السبت، 16 سبتمبر 2023 - 08:45 م

لم أفكر يوما أن أشترى مقبرة حديثة بالمدن الجديدة وقد عزمت أن يكون مستقرى الأخير بمقابر الشرق فى مدينتى طوخ قليوبية هناك مع الأهل والأحباب وأصدقاء الطفولة.. حيث السكون الأبدى والحقول الخضراء وشجرة التوت وبقايا ذكرى أبى يصطحبنا كل جمعة للزيارة والعبرة وفى كل زيارة كنت ألمس التغيرات والعشوائيات تزحف بلا استحياء وفى زيارتى الأخيرة.. عفوا ما هذه الرائحة الكريهة.. ليست رائحة الموتى ولكنها رائحة الأحياء بل قل رائحة الغزاة الجدد الذين زرعوا الحقول بالأسمنت فى غفلة من الزمان وأحاطوا المقابر بمياه الغسيل القذرة وروث الحمير والبهائم واخترقوا السكون بصريخ الكاسيت وصليل الخردة وفرز القمامة وفرضوا واقعا أليما على موتى لا يصرخون ولا يعترضون.

وليسمح لنا اللواء عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية أن نكون لسان الموتى ولسان حال الأحياء بمدينة طوخ نفسها التى تحولت إلى مجمع كبير للعشوائيات التى ضربت كل أركانها من باعة جائلين فرشوا بضاعتهم واحتلوا كل شبر من الشوارع الرئيسية والجانبية حتى تحولوا إلى إمبراطورية ممنوع اللمس أو الاقتراب ومارة يتخبطون فى العربات والموتسيكلات والتكاتك بمواقفهم العشوائية وقد تعالت أصوات الشجار والخلافات والشوارع وقد غطاها التراب والحفر والمطبات والويل كل الويل فى موسم الأمطار حيث بحيرات الطين.. لقد تحولت طوخ للأسف إلى بقايا مدينة كانت راقية نظيفة وهادئة.. إنها تنتظر زيارة من محافظها لاتخاذ اللازم وإعادة زمنها الجميل فهل يلبى النداء؟؟