د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

كيف تتجاوز الطلاق و تبدأ رحلة التشافى؟

الأخبار

السبت، 26 أغسطس 2023 - 07:52 م

لازم تتقبل ان اللى حصل خلاص حصل وبقى من الماضى ولازم تنظر إليه بنظرة المُستفيد من التجربة مش نظرة الضحية المجنى عليه

أحيانًا بتفرض الحياة على بعض الأزواج الانفصال، بتجبرهم يطووا صفحة حياتهم الزوجية سوا و بتكتبلهم فصل النهاية بسيناريوهات مختلفة؛ فى أزواج بينفصلوا وهما محافظين على الود والاحترام بينهم، أزواج بينفصلوا بسيناريو فى منتهى القسوة و الأنانية و كإنهم اتنين أعداء عمرهم ما اجتمعوا تحت سقف بيت واحد فى يوم من الأيام! 

وأياً كانت طريقة الانفصال فكل الطرق يصاحبها الوجع و مرارة الفراق ، كل الطرق ممزوجة بحزن على سنين العمر اللى عدّت بعد قصة حب كبيرة أو على سنين عمر ضاعت من بين أيدينا بسبب سوء اختيارنا أو خطأ فى قراراتنا .

السؤال دلوقتي.. ازاى نتعامل مع وجع الفراق و آلام الانفصال خصوصًا فى الفترة الأولي؟

فى البداية خطوة الطلاق مش سهلة ، و دائمًا بنصح أى حد بيفكر فى الطلاق انه يتيقن انه هيتعب بعد الانفصال لحد ما يقدر يتعافى و يقف على رجله من تاني..

الطلاق خطوة لازم تندرس كويس جدًا و يكون الانسان مُتزن و هو بيفكر فيها و غير مُنقاد وراء رأى شخص تاني، لازم الشخص يكون واعى لمشاعره و انه مش واخد القرار ده بسبب اندفاع مفاجئ فى عواطفه نتيجة لحدث عابر استثاره و وصّله انه عايز ينتقم أو ياخد حقه..

لازم تراجع نفسك وتسأل نفسك بصراحة «هل استنفدت كل الطرق فى سبيل انجاح الجوازة دى والا انت مستسهل الطلاق و مش عايز تبذل مجهود مع الشخص ده؟» لإن السؤال ده هو اللى هيقفل عليك الاحساس بالندم بعد الطلاق يا هيفتح عليك باب من الحسرة والاحساس بالذنب و التسرُّع.

لازم تدرس كويس مزايا الشخص اللى هتتفصل عنه وعيوبه، و هل مميزاته تشفع له انك تكمل معاه و الا عيوبه لا تُحتمل وخلّت الحياة بينكم مستحيلة، عشان تتأكد ان قرارك صح..

لازم قبل الطلاق تعرف حياتك هتمشى ازاي، خصوصًا لو فى أطفال و بالأخص الزوجة لازم تكون مأمنة لنفسها مصدر دخل يسندها و مرّتبة هتعيش فين و هتصرف ازاي..

لازم تعرف بعد الطلاق مسئولياتك هتكون ايه بالظبط وهل هتقدر عليها لوحدك والا هتقصر فيها؟ 

هل هتحس فى يوم من الأيام انك ظلمت ولادك بقرار الانفصال؟ و هتحس انك اتسرّعت و كان ممكن تلاقى حل وسط يساعد فى استقرار الأسرة؟ 

بعد ما واجهنا نفسنا بكل ما سبق ذكره و وجدنا ان الانفصال قرار حتمى، ازاى أقدر أساعد نفسى لتجاوز ألم الانفصال و وجع الطلاق؟ 

خلينا متفقين ان حتى لو شريك حياتك كان شخص مُتعب و كان سبب لمشاكل كتير فالعشرة و السنين اللى قضيناها سوا هتوجعنا كده كده، لإن مهما كان الشخص سييء الطباع فأكيد كان فيه مزايا و أكيد جمعتكم سوا ذكريات حلوة حتى لو تتعد على صوابع الإيد.

فما تستغربش انك اتوجعت و انت بتفارق شخص كنت بتعد الأيام عشان تتخلص منه، صدق اللى قال «العِشرة مش بتهون الا على ولاد الحرام» فشعورك ده شعور طبيعي، مفيش داعى تستغرب أو تلوم نفسك..

بس فيه خطوات ممكن تساعدك لتجاوز الفترة الصعبة دى من أهمها: 

اسمح لنفسك بالتعبير عن مشاعرك: مشاعرك السلبية من حزن و غضب و احساس بالخيبة و الخذلان كلها مشاعر مُباحة و ضرورى تخرج منك .. اسمح لنفسك تبكى و تتخلص من كل حاجة بتضغطك .. اتكلم مع ناس مُريحة بالنسبالك و قادرة انها تسمعك بدون حُكم على أحاسيسك..

بعد التعبير عن المشاعر لابد من تقبلّها، لازم تتقبل ان اللى حصل خلاص حصل وبقى من الماضى ولازم تنظر إليه بنظرة المُستفيد من التجربة مش نظرة الضحية المجنى عليها ، تقبّل انك حزين و ضعيف دلوقتى و لكن دى فترة مؤقتة و بعدها هتشتغل على مشاعرك و نفسيتك و هتبدأ صفحة جديدة فى حياتك ان شاء الله، لإن الشخص اللى بيلاقى نفسه فى دور الضحية حياته بتتحول من سييء لأسوأ و بينهار لما بيلاقى الطرف التانى مكّمل فى حياته و بدأ حياة جديدة مع شريك آخر ..

خُد وقتك الكافى للتعافى و التجاوز.. أوقات كتير فى ناس عشان تتجاوز انفصالها بيدخلوا فى علاقات جديدة.. تلاقيه أول ما طلّق بيدوّر على واحدة يخطبها و غالبًا العلاقات دى مش بتستمر لإنها كانت مجرد هروب من الوحدة و الحزن فلازم يكون الشخص عنده الوعى امتى هو تجاوز فعلًا و امتى أصبح مؤهل و قادر نفسيًا انه يفكر فى الارتباط بشخص جديد عشان ميظلمش حد معاه.. خُد وقتك و متسمحش لحد يحددلك ان كده أخدت وقتك و كفاية.. انت بس اللى تقدّر تحدد انك تعافيت مش حد تاني..

لو لقيت نفسك غير قادر على التجاوز بمفردك ولا بمساعدة دايرتك القريبة من أصحابك و لسه بتغوص فى آلام الماضى و ذكريات وجعاك من الأفضل انك تتوجه لمعالج نفسى therapist يشتغل معاك على كيفية تغيير أفكارك السلبية و تطوير كفاءتك العاطفية.. وفى دلوقتى معالجين متخصصين فى حالات الطلاق فقط. المهم انك تاخد خطوة صح لقدام.

تجنب الحديث عن شريك حياتك السابق خصوصًا فى أول فترة بعد الانفصال و تجنب تتُبع أخباره على مواقع التواصل الاجتماعى لإنك كده هترجع خطوات كتير لورا.

علم النفس بيقول ان كل انسان له دائرة تحكم خاصة بيه circle of control « أفكاره/ مشاعره/ ردود أفعاله…» وفى دائرة تانية خارج تحكمه «تصرفات الآخرين/ كلام الآخرين/ ردود أفعال الغير» 

الشخص الواعى هو اللى عارف ايه الحاجات اللى يقدر يسيطر عليها و ايه الحاجات اللى خارج دايرة سيطرته..
وده من الذكاء الاجتماعى منعًا لإهدار طاقتنا فى المكان الغلط..

فبعد الانفصال اللى تقدر تتحكم فيه: طريقة تفكيرك انت / رؤيتك و نظرتك للتجربة ككل، ان الانفصال مش فشل و لكنه تجربة اتعلمت منها كتير و هتفرق فى نظرتك للحياة و اختياراتك بعد كده / طريقة تعاملك مع ردود أفعال الناس وكلامهم اللى ساعات بيكون مستفز وبيوجع.

كل ده جوه دايرة تحكمى و بالتدريب أقدر أحسّن من طريقة تفكيرى و تأثرى بكلام الناس و تصرفاتهم.

لكن طول ما أنا غير واعية للدائرة دى و مركزة كل اهتمامى على دائرة انا مليش تحكم فيها و فاكرة انى هقدّر أغيرها فا ستحالة هوصل لنتيجة ايجابية…
يعنى مثلًا هنتكلم عن مشكلة كل الستات المطلقة بتعانى منها .. ان كلام الأهل و القرايب بيضايقهم بعد الطلاق.. وأحيانًا فى ستات بتكمل فى الجوازة اللى بكل المقاييس فاشلة و لازم تنتهى بسبب خوفهم من كلام الناس..

طيب خلونا نتخيل السيناريو: ست اتطلقت جديد وقرايبها مش سايبنها فى حالها و كلامهم زى السم..

تتصرف ازاى فى الحالة دي؟ 

لازم تبقى عارفة ان الأشخاص مش بتتغير - الا بقرار نابع من جواهم - و ان هى ملهاش سُلطة عليهم عشان يوقفوا كلامهم المستفز ..
لكن اللى تقدّر تسيطر عليه : 

وضع حدود صريحة معاهم 

تعرف ان رأيهم فيها لا يُعبر عنها إطلاقًا..و هى مش محتاجة تبرر لحد قراراتها أو طريقة حياتها

تجتمع بيهم فى أضيق الحدود طالما بيأذوها باستمرار

متسمحش لكلامهم ياخد أكتر من حجمه 

متفكرش فى كلامهم و لا ياخد حيز من تفكيرها «وده بيحصل تدريجيًا مع الوقت» 

وأخيرًا أنا نفسى ان مجتمعنا تتغير فيه طريقة التعامل مع خبر الطلاق و الانفصال .. لإنه من المواضيع الحساسة والشائكة والخاصة جدًا اللى مش سهل حد يتدّخل فيها الا بطلب من الطرفين..

مش لازم نُقحم نفسنا عشان نعرف التفاصيل..

ومش لازم نهّول و نحكم أحكام مُسبقة على حاجة احنا مش فاهميها..

ادعوا للى اتطلقوا ان ربنا ينور بصيرتهم ويلهمهم الخير والصواب من غير ضغط عليهم أو تأنيب لضميرهم أو انكم تحسسوهم بالفشل..

كتير بيكون الطرفين فى منتهى الاحترام و الأخلاق بس للأسف معرفوش يتفقوا سوا، الطلاق القائم على أسباب حقيقية تستحيل معاها الحياة مش جريمة..

ممكن يكون نهاية لصفحة كان لازم تتقفل وبداية لصفحة جديدة شايلة الخير والهنا لصاحبها..

خدوا وقتكم بس متغوصوش فى الحزن.. واشتغلوا على نفسكم عشان تتعافوا من غير ما تركزوا فى كلام الناس..

وادعوا كتير ربنا ينور بصيرتكم و يصلح حالكم..

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة