فرحة «العروسة» بعد انتصار أكتوبر ١٩٧٣
فرحة «العروسة» بعد انتصار أكتوبر ١٩٧٣


«السجيني» جعلها شاهدة على العصر| «عروسة المولد».. من النكسة إلى نصر أكتوبر

آخر ساعة

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023 - 09:41 م

■ كتبت: هاجر علاء عبدالوهاب

الاحتفالات فى مصر فكرة قديمة، خصوصًا المولد النبوي الشريف الذى له طابع خاص عند المصريين، الفنان التشكيلى المصرى جسّد مظاهر الاحتفال به فى لوحاته، من حيث السرادق المقام على ناصية الحارات المصرية القديمة، التى تكسوها الخيام الحمراء، ويحوى داخله «عروسة المولد»، التى يشتريها العشاق ليهدوها إلى حبيباتهم، وكذلك «الحصان الحلاوة» الذى طالما كان حلم الصبية الصغار أن يكبروا ويركبوا حصانًا حقيقيًا، ليحققوا حلمهم ويكونوا مثل أبوزيد الهلالى بحصانه وشواربه الذى طالما جسد فكرة البطل المُخلِّص.

وفى الوقت الذى نحتفل بالذكرى الخمسين لانتصار أكتوبر المجيد، نجد أن الفنان التشكيلي وقت فترة الاستعداد للحرب قد رسم بجانب العروسة والحصان، مدرعات ودبابات ومدافع، ما شكّل حالة من الترابط بين الاحتفال بالمولد النبوي وما يعيشه الشارع المصرى من الانشغال بالحرب والانتصار على إسرائيل.

وهناك لوحات شهيرة جسّدت مشاعر الهزيمة والانتصار الذى أثار مشاعر الشعب بأكمله عمومًا، والفنان بمشاعره الجياشة على وجه الخصوص، وهو ما عبّر عنه الفنان الراحل جمال السجينى فى مجموعته «العروسة»، لتشهد على اجتيازه واجتياز مصر واحدة من أشد العثرات فى النصف الثانى من القرن العشرين، حتى فرحة الانتصار وهى الفترة الواقعة بين عامى 1967 و1977، تلك الفترة التى اجتازها السجينى وغيره من معاصريه بدءا من مرارتها التى صاحبت نكسة يونيو 1967 وسنوات الإحباط الست التى تلتها، وصولا إلى ظهر السادس من أكتوبر 1973، الذى شهد تلك الهبة التى أفطر فيها المصريون على رشفات الفرحة التى روت عطش ست سنوات من صيامهم عن الابتهاج، وختاما بسنوات أربع ارتوت فيها مصر من رحيق النصر واستمتعت بحلاوته.

◄ اقرأ أيضًا | الخميس المقبل.. الكحلاوي يشدو بالمدائح النبوية في الليلة المحمدية

في عمله «العروسة» الذى يوثق لحدث جلل وتاريخ عاصره البعض منا، نجده قد وثق لأحاسيس ومشاعر ومرارة سكنت النفوس ونالت من الهمم حتى جاءت فرحة الانتصار العظيم، لذا فإن تنويعه فى الخامات ساعد على إظهار المفهوم، فقد أتت خلفية العمل شبه الصلبة المتمثلة فى سطح السيلوتكس خادمة ومتحملة لتلك الخامات المتنوعة المضافة، بل لعبت دور الحماية لهذه التفاصيل الرقيقة من زخارف، ذلك الزى الذى ترتديه تلك العروسة. أما فيما يخص المزج المقصود من هذه الخامات المختلفة، فقد أوقفنا السجينى أمام تجاربه فى التعامل مع تنوع الخامات، حيث نلاحظ فى وضوح خلطه بين الألوان الزيتية والورق المعدنى باللون الفضى وعجائن الريليف وقطع الزجاج والمرايا، ناهيك بالعجائن الخاصة بالملابس التى وزعها الفنان بشكل متوازن فى جنبات اللوحة.

ورغم ما أظهره السجيني من ملامح مرهقة للعروس ووجه حزين وجسد منهك وقدم معتلة من صدمتها، فإنه أظهرها فى كامل حلتها وأفضل زينتها كأنه أرادها فى حالة من الاستعداد إذا ما كتب لها التعافى، وقد جاء حله لاستعانتها بهذين العكازين ذا مغزى أعمق مما بدا عليه المشهد، وربما أراد أن يدلّل على أمنيته لها بالتعافى دون مساعدة من أحد، وربما تمنى أن يبلغها بثقته فى أنها ستجتاز محنتها بمفردها من خلال استنادها على ما تمتلكه من جَلد وصبر أبنائها، وتاريخها الضارب جذوره فى عمق الزمان.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة