محمد حسن البنا
محمد حسن البنا


يوميات الأخبار

سيرة الإنسان بين الحقيقة والبهتان

محمد حسن البنا

الأربعاء، 20 سبتمبر 2023 - 10:13 م

يجب أن يقف الإنسان، ويتذكر موقفا آت لا محالة، وهو الموت. ويسأل نفسه: ما هى آثارك بعد الموت

يتذكر الناس سيرة الإنسان حيا أو ميتا. فإذا كانت سيرته حسنة فإنه يفوز بها دنيا وآخرة. أما إذا كانت، والعياذ بالله، سيئة فإنه يلقى بها الخزى فى الدنيا والآخرة. لكن سيرة الإنسان قد تصاب بالبهتان، يقولون عنه ما ليس فيه، وهو من باب الغيبة والنميمة والتى تلقى بقائلها ومروجها فى نار الجهنم. فاحرص أخى الكريم أن يكون كلامك عن الآخر ملتزما بالحق والصدق. ومن باب أولى يحرص الإنسان على أن تكون سيرته حسنة، يتذكره الناس بأفعاله وأقواله الطيبة. عن أبى هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها فى صحته وحياته يلحقه من بعد موته».
مشاهد الدنيا أمامنا دروس وعبر. كم من أناس تركوا فى حياتهم بصمات ومآثر ينتفع بها الناس. وتركوا مبادئ وأخلاقيات تنير الدروب لم يأت من بعدهم. ونحن ندرك أنه لا خلود فى الدنيا، وإن كانت تغيبنا أحداثها المتلاحقة والمتلاطمة. فقط نتذكر منذ الخليقة ونقف أمام كل من مات من البشر عبر ملايين السنين. منذ خلق الله آدم. ولماذا نذهب بعيدا، لو أحصى الإنسان من مات من أهله الذين يعرفهم لوجدهم أكبر مما يعيش معهم !!. فقط نتذكر الحياة وما فيها، ولا نتدبر من تحت التراب إلا إذا زرنا المقابر، لنفيق وندرك حجم المأساة التى تأخذنا إليها الدنيا. يقول تعالى «ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر». 
إذن، يجب أن نحرص على العمل والإنتاج والعبادة. يقول تعالى «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون». وأن نكثر من الأعمال الجليلة والمفيدة، ولا نترك خلفنا إلا الآثار الجميلة والسنن الحسنة التى تخلد ذكرانا بين الناس. وتنفعنا تحت الأرض بالذكرى الطيبة والأدعية الحسنة، ويوم العرض نأخذ كتابنا باليمين لنفوز بجنة النعيم. نعم نفوز بالدنيا والآخرة. كل هذا بفضل صدقة أو عمل صالح نافع للناس أو كلمة طيبة تدخل السرور على الناس. وأذكركم ونفسى بوصية رجل لأبنائه : «يا بنى عاشروا الناس معاشرةً إن غبتم عنهم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم». ويا حسرة على إنسان مات فلا يؤسى على فراقه ولا يحزن أحد على فقده، لم يكن له كلمة طيبة ولا عمل صالح. ومن هؤلاء، والعياذ بالله، الحقود الحسود والجموع المنوع، والفاحش البذيء، وصاحب الظلم والكبر والهوى، والذى يعامل الناس بالغلظة والقسوة والشدة. هؤلاء يقطع الله الذكر الحسن عنهم، ويبقى لهم البغض فى الأرض، والذم من الخلق.

الأثر الطيب
من هنا أذكركم ونفسى بالعمل الصالح والكلمة الطيبة. وقد ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أموراً سبعةً يجرى ثوابها على الإنسان فى قبره بعد موته. حديث أنس بن مالك - رضى الله عنه - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبع يجرى للعبد أجرهن وهو فى قبره بعد موته : من عَلّم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته)). يجب أن يقف الإنسان، ويتذكر موقفا آتٍ لا محالة، وهو الموت. ويسأل نفسه: ما هى آثارك بعد الموت، وما هى الأعمال المباركة التى ستنسب إليك بعد موتك، وما هى لمساتك على هذه الحياة، وما هى بصماتك فى الدنيا ؟!. وتصور ما هى الكلمات التى سيطلقها الناس عنك، وما هو المشروع الذى تريد أن يخلّد فى صحيفة عملك بعد وفاتك. كم كلمة طيبة غرستها فى نفوس الناس. كم طريق للخير فتحته للبشر ؟!. لا تنس قول الله سبحانه «رَبِّ هَب لِى حُكماً وَأَلحِقنِى بِالصَّالِحِينَ، وَاجعَل لِّى لِسَانَ صِدقٍ فِى الآخِرِينَ». وتفسيرها اجعل لى فى الناس ذكرا جميلا. يقول أمير الشعراء أحمد شوقى فى ذلك «الذكر للإنسان عمر ثانى». إن الأثر الطيب الذى يتركه المرء بعد وفاته هو عمْرٌ آخر، فبه يُذكر، فيثنى عليه، فيكون سبباً لعفو الله تعالى عنه، ويدعى له بسببه فيقبل الله تعالى دعوة الداعين ويكرمه بحسن المآب، ويعمل الناس بعلمه أو ما تركه من خير لوجه الله فيجرى له ثواب العاملين، كأنه لم يزل يعيش ويعمل.
وهو ما يؤكده الدكتور محمد عبد السميع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، فى قوله: إن الثناء على الميت دليل قبول عند الله، والدليل على ذلك حديث عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (وجبت) ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (وجبت) فقال عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: ما وجبت قال: (هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء اللَّه فى الأرض) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وأضاف أمين الفتوى أن الله تعالى فى كتابه الكريم {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِى الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ}.. [يس : 12]، قال العلماء فى تفسير هذه الآية الكريمة تحديدا فى لفظ {وَآثَارَهُمْ} يعنى به أى عمل صالح قام به المتوفى حال حياته ويستمر أثره بعد موته يزيد من حسناته عند الله.

رسالة باكستان 
وكما نقول عن الإنسان، نقول أيضا عن الدول. فقد اتهمت الجماعات الإرهابية والمتطرفة دولة باكستان بأنها لا تطبق الشريعة الإسلامية، وهو افتراء على دولة إسلامية دستورها ينص على تطبيق القرآن والسنة النبوية المشرفة. وقد أهدتنى سفارة باكستان بالقاهرة كتاب «رسالة باكستان» الذى صدر بدعم واهتمام من مشيخة الأزهر الشريف، وبفتوى صريحة من دار الإفتاء المصرية ترد بها على مزاعم الجماعات الإرهابية، وفتاواها بتكفير حكومة باكستان. وكما يقول الدكتور نظير محمد عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية فإن رسالة باكستان تؤكد أنها دولة إسلامية، وتفند مزاعم الجماعات الإرهابية التى تسعى إلى تخريب الدول.

وصية الأب 
خاطب أب ابنه يوصيه، قال له: فى يوم من الأيام سترانى عجوزا، غير منطقى فى تصرفاتى. عندها من فضلك، اعطنى بعض الوقت وبعض الصبر لتفهمنى. وعندما ترتعش يدى فيسقط طعامى على صدرى وعندما لا أقوى على لبس ثيابى، فتحلى بالصبر معى، وتذكر سنوات مرت وأنا أعلمك ما لا أستطيع فعله اليوم. وإذا حدثتك بكلمات مكررة وأعدت عليك ذكرياتى. فلا تغضب وتمل فكم كررت من أجلك قصصا وحكايات فقط لأنها كانت تفرحك، وكنت تطلب منى ذلك دوما وأنت صغير. فعذرا حاول ألا تقاطعنى الآن، إن لم أعد أنيقا جميل الرائحة. فلا تلومنى واذكر فى صغرك محاولاتى العديدة لأجعلك أنيقا جميل الرائحة. لا تضحك منى إذا رأيت جهلى وعدم فهمى لأمور جيلكم هذا، لكن، كن أنت عينى وعقلى لألحق بما فاتنى.
أنا من أدبتك أنا من علمتك كيف تواجه الحياة. فكيف تعلمنى اليوم ما يجب وما لا يجب !.
لا تملّ من ضعف ذاكرتى وبطء كلماتى وتفكيرى أثناء محادثتك. لأن سعادتى من المحادثة الآن هى فقط أن أكون معك. فقط ساعدنى لقضاء ما أحتاج إليه فما زلت أعرف ما أريد. 
عندما تخذلنى قدماى فى حملى إلى المكان الذى أريده، فكن عطوفا معى وتذكر أنى قد أخذت بيدك كثيرا لكى تستطيع أن تمشى. لا تستحيى أبدا أن تأخذ بيدى اليوم فغدا ستبحث عن من يأخذ بيدك. فى سنى هذه إعلم أنى لست مُـقبلا على الحياة مثلك. ولكنى ببساطة أنتظر الموت، فكن معى ولا تكن عليّ. عندما تتذكر شيئا من أخطائى فاعلم أنى لم أكن أريد دوما سوى مصلحتك. 
إن أفضل ما تفعله معى الآن أن تغفر زلاتى.. وتستر عوراتى.. غفر الله لك وسترك. لا زالت ضحكاتك وابتسامتك تفرحنى كما كنت صغيرا بالضبط، فلا تحرمنى صحبتك. 


كنت معك حين ولدت فكن معى حين أموت. اللهم اغفر لنا ولوالدينا اللهم ارحمهما كما ربونا صغارا واجعلنا لهم من البارين ونحن كبارا.

سكان الفضاء
أشعر أن الصديق العزيز الكاتب الكبير السيد هانى «مخاو»! أو على الأقل متأثر بالأفلام الأمريكية الخيالية!. فقد تحول من كتاباته فى قضايا السياسة والإرهاب والحروب، إلى البحث عن سكان الفضاء!. بل ويؤكد أنهم سيغزون العالم فى القريب العاجل. 


الغريب أنه بدأ رحلته فى البحث عن سكان الفضاء من موسكو، الكتاب شائق ويتحدث عن الأطباق الطائرة، ورحلة عجيبة مع سكان الفضاء. الكتاب من القطع الكبير، صدر من دار نهضة مصر، فى حوالى 300 صفحة، ويضم 31 فصلا. لن تندم إذا قرأته.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة