الفريق سعد الدين الشاذلي
الفريق سعد الدين الشاذلي


قادة النصر| الفريق سعد الدين الشاذلي.. تاريخ بطل من الحرب إلى الدبلوماسية

عبدالله علي عسكر

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023 - 06:59 ص

«العسكري المصري إذا أعطي الفرصة وخصصت له المهمة التي في حدود إمكانياته يعتبر من أكفأ وأشجع المقاتلين».. هكذا وصف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة إبان نصر أكتوبر المجيد، الجنود المصريين، ليسطر تاريخا من نور كأحد المقاتلين الأشداء الذين بذلوا الجهد من أجل تحقيق النصر. 

نشأة تقدس القيم

كانت بداية النشأة في إحدى قرى مركز بسيون في محافظة الغربية، حيث استقبلت القرية في الأول من إبريل عام 1922 أحد أبنائها وهو سعد الدين الشاذلي الذي نشأ في أسرة تقدس القيم، لذلك فقد اتصف منذ نعومة أظافره بالانضابط والروح الوطنية وعشقه للحياة العسكرية.

 

تلقى تعليمه بالمدارس الحكومية في محافظة الغربية، ثم حقق ذاته بالالتحاق بالكلية الحربية الملكية في فبراير عام 1939 وتخرج برتبة ملازم في يوليو عام 1940 عن عمر يناهز 18 عاما، التحق بعدها بسلاح المشاة ليخدم في إحدى الوحدات العاملة في الصحراء الغربية ويشارك من خلالها في الحرب العالمية الثانية.

أحد مؤسسي قوات المظلات

انتدب للخدمة في الحرس الملكي لمدة 6 سنوات في الفترة من عام 1943 حتى عام 1949، واستقرت خلالها حياته الأسرية، حيث تزوج عام 1944، وحرص على أن تكون نشأة كريماته الثلاث على قدر من القيم المتوارثة فكان القدوة والمثل لأسرته بنفس القدر الذي كان يراعيه كرمز لمرؤسيه في القوات المسلحة.

تميز طوال خدمته العسكرية بأخلاق الفارس خلقا ومظهرا فكان محافظا على لياقته البدية بنفس القدر الذي يحافظ فيه على الإلمام بالعلوم العسكرية والاستراتيجية، وهو أحد مؤسسي قوات المظلات بعد حصوله على دورة متقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1954، وتدرج في مناصبها القيادية إلى أن تولى قيادة الوحدات الخاصة عام 1967م، وقد شارك في حروب مصر المتعاقبة، وفي التزاماتها العسكرية الرئيسية، ومنها اكتسب الخبرة وحقق ذاته في تولي مناصب قيادية رفيعة.

 أول قائد مصري في قوات حفظ السلام

 شارك في حرب فلسطين عام 1948م ضمن سرية حرس ملكي أرسلها القصر إلى فلسطين، وشارك في معركة حرب العدوان الثلاثي عام 1956 كمقاتل وقائد لإحدى وحدات المظلات، وكان أول قائد مصري يكلف بقيادة وحدته العسكرية للعمل في قوات حفظ السلام في الكنغو عام 1960، وقاد إحدى الوحدات الرئيسية التي شاركت في دعم مصر لثورة اليمن. 

وفي حرب يوينو عام 1967 قاد إحدى المجموعات الخاصة التي أطلق عليها في هذا التوقيت مجموعة «الشاذلي»، ومع اشتعال حرب الاستنزاف عين اللواء سعد الدين الشاذلي قائدا لمنطقة البحر الأحمر العسكرية من أجدل التصدي للأعمال العدائية في هذا القطاع الساحلي الممتد والذي حاول العدو تهديده.

الشاذلي رئيسا للأركان

وفي أعقاب ثورة التصحيح في مايو عام 1971 اختار الرئيس الراحل محمد أنور السادات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة ليتولى هذه المسؤولية الصعبة في مرحلة من أدق المراحل التي مرت في التاريخ المصري المعاصر، والتي كانت تتطلب جهدا وأفكارا متميزة من أجل تحرير الأرض.

وعلى مدى 29 شهرا تولى فيها الفريق سعد الدين الشاذلي مسؤليته كرئيس لأركان حرب القوات المسلحة، فقد أفسح المجال للتعاون والتنسيق من أجل الإعداد لمعركة التحرير الكبرى، وفي نفس السياق أطلق العنان للتطوير والتطبيق العملي للأفكار الجيدة من أجل سد الفجوة التكنولوجية فيما نملكه من أسلحة ومعدات وما يستخدمه الطرف الآخر، وكانت تلك التطبيقات علامات بارزة في أداء القوات المسلحة في العمليات الحقيقية.

أول مسؤول يزور جبهة القتال 

يذكر للفريق الشاذلي جهده عند التنفيذ الفعلي لحرب أكتوبر المجيدة، وكان أول مسؤول من القيادة العامة يزور جبهة القتال ويعبر الضفة الشرقية للقناة يوم الثامن من أكتوبر ليشد من أزر القادة والجنود ويهنئهم بالنصر، وفي نفس الوقت يتحقق من تفهم القوات للخطوات التالية ويستجيب لأي مطالب عسكرية تؤدي إلى تحقيق الهدف.

الفريق الشاذلي كان يؤمن إيمانا راسخا بأن التلاحم بين القادة والجنود هو الطريق لتحقيق النصر، وأن مكان القائد هو الميدان وسط مرؤوسيه وجنوده، فيقول الفريق الشاذلي في أحد لقاءته الإعلامية متحدثا عن الحرب: «كانوا لما بيشوفوا الموجات بتاعتنا بتهجم كانوا بيسيبوا الدبابات دايرة.. العسكري المصري إذا أعطي الفرصة وخصصت له المهمة التي في حدود إمكانياته يعتبر من أكفأ واشجع المقاتلين».

تكريم البطل

وفي أعقاب الانتصار العظيم تم تكريم الفريق الشاذلي بمنحه نجمة الشرف العسكرية، كما تم تعيينه سفيرا لمصر لمكلة المتحدة ثم في البرتغال.. وهنا يأتي دور التاريخ ليعيد للرجل ذاته وكرامته ليتعرف شعب مصر العظيم على واحد من الأبطال سجلت جهوده بحروف من نور فتبقى مضيئة على مدى الدهر خاصة بعد أن لفظ القائد العظيم أنفاسه الأخيرة ورحل عن دنيانا في العاشر من فبراير عام 2011 في جنازة عسكرية مهيبة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة