الرئيس عبدالفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد
الرئيس عبدالفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد


«مصر - الإمارات» حصن منيع لحفظ الأمن القومي العربي

آخر ساعة

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023 - 08:40 م

■ كتب: أحمد جمال

اتسمت العلاقات المصرية الإماراتية بالقوة والمتانة عبر تاريخها، وهى علاقات مرشحة دائماً للنمو، وتحمل آفاقاً واعدة فى مختلف المجالات، حيث قامت هذه العلاقات الوطيدة على عدة محاور، فى مقدمتها رؤية الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتى تجد فى مصر ركيزةً للاستقرار السياسي والأمني في منطقة الشرق الأوسط، وحصناً منيعاً لحفظ الأمن القومي العربي، فى حين تعتبر مصر دولة الإمارات الداعم الأول والسند التاريخى لمصر وللأمة العربية عموماً فى مختلف المحافل، وعلى مر الزمن، كانت العقيدة المصرية ثابتة تجاه الإمارات فى كونها رمز الأخوة والتسامح بين الأشقاء العرب، وجزءاً لا يتجزأ من أمن واستقرار وسلام المنطقة.

◄  دبي تستفيد من التجربة المصرية الناجحة في استضافة «كوب27»

وانطلاقاً من هذه الرؤية قامت العلاقات بين دولة الإمارات ومصر على فكرة وفلسفة المساندة والدعم فى كافة الأوقات بغض النظر عن الظروف والأحداث، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على الروابط الاقتصادية العميقة بين البلدين.

الأبرز في علاقة الشراكة بين مصر والإمارات هو تنوع مجالات التعاون المشترك التى تأخذ أهمية متساوية تقريبًا، ولا يمكن القول مثلاً بأن العلاقات السياسية تطغى على الاقتصادية أو العكس، كما أن الخصوصية فى العلاقة بين الشعبين والتأثير الثقافي المصري فى كثير من الإماراتيين الذين قضوا فترات تعليمهم فى مصر وتأثروا بالقوى الناعمة المصرية، إلى جانب الخصوصية على مستوى التقدير الشعبي لمواقف كلا الشعبين يجعل هناك دفعة قوية نحو التطور المستمر فى باقى مسارات التعاون.

وتُقدر قيمة الاستثمارات الصادرة من الإمارات إلى مصر منذ 2003 وحتى 2019، بحوالى 30 مليار دولار، وتعد الإمارات أكبر مستثمر عربى فى مصر والثالثة عالميا، برصيد استثمارات تراكمى يزيد على 28 مليار دولار منها استثمارات مباشرة بقيمة 9 مليارات دولار، وبعدد أكثر من 1300 شركة فى مصر ضمن مشاريع واستثمارات، من بينها مختلف قطاعات الجملة والتجزئة والنقل والتخزين والخدمات اللوجستية والقطاع المالى وأنشطة التأمين وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعقارات والبناء.

وفي المقابل تستثمر الشركات المصرية أكثر من (1.1 مليار دولار)، وتشمل مشاريعها كذلك القطاع العقارى والمالى والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة، بالإضافة إلى 600 ألف مصرى يساهمون ضمن ما يقرب من 200 جنسية أخرى تعمل فى الإمارات فى زيادة نسبة النمو للناتج المحلى الإجمالى للدولة بالعام المالى ٢٠٢١ إلى نسبة ١٨.٨٪.

وتعد السوق الإماراتية الوجهة الأولى للصادرات المصرية، وتستقبل سنويًا نحو 11% من إجمالى صادرات مصر للعالم. وخلال عام 2020، صدرت مصر بحوالى 3 مليارات دولار إلى الإمارات، وفى عام2021، وصل حجم التبادل التجارى غير النفطى بين البلدين إلى نحو 3.7 مليارات دولار.

وتعود العلاقات الثنائية بين البلدين إلى ما قبل إعلان الاتحاد سنة 1971، حيث جمع بين الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر، والمغفور له الشيخ زايد آل نهيان، علاقة أخوية تعكس القيم المشتركة والاحترام المتبادل بين الشعبين الشقيقين، وكان الشيخ زايد شديد الإيمان بدور مصر المحورى والرائد عربياً وإقليمياً، وقدم الدعم لشعبها بعد حرب 1967، وكانت له مساهمات عديدة فى عمليات الإعمار وتمكين القطاعات الحيوية كافة، بما فيها توفير المقومات الضرورية للقوات المسلحة المصرية.

من جهته كان الرئيس المصري حينها جمال عبدالناصر داعماً كبيراً لقيام اتحاد الإمارات، وقام بإرسال بعثات من المدرسين والمهندسين والأطباء، والنماذج المصرية التى كانت حاضرة فى مرحلة التأسيس لقيام الاتحاد.

بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر، ساندت الدولة المصرية بقيادة رئيسها آنذاك محمد أنور السادات إعلان قيام دولة الاتحاد عام 1971، وزار الرئيس المصرى دولة الإمارات العربية المتحدة، ليرد بعدها المغفور له الشيخ زايد الزيارة إلى القاهرة، مقدماً وشاح آل نهيان للرئيس السادات.

حافظت العلاقات بين البلدين على متانتها ورسوخها، حيث واصلت دولة الإمارات تقديم الدعم لمصر قيادةً وشعباً، ولعل صورة الشيخ خليفة وهو يساند الجيش المصري فى إحدى مهامه خير شاهد على ما قدمته الإمارات لمصر.

بعد رحيل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فى عام 2004، ظلت روابط الأخوة تجمع بين البلدين، وقد انعكس ذلك بشكل إيجابى على مختلف جوانب العلاقات الثنائية، من سياسة، واقتصاد، وتجارة وثقافة حيث أصبحت دولة الإمارات، فى المرتبة الأولى من بين الدول العربية والأجنبية الأكثر استثماراً فى مصر.

ومع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي منصب القيادة فى مصر سنة 2014، صار لدى البلدين إيمان كامل بأن «الاستثمار فى الاستقرار» هو أفضل طريق لبناء المستقبل فى المنطقة العربية، ولهذا عمل البلدان بشكل دائم من أجل تعزيز العمل العربى المشترك، وتوحيد الصوت العربى فى مواجهة كافة التحديات.

والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الأسبوع الماضى، في أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وصرح المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، بأن الرئيسين أعربا عن اعتزازهما بالعلاقات الأخوية الوطيدة بين مصر والإمارات، على مستوى القيادتين وبين الشعبين الشقيقين، التى تنعكس على التنسيق الوثيق بين الدولتين بهدف دعم استقرار المنطقة العربية، لاسيما فى هذه المرحلة التي تتزايد فيها التحديات دولياً وإقليمياً.

كما تناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، خاصة ما يتعلق بتنشيط التعاون الاقتصادى والاستثمارات المشتركة والتبادل التجارى، بالإضافة إلى تعزيز التعاون فى العديد من المجالات التنموية بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين، كما تقدم الرئيس بالتهنئة على الإنجاز الذى حققته دولة الإمارات فى مجال الفضاء من خلال قيامها بأطول مهمة فضائية لرائد فضاء عربى، متمنياً لدولة الإمارات وشعبها الشقيق مزيداً من التقدم والازدهار.

وأشار المتحدث الرسمي، إلى استعراض آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث توافق الزعيمان على مواصلة الجهد المشترك للدفع نحو تسوية الأزمات القائمة فى المنطقة بما يراعى مصالح الشعوب العربية ويعزز التضامن العربى ويحقق الاستقرار والرخاء فى المنطقة، وتطرق اللقاء إلى التباحث بشأن مؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب ٢٨» الذى تستضيفه دبى نهاية العام الجارى، وذلك بهدف الاستفادة من التجربة المصرية الناجحة فى استضافة الدورة السابقة «كوب٢٧» بمدينة شرم الشيخ، والبناء على النتائج التى تحققت بهدف إعطاء دفعة للعمل المناخى المشترك على المستوى الدولى، بما يصون الموارد البيئية ويحقق مصلحة الإنسانية.

◄ بيومي: الهموم المشتركة للقيام بدور الوساطة تدفع للتنسيق المستمر

وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، إن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد أكبر مستثمر عربى فى مصر ومن أكثر البلدان العربية التى لديها نشاطات استثمارية مختلفة، وهناك فرصة كبيرة لأن تتوافد رؤوس الأموال الإماراتية إلى مشروعات عديدة فى ظل استقرار التقارب السياسى بين البلدين، وأن التعويل فى المستقبل على ألا يكون التركيز فقط على خدمات الإنشاءات والانتقال على نحو أوسع للاستثمارات الزراعية والصناعة والخدمات الفندقية.

وأوضح أن تكرار الزيارات التى بين قادة الدولتين دليل مباشر على أن هناك تنسيقا وتعاونا مشتركا وأن البيانات القوية التى تخرج عن القمم المختلفة دائمًا ما تدحض الأكاذيب والشائعات التى تستهدف ضرب العلاقات الراسخة بين البلدين، وأن الهموم المشتركة التى تجابهها الدولتان فى ظل مساعيهما للعب دور الوساطة فى كثير من أزمات المنطقة تساهم فى أن يبقى التنسيق والتشاور مستمراً طوال الوقت.

◄ فهمي: زيارة الرئيس تطرقت للملف الليبى وبدء مفاوضات الحوثى مع السعودية

وأشار الدكتور طارق فهمي، خبير العلاقات الدولية، إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين نموذج جيد للتعاون المشترك، وأن زيارة الرئيس الأخيرة إلى دولة الإمارات تؤكد تقارب وجهات النظر سواء على مستوى التنسيق الثنائى أو بشأن التنسيق العربى المشترك على المستوى الإقليمى، فى إطار مساحات كبيرة من التعاون الاقتصادى والمشروعات المشتركة بين البلدين.

وأكد أن زيارة الرئيس الأخيرة تطرقت إلى ملف المناخ، واستعرض ما توصلت إليه مصر في قمة «كوب 27» التى استضافتها شرم الشيخ والتجهيز للقمة المقبلة فى دبى، وأن مصر نقلت خبرتها فى هذا المجال إلى الجانب الإماراتى، وهناك حرص من جانب المسئولين فى دولة الإمارات للإنصات للخبرات المصرية، وأن الرئيس عبدالفتاح السيسى أعطى توجيهاته لدعم الأشقاء فى الإمارات.

◄ اقرأ أيضًا | الإمارات وهولندا تبحثان العلاثات الثنائية والتطورات الدولية

◄ السعيد: العلاقات بين البلدين تاريخية وممتدة وأبناء زايد حافظوا على هذا النمط والخصوصية

وأكد الدكتور أسامة السعيد الباحث فى الشئون الدولية، أن العلاقات بين البلدين تاريخية وممتدة وأن أبناء الشيخ زايد حافظوا على هذا النمط والخصوصية، وأن ما يدعم التقارب يتمثل فى أن الإمارات لديها رؤية داعمة للسلام والاستقرار فى المنطقة وتتشارك مع مصر فى تلك الرؤية خاصة فى أعقاب العام 2011 حيث تعرضت الدول العربية لاضطرابات سياسية وصلت لحد الحروب الأهلية.

أضاف، أن جهود إعادة الاستقرار للعديد من الدول العربية وبناء مشروع عربى جديد يمنع التدخلات الأجنبية عبر ما يمكن تسميته بـ«الطبعة الجديدة من القومية العربية» بحاجة لتعزيز تلك الجهود المشتركة بين البلدين، وأن الأهداف المشتركة بشأن مكافحة الإرهاب ودعم الدولة الوطنية ومحاربة الميليشيات الإرهابية تساعد على تعزيز العلاقات، بخاصة أن مصر قدمت تجربة ملهمة ورائدة عربيا فى ملف مكافحة الإرهاب، كما أن دولة الإمارات قدمت الدعم السياسي والاقتصادى لمصر فى الفترات الصعبة وهو ما ساعد الدولة المصرية على الصمود.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة