د. محمد أبوالفضل بدران
د. محمد أبوالفضل بدران


يوميات الأخبار

عودوا للتعليم التقليدى

د.محمد أبوالفضل بدران

الخميس، 07 سبتمبر 2023 - 08:24 م

تحتاج القلوب إلى ترويح ساعة لأنها «إذا كلّتْ عَمِيَتْ» وحاجة الإنسان للفرح لا تقل عن حاجته للحزن

السبت :

فى أمر التعليم وامتحاناته 

قبل عدة سنوات هبّت عاصفة التعليم الإلكترونى فاجتثت كل التعليم التقليدى الذى تخرّج منه الملايين الذين نال منهم جوائز نوبل وهُمبولت العالمية وغيرهما من الجوائز الدولية لكن اكتشف المكتشفون أنه تعليم لا يصلح، وأن من الأفضل أن يكون التعليم عن بّعد وللأسف اعتقد كثيرون أن التعليم الإلكترونى والتعليم عن بُعد احتل الجامعات والمدارس فى دول العالم المتقدم، ونسوا أن الطبشور الطبى والسبورة السوداء فى حائط كل مدرج وفصل ما تزال بالجامعات الأوروبية ومدارسها يشرحون عليها حتى اليوم، وعندما زار رئيس وزراء بريطانيا إحدى المدارس لم نتوقف أمام الفصل الذى دخله والمدرس يشرح ويكتب بالطباشير على السبورة ولم نسمع بما رصدته دولة السويد من أموال حتى تستعيد التعليم التقليدى مودّعة التعليم الإلكترونى الذى فرض فى فترة كورونا؛ وقد تصاعد الأمر سوءا حينما فُرضت امتحانات MCQ على المدارس والجامعات، وهناك طلاب دخلوا الجامعة وتخرجوا منها ولم يكتبوا جملة واحدة..

نعم كل الأسئلة فى كل المواد كانت عبارة عن اختيار من متعدّد، وصح وخطأ؛ وعندما كتبتُ هنا فى يوميات سابقة قبل سنين محذرا من خطورة هذا المنحى اتهمونا أننا ضد الجودة وضد التطور ونسوا أنى دَرَسْتُ ودرَّسْت بجامعات ألمانية مثل جامعتيْ بون وبوخوم وأعرف جيدا أن الطالب بهذه الطريقة الامتحانية سيفقد المهارات لأن هذه الامتحانات تقيس المعارف ولا تقيس المهارات، هذه تنتج طالبا يحفظ دون فهم، وغير قادر على التعبير ويفتقد القدرة على الكتابة ولا أسلوب لديه؛ وهذا ما رأينا نتائجه الآن، أنَّى لهذا الطالب أن يعرف كيف يشرح قصيدة أو يرسم لوحة أو يحلل لوحة أو يكتب مذكرة بالحقوق، أو يرسم بيانات فى الهندسة...الخ، تحوَّل الامتحان إلى تظليل دون حروف ودون جُمل ودون أسلوب..

كل أمنياتنا أن يعود الطلاب لمدارسهم فيجدوا فصلا به مدرس ذو ضمير يشرح ومنهجا متطورا وسبورة يشرح عليها، نريد جامعة متطورة تدرس ما أخذه أحمد زويل ومجدى يعقوب ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ونعود إلى طرائق تدريس وامتحانات أنتجت لنا علماء فى كل فروع العلوم والآداب، ونشروا العلم  فى ربوع العالم؛ عودوا للتعليم القديم وطرائقه القديمة.
الأحد :

د نبيل رشوان: روسيا الشرق الأوسط 

من الكتب التى أفدتُ كثيرا منها كتاب المفكر والمترجم الدكتور نبيل رشوان الذى صدر منذ أيام معالجا موضوعا مهما حول «روسيا والشرق الأوسط التناقض والتوازن الصعب» وصدر الكتاب من مركز أتون للدراسات، وقد ألقى الضوء على علاقة روسيا بالشرق الأوسط ولاسيما العالم العربى وبخاصة مصر متحدثا عن أهمية العالم العربى وإفريقيا للسياسة الروسية وكيف تلعب المصالح الدور الرئيس فى علاقة الدول السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية مركّزا أن «حال منطقة الشرق الأوسط شائكة وتحتاج لخبرة معرفية قوية بتيارات وتناقضات المنطقة حتى يمكن بناء علاقات ودية جيدة ترعى المصالح الروسية، ومصالحنا بمنطقة الشرق الأوسط لها أهمية كبرى لروسيا» كما يقول د. نبيل رشوان «فالشرق الأوسط يفتح الطريق أمام روسيا لأفريقيا ووسط العالم وجنوب آسيا..

وأى تهديدات سواء كانت نزاعات بين جيوش فى تلك المنطقة أو خطر عمليات إرهابية أو حتى حرب أهلية فى إحدى الدول بمنطقة البحر المتوسط هو مدعاة لقلق روسيا»؛ يشير الكاتب إلى أن 20% من سكان روسيا مسلمون أى ما يقارب من 30 مليونا وينبغى أن يوضع هذا فى الاعتبار؛ وفى سياق تحليله علاقات روسيا بالأطراف فى الشرق الأوسط يرى أن على روسيا اختيار أولويات جديدة فى ظل الصراعات الإقليمية وتعارُض المصالح بين الأطراف شرق الأوسطية. ويتحدث عن دور روسيا فى إنعاش السوق السياحى بمصر حيث يتجه السياح الروس إلى مصر ولاسيما البحر الأحمر، ثم يمضى الكاتب للحديث عن علاقة روسيا بدول الشرق الأوسط غير العربية والعرب وكيف تحكمها المصالح بعد أن كانت الإيديولوجية تحكم العلاقات فى عصر الاتحاد السوفيتي؛ الكتاب ممتع ولاسيما الفصل الذى تحدث فيه عن «فاجنر» النشأة والتكوين والأهداف وعن علاقة زعيمها بصديقه الرئيس بوتين؛ ويدخل د. نبيل رشوان أعماق المجتمع الروسى والأوكرانى فقد عاش هناك فترة طويلة وأجاد لغات المنطقة وله مؤلفات عديدة تأليفا وترجمة منها مذكرات بريماكوف «جوربا تشوف يتذكر كيف ولماذا سقط الاتحاد السوفيتي» وكتاب «روسيا وأوكرانيا جذور الصراع وآفاق الحل» بجانب مؤلفات أخرى أثرت المكتبة العربية وأنارت للقارئ العربى الكثير من المعارف المجهولة عن هذه القارة وأحداثها المتصاعدة، الكتاب ممتع ومفيد، شكرا لكاتبنا الكبير.

الأثنين :

الفنان طارق الدسوقى

حينما شغلتُ منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة ثم رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة سيّرتُ «قوافل التنوير» التى تكونت من أديب ومفكر وفنان وإعلاميّ وموسيقار وذهبنا لجامعات مصر لتثقيف شبابنا، ومن حُسن حظى أن القافلة التى ذهبت إلى جامعات أسيوط والمنيا وسوهاج وأسوان حوت رموز مصر الثقافية والفنية كالفنان طارق الدسوقى والأديب يسرى السيد والشاعر أشرف عامر والإعلامية الأستاذة عبلة الروينى والإعلامى الأستاذ مصطفى عبدالله وفرقة جميزة والموسيقار الكبير هانى شنودة والمفكرة الدكتورة كريمة الحفناوى وغيرهم وفى هذى القوافل كان الفنان طارق الدسوقى النجم بأعماله الفنية المتميزة والقبول الذى يحظى به من طلاب الجامعات وثقافته الموسوعية وانتمائه لمصر عاشقا ترابها وأهلها ولذا كان يزرع فى الطلاب حب بلدهم بل عشقها، كانت قوافل التنوير تحاور الطلاب أو بالأحرى تستمع إلى الطلاب لأن أبناءنا فى حاجة إلى محاورة لا إلى محاضرة. ظل طارق الدسوقى يجوب محافظات مصر بالقطارات ويقول لهم مقولته الشهيرة التى شيّرها الطلاب وغيرهم ملايين المرات «مصر ليست صدفة بل مصر رسالة بمكانتها ومكانها»؛ تحية إلى الفنان المثقف طارق الدسوقى الذى ما يزال يقوم بدوره التنويرى فى ربوع مصر.

الثلاثاء :

روّحوا القلوب ساعة

تحتاج القلوب إلى ترويح ساعة لأنها «إذا كلّتْ عَمِيَتْ» وحاجة الإنسان للفرح لا تقل عن حاجته للحزن، لكنه الفرح الذى يقبله النقل والعقل، ولا يؤذى الآخرين، وإذا سكر المحبون من غير خمر فهذا غايتهم، فدعوهم وحالهم: ألم يقل الحلاج أو السهروردي:

بالسرِّ إنْ باحوا تُباحُ دماؤهم

 وكذا دماء العاشقين تُباحُ

لا ذنب للعشاق إنْ غلبَ الهوى

 كتمانَهم فنما الغرامُ وباحوا

وكم يسكر المحبون كما قال ابن الفارض:

شرِبْـنا على ذِكْر الحبيبِ مُدامةً

سكرْنا بها من قبل أن يُخلقَ الكرْمُ 

وكما عبَّر عزالدين المقدسي:

سقَوْنى وقالوا: لا تُغنِّ ولوْ سقوْا

جبالَ حُنيْنٍ ما سقتنى لغّنَّتِ

وفى كل شعوب الأرض المتديّنة وغير المتديّنة نجد السماع والرقص، سواء اتخذ الرقص طقسا دينيا أو استند على رقصة شعبية يقرُّها المجتمع المحافظ وغير المحافظ كرقصة بعض المجتمعات بالسيوف أو بالخناجر أو بالعصى فى عادات وتقاليد لا تسمح للرجل بالرقص إلا فى هذه المناسبات التى يشترك فى رقصاتها كبار رجالهم وصغارهم، فدعوا الناس فى ذِكرهم كى يتحلقوا حول عرفانيات ابن الفارض والبرعى والسهروردى والحلاج وابن عربى فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم. 

الأربعاء :

عاشق النخيل

أعشقُ النخيل، أرى أنه هدية الله للأرض وللبشر، «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها»، فى كل بلدة زرتُها كنت أبحث عن نخلة وعن نهر، منذ صغرى ارتبطتُ بالنخيل، كان الناس يطلقون على قريتى «العُوَيْضات» «أُمّ النخيل» اختفى الآن معظمه بعد أن قطع الورثة ما خلّفه لهم الأجداد من نخيل واجتثوه ليبنوا شققا للسكن بعدما صار الجدّ عائلة؛ تبقت نخلات هنا وهناك، كان يوم جَنْى التمر عيدًا لنا عندما كنا أطفالا، مؤخرا أُصيبت معظم النخلات بدودة النخل، تنخر فى ساق النخلة دون أن يلحظها أحد حتى تصل إلى أعلى النخلة فنفاجأ بسقوط قلب النخلة ويبقى الجذع والساق دون جريد ودون تمر.. أحمدُ الله أن نجَت بعض نخلاتنا من هذا الداء، أستظل بظلها وآكل من تمرها.. نخلتى الجميلة أشتاق إليكِ.

فى النهايات تتجلى البدايات 

نحنُ الشعراءْ/ نصطادُ الماءْ/ نبحثُ عن موجٍ فى الصحراءْ/

نحنُ الشعراء مجانين/ يعشقنا العقلاءْ

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة