توماس جورجيسيان
توماس جورجيسيان


يوميات الاخبار

سيد درويش .. وبهجته المشعشعة

الأخبار

السبت، 16 سبتمبر 2023 - 07:38 م

توماس جورجيسيان

كامل الشناوى : سيد درويش حول الموسيقى من وسيلة لتزجية الفراغ والانجذاب والتطريب.. إلى حافز يهز المشاعر ويلهب العواطف.

الإثنين :
ونحن نحتفى بسيد النغم والطرب سيد درويش لا أتردد كثيرا فى وصف ابن الإسكندرية بأنه كان وظل فنان الشعب. وأن أنغامه وألحانه لم ترحل معه عندما ترك دنيانا منذ مائة عام.
إنه العبقرية والظاهرة الذى أمتعنا وأطربنا ولا يزال يمتعنا ويطربنا بما لحنه وغناه. نغمته المتميزة محفورة ومنقوشة فى ذاكرتنا وبتدندن فى بالنا، حاضرة دائما فى حياتنا. ومعها تتمايل رءوسنا وتتحرك أجسادنا ويحلق خيالنا.


سيد درويش مثلما كان ابن المكان كان أيضا ابن الزمان. «ظاهرة سيد درويش ليست ظاهرة فذة، أو منفصلة، أو طارئة كالرعد فى سماء صافية» هكذا يكتب يحيى حقى ويضيف: «هى فى الموسيقى قرين ظاهرة «مختار» فى النحت، وظاهرة «بيرم» فى الأدب الشعبي، وظاهرة المدرسة الحديثة فى القصة، وكلها ظواهر متماثلة نابعة من ثورة سنة ١٩١٩، التى فجرت مطلب الكشف عن وجه مصر، عن وجه الشعب، مطلب البحث عن أدب وفن يختص بهما هذا الشعب ويعبران عنه».
ويجب التذكير هنا أن سيد درويش توفى وهو فى سن الـ ٣٠ من عمره. أما محمود مختار فقد تركنا وهو فى الـ٤٢ من عمره.


عاشق الكلمة وفيلسوف «خليها على الله» العظيم يحيى حقى تأمل عبقرية سيد درويش من خلال سلسلة مقالات بدأ فى كتابتها بصحيفة «التعاون» فى نهاية عام ١٩٧٠. تم تجميعها فيما بعد تحت عنوان «الكاريكاتير فى موسيقى سيد درويش». وهى بالطبع جديرة بالقراءة كاملة للتعرف على زوايا جديدة لتأمل عبقرية سيد درويش فى التأليف الموسيقى والأداء الغنائي.. وأيضا فى التمثيل أو التجسيد الكاريكاتيرى (إذا جاز التعبير) للمشاعر والمواقف التى تجلت فى أغانى سيد درويش الخالدة.
ويشرح حقى توصيفه هذا بالتفاصيل من خلال التقاء وتقابل سيد درويش ونجيب الريحانى وبديع خيرى على مسرح كشكش بك. وما أضفاه سيد درويش من ظرف وخفة دم ومرح روحى من خلال ألحانه وأدائه.. وكما يصف حقى «إنه لم يقدم للشعب نصوصا يتغنى بها فحسب، بل عمر قلوب أبنائه جميعا ببهجة مشعشعة بعد أن انتشرت هذه الأغانى الجماعية بينهم كالحريق وأخذوا يرددونها باستمتاع كبير».
«بهجة مشعشعة».. ما أجمله من تعبير وما أحلاه من شعور تسعى أن تعيشه وأن تعيشه مع حبايبك كلما أتيحت لك الفرصة.


ويأتى فى البال أيضا ما ذكر عن الموسيقار محمد عبد الوهاب وما قاله عن موسيقى سيد درويش حين سمعها لأول مرة: «إنها موسيقى عِشَريّة.. موسيقى بنت حلال.. موسيقى لها أب ولها أم».


أما الشاعر كامل الشناوى وهو يكتب عن زعماء وفنانين وأدباء لم يفته بالطبع أن يلتفت لسيد درويش ويتأمل عبقريته.. ويذكرنا: «..كيف أن سيد درويش حول الموسيقى من وسيلة لتزجية الفراغ والانجذاب والتطريب.. إلى حافز يهز المشاعر ويلهب العواطف».. وهو يحدد مفهومه للألحان، ويحاول أن يضع كتابا عن الموسيقى، ويبدأ فى تأليف الكتاب، وينشر منه أربعة فصول فى مجلة النيل عام ١٩٢١، وفى رأيه أن الموسيقى أصوات متآلفة تحدث أنغاما بواسطة اهتزازات تنجذب لها الأفئدة كما ينجذب الحديد للمغناطيس.. وكان يوقع هذه الفصول بامضاء.. (خادم الموسيقى سيد درويش).
ويروى الشناوى أيضا أنه سمع مئات القصص من بيرم التونسى وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب. كما أنه اطلع على ما نشرته الصحف عنه من آراء النقاد والأدباء.. قائلا:» وكل ما قرأته وما سمعته لم يهزنى كما هزنى أن سيد درويش.. الذى صنع أكثر من مائتى لحن وأوبريت مات فى الثلاثين من عمره!».
ثم يصور ويصف الشاعر الجميل كامل الشناوى مشهدا لا يمكن إلا أن نقف أمامه بإعجاب وتقدير وبهجة وحزن معا:
فى شهر سبتمبر من عام ١٩٢٣ أعد سيد درويش نشيدا وطنيا ليغنيه مع المجموعة فى حفل استقبال الزعيم سعد زغلول بمناسبة عودته من الخارج، وسافر سيد درويش إلى الإسكندرية، وأقام مع شقيقته فى محرم بك، وفى اليوم المحدد للاحتفال وهو ١٥ سبتمبر.. كانت المجموعة قد حفظت النشيد فى الصباح وانتظرت سيد درويش.. ولكنه لم يحضر، ولم يعجب أحد لذلك.. فقد كان الشيخ سيد لا يلتزم بأى موعد!!
وظهر سعد زغلول فى الاحتفالات وعزفت المجموعة نشيد : «بلادى بلادى لك حبى وفؤادي» ورددت الجماهير هذا النشيد بقوة وحماسة، وأبدى سعد زغلول إعجابه باللحن الشعبى العظيم وسأل من الذى وضع هذا اللحن؟
وقيل له : سيد درويش . فقال: أين هو لأحييه؟
وقيل لسعد زغلول: لقد مات .. اليوم مات سيد درويش!!

الأربعاء :
فجر الضمير
إذا كنا نحتفى هذا العام بمرور ١٠٠ عام على رحيل سيد درويش فعلينا أن نتذكر بأن منذ ٩٠ عاما ـ أى فى عام ١٩٣٣ صدر كتاب فريد ومتميز اسمه «فجر الضمير» لجيمس هنرى برستد عالم المصريات الأمريكي. وقد ترجمه الى العربية عميد الأثريين المصريين سليم حسن عام ١٩٥٦. وحسب وصف سليم حسن فإن «هذا الأثرى العظيم (برستد) بكتابه هذا قد أظهر للعالم أجمع بأن المصدر الأصلى لكل حضارات الإنسانية، هى مصرنا العزيزة»، وقد أشاد فى مقدمته كمعرب للكتاب بفصاحة الكتاب وبيانه وانسجام عبارته وقوة منطقه وأخذه بتلابيب القارئ حتى ليجعل مجاهل التاريخ المصرى القديم المقفر من المعلومات كأنها رياض وحدائق غناء لا تسأم النفس قراءته، ولا يمل النظر تصفح فصوله». برستد نشر الكتاب قبل عامين فقط من وفاته ـ عام ١٩٣٥ وهو فى الـ٧٠ من عمره.
أما الحديث عن «جيمس هنرى برستد» فهو حديث يبدأ ولا يعرف من يبدأه كيف وأين ينهيه؟!. لقد كتب عنه جمال الغيطانى الكثير واصفا برستد بالأمريكى النبيل.. برستد عالم آثار أمريكى ولد يوم ٢٧ أغسطس ١٨٦٥. ويعد واحدا من أوائل علماء المصريات الأمريكيين. وقد ذهب إلى ألمانيا للحصول على درجة الدكتوراه فى هذا المجال. وهو أول أستاذ لعلوم المصريات فى الولايات المتحدة فى جامعة شيكاجو. وهو الذى قام عام ١٩١٩ بتأسيس أول مؤسسة علمية تعليمية أمريكية معنية بالآثار المصرية ـ المعهد الشرقى فى شيكاجو. وبالطبع تعددت زياراته واكتشافاته وأبحاثه فى مصر. ووراء كل محطة من محطات حياته حكايات وذكريات ذات صلة بمصر وأهلها وآثارها وحضاراتها.

الخميس :
وحياة العيش والملح اللى بيننا
أكيد أنت عارف إن لقمة الرضا والقناعة مثل طبطبة «خلى الخير يعم على الجميع» هى المطلوبة والمنتظرة منى ومنك فى كل الأحوال ومهما كانت الظروف. وطبعا دايما فى بالى من حكم الأجداد «اللقمة الهنية تكفى مية». ويمكن أكتر من مية.


ويا ريت تخليها حلقة فى ودنك وأمانة فى رقبتك وكمان عهدة فى قلبك.. كلما مشيت وسرت فى دروب الحياة التفت حواليك وشوف.


وزى ما أنت لما بتشوف وتلاقى حتة عيش مرمية فى الطريق بتخاف تدهسها الأقدام فبتاخدها وتبوسها وبتحطها جنب الحيط يا ريت تعمل الشيء نفسه مع اللحظة الحلوة والابتسامة النادرة والفكرة المجنونة والإحساس الجميل والأمل المفرح والموهبة الخلاقة وكل الناس الطيبة.. دول برضه نعمة يعنى ماتسيبهمش لوحدهم.
وايوه الحقهم وأنقذهم قبل ما تدوسهم الأقدام ويسفههم الأقزام وتدهسهم الأيام
وماتسيبهمش جنب الحيط كمان – خدهم معاك وجوا قلبك وفى عينيك ووسط حبايبك وحياتك
وحياة العيش والملح اللى بيننا – اوعى تنسى الحكاية دي!!


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة