محمد درويش
محمد درويش


وجدانيات

بين التسيير والتخيير

الأخبار

الأربعاء، 20 سبتمبر 2023 - 10:06 م

محمد درويش

«أقدارنا كظلالنا تتبعنا منذ لحظة الميلاد حتى صمت القبور».


مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها
المقولة الأولى من رواية للأديب الراحل «فتحى أبوالفضل»، استقرت فى الذاكرة منذ قراءتها قبل عدة عقود. 
أما بيت الشعر فلا يخفى عليكم أنه من نظم «رهين المحبسين» أبو العلاء المعرى.


ويشترك الاثنان -كما أرى- فى معنى واحد يبحث عن إجابة للسؤال الأزلى هل الإنسان مخير أو مسير؟
والإجابة قاطعة حاسمة من كتاب الله الكريم الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. يقول سبحانه  «إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا».
أى أن الإنسان منا وضعه ربه على مفترق طريقين وإن شاء اختار أحدهما، فإذا كان الإيمان فإنه يمتثل للفطرة الإنسانية وما تعكسه من قيم الحق والخير والجمال. وإن شاء أيضا وكان اختياره طريق الشرك أو الكفر فله ما شاء. 


وربك ييسر لمن اختار وتمعن فى كلمة «اختار» أى أنه ليس مسيرا أو مجبرا. على ما اختاره.. ييسر ربك له اليسر فإذا مثلا أراد اللحاق بصلاة المغرب فى جماعة فى زاوية صغيرة وجدها أمامه وهو فى مشوار فى منطقة بعيدة عن بيته فقد يصلى المغرب ثم ينتبه إلى موعظة دينية بدأها الإمام ودعا خلالها إلى التصدق على أحدهم فجادت يمينه بما لا تعلم شماله وجاء أذان العشاء فأداها فى جماعة وحضرت قبلها جنازة فشارك فى الصلاة عليها، فكم من أجر حصده بما يسره الله له رغم أن نيته كانت أداء صلاة المغرب فقط.


وعلى الجانب الآخر، من اختار العسرى فإن الله ييسره لها أيضا، هناك من يبدأ ليلته فى ملهى مع حفنة أصدقاء السوء فيتجرع خمرا حرمها الله، ثم ينتقل من الخمر إلى جلسة فرفشة تصاحبهم فيها نسوة ساقطات فينزلق إلى الزنا وبعدها إلى مائدة القمار فيخسر كل ما بحوزته وينفعل غاضبا أمام منافسه ويشتد الاحتدام ليصل إلى التعارك فيُسقط منافسه قتيلا، أى أنه فى النهاية شرب الخمر وزنى وقتل وطبعا لن يكون تيسير العسر له من أول مشوار يبدأ معسرا، بل إنه يعطى فرصة مرة وعشراً أى أن الخالق سبحانه يمهله ولا يهمله ولكنه مُصرٌ على اختياره فكان الجزاء.
وسواء ما قاله الأديب أو الشاعر فهى أقدارنا وخطانا التى نصنعها بأيدينا، المهم أن نمتثل ونحن على مفترق طريقين وأن يكون اختيارنا لليسرى حتى ييسرها الله لنا. ومن اختار العسرى فلا يلومن إلا نفسه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة