والذى لا يعرف الكثير منا عنه شيئا فرأيت أن أقدم نبذة مختصرة جدا للتعريف به:

وُلد على مبارك فى قرية برنبال بالدقهلية عام 1823، فى عهد محمد على ، وحفظ القرآن الكريم ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة فى سن مبكرة فى كتاب القرية.

ثم ترك الصبى بلدته للالتحاق بمدرسة الجهادية بالقاهرة عام 1835، ولكن المدرسة أُغلقت أبوابها بعد عام من التحاقه بها، فانتقل مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية فى أبى زعبل، ثم مدرسة المهندسخانة فى بولاق عام 1839، وتخرج منها بتفوق عام 1844.
ونظراً لتفوقه تم اختياره للالتحاق ببعثة دراسية إلى فرنسا عام 1849، وهى المسماة ببعثة الأنجال لأنها ضمت آخرين منهم أربعة من أمراء بيت الوالى محمد علي، فقضى ثلاث سنوات فى دراسة المدفعية والهندسة الحربية، قبل الالتحاق بالجيش الفرنسى للتدريب لمدة لم تطل إذ صدرت الأوامر من الخديو عباس الأول بعودة على مبارك إلى مصر للعمل بمجال التعليم، إلى أن عزله سعيد باشا - بعد توليه الحكم عام 1854- عن مناصبه المدنية، وألحقه بالقوات المصرية التى كانت تشارك مع الدولة العثمانية فى حربها ضد روسيا.

وبعد عودته إلى القاهرة تقلد على مبارك عدة وظائف مدنية، إلى أن تولى الخديو إسماعيل الحكم عام 1863- وكان زميله فى بعثة الأنجال - فعهد إليه بقيادة مشروع إعادة تنظيم القاهرة على نمط حديث، فقام بشق الشوارع الواسعة، وإنشاء الميادين، وإقامة المبانى والعمائر الجديدة، وإمداد القاهرة بالمياه وإضاءتها بالغاز، ولا يزال هذا التخطيط باقيًا حتى الآن فى وسط القاهرة شاهدا على براعة على مبارك، وحسن تخطيطه.

ثم أسند إليه الخديو إسماعيل نظارة القناطر الخيرية وديوان المدارس، فأصدر فى تلك الفترة لائحة لإصلاح التعليم عُرفت بلائحة شهر رجب عام 1868.

ولنشاطه وهمته، ضم إليه الخديو ديوان الأشغال العمومية، وإدارة السكك الحديدية، ونظارة عموم الأوقاف، والإشراف على الاحتفال بافتتاح قناة السويس.

ومع تحديث نظام الحكومة، وظهور الوزارات كمؤسسات متخصصة فى عام 1878 تولى على مبارك ثلاث نظارات (وزارات) هى الأوقاف، والأشغال العمومية، والمعارف العمومية.

ويبقى من أعظم إنجازات على مبارك فى مجال الثقافة إنشاؤه كلية دار العلوم، ودار الكتب المصرية، وإصداره مجلة روضة المدارس لإحياء الآداب العربية ونشر المعارف الحديثة، إضافة إلى مؤلفاته الكثيرة، من أهمها موسوعة الخطط التوفيقية، والتى تتألف من 20 جزءًا.

وكانت نظارة المعارف فى حكومة رئيس الوزراء رياض (باشا) - آخر مناصب على باشا مبارك الحكومية، حيث استقر بعدها فى بلدته لإدارة أملاكه، حتى أصابه المرض، ووافته المنية فى 14 نوفمبر 1893 فى أوائل عهد الخديو عباس حلمى الثانى عن عمر ناهز 70 عاما.