اللواء محمد عبد القادر
اللواء محمد عبد القادر


اللواء محمد عبد القادر: الجندي الإسرائيلي كان مغرورا فاستحق الهزيمة

آخر ساعة

الأربعاء، 04 أكتوبر 2023 - 04:32 م

■ كتب: محمد ياسين

لواء محمد عبد القادر الدفعه 55 حربية من سلاح المدفعية، يحكى لنا حكايات النصر والفخر وكسر الغطرسة الإسرائيلية وحرب الكرامة، يتذكر أياما لن تنسى فيقول: كانت نقطة العبور المخصصة لنا «المعبر رقم 23» جنوب كوبري الفردان، ففى الواحدة وخمس وأربعين دقيقة خلعت علامات الرتب من فوق كتفى ودفنتها تحتى فى الرمال، ولم أكد أنتهى من هذا حتى سمعنا فى الجو هديرا لم نسمع مثله قط ومرت فى لمح البصر من فوقنا أسراب الطائرات من جميع الطرازات والأحجام ودوى صوت أول مدفع، انقلبت بعده الجبهة إلى جحيم من النيران تصبه المدفعية على الشاطئ الشرقى للقناة وفى عمق سيناء، ولمن سمع صوت الرعد أقول إن ما سمعته يفوق صوت الرعد بكثير. ومع كل طلقة كنت تسمع من الجنود الرابضين على شاطئ القناة الغربى التكبير والتهليل.

وكنت فى الموجة الثانية من العبور واشترطت على جنودي أن أكون أول من ينزل على أرض سيناء، فعادت القوارب فارغة لتعبر الموجة الثانية فركبنا القاربين المخصصين لنا فى سرعة غير عادية، وبرغم أن المدة الزمنية المخصصة للوصول للشاطئ الآخر سبع دقائق ونصف، فقد وصلنا فى حوالى خمس دقائق وهو رقم أقل مما كنا نتدرب عليه. وكنت قد أقسمت أن أكون أول من تطأ قدمه أرض سيناء، ولما وصل القارب الآخر قبلنا قفزت إلى الماء وسرت حوالى المتر لأبر بالقسم.

◄ اقرأ أيضًا | زيلينسكي: دبابات أبرامز المتقدمة تسهم في تطوير أداء القوات الأوكرانية

ولم نجد أى مقاومة من جندى إسرائيلي واحد فقد كانت مجموعات الموجة الأولى للعبور تسير أمامنا. وفجأة سمعنا هدير محركات دبابات تدور، ثم خرجت أمامنا دبابة وكأن قائدها قد أصيب بالذعر لما وجد القوات على مقربة منه، فأخذ يطلق من رشاش الدبابة على الجنود المتقدمين الذين فوجئوا به فأحدث إصابات فى جنود الموجة الأولى وتساقط بعضهم ثم غيّر قائد الدبابة اتجاهه واتجه إلينا والرشاش لا يكف عن إطلاق نيرانه. رقدنا على الأرض فى محاولة لتجنب الإصابة قدر المستطاع، واستعدادا لدخوله فى مرمى السلاح المضاد للدبابات الوحيد معنا وهو سلاح الآر.

بى . جى، وفجأة غيّر قائد الدبابة اتجاهه وسار فى مسار موازٍ للقناة، غير أنه لم يبتعد أكثر من مائة متر إلا وعاجله صاروخ مضاد للدبابات منطلق من الضفة الغربية للقناة فانفجرت الدبابة وتحولت إلى كرة ملتهبة من النيران، وكانت دبابة أخرى آتية من الاتجاه المضاد فنالت نفس المصير بفعل صاروخ ثانٍ ونهضنا وبدأنا فى التقدم.. وبدأت مدفعية العدو فى إطلاق النيران بكثافة على كل المواجهة، وكان قائد الكتيبة قد منحنى سلطة الاشتباك بكامل مدافع الكتيبة إذا استدعى الأمر، حيث لم يكن هو ومركز ملاحظة الكتيبة قد عبروا بعد طبقا للجدول المحدد.

قمت برصد بطارية المدفعية حيث حددت اتجاهها بالبوصلة، كما قمت بقياس مسافتها التقريبية بساعة يدى، مستخدما قانون سرعة الصوت تساوى ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين مترا فى الثانية. وبإحدى طرق إدارة النيران التى سبق أن تعلمناها وتسمى - إدارة النيران بنقص الإمكانيات - حيث لا تتوافر الوسائل الدقيقة لإدارة النيران قمت بالتعامل مع البطارية، وأطلقت قصفة نيران صححتها تصحيحا مناسبا بنفس الطريقة وأطلقت قصفة أخرى، وكم كانت سعادتنا جميعا ونحن نرى بطارية مدافع العدو تتوهج ونسمع أصوات انفجارات الذخيرة بها.

فى حوالى التاسعة مساءً وصلت الدبابات الإسرائيلية وكانت محركاتها تهدر أثناء قدومها من بعيد، وكنا نسمعها بوضوح وثقة منهم بأنفسهم فقد كانوا يضيئون الكشافات بحثا عن الجنود والوحدات التى عبرت تمهيدا لإبادتها، رغم أن ذلك يكشف مكانهم بسهولة وبالتالى يسهل إصابتها، إلا أنهم لم يبالوا بهذا وظنوا أنهم منتصرون لا محالة واستهانوا بقدراتنا وظنوا أنها صورة مكررة لما حدث فى عام 1967.

اقتربت من مكاننا مجموعة من خمس دبابات أمكننا تمييزها بشيء من الصعوبة ليلا مع بدء ظهور القمر. وأخذت فى الاقتراب حتى ظننا أنهم يعرفون مكاننا، ووقفت الدبابات على بعد حوالى خمسين مترا بينما تقدمت إحداها حتى كان الفاصل بينى فى حفرتى وبينها حوالى المترين والجميع كان قد صمت تماما وبقى فى حفرته دون حراك، ونزل أحد جنود الدبابة وركل شيئا بقدمه وتكلم بالعربية قائلا «جاى تاخد بتارك يامصرى»، قالها بنوع من السخرية. وصعد إلى دبابته مرة أخرى وأدير المحرك وبدأت الدبابة فى الابتعاد فى اللحظة التى بدأ فيها أحد جنود المشاة العاملين على المدفع المضاد للدبابات فى تعمير طلقة فى مدفعه ولم تبتعد الدبابة مائة متر إلا وأطلق طلقته فصارت الدبابة كتلة من النيران.

ولم ينتظر معروف ليرى نتيجة عمله بل سارع بتعمير المدفع وأطلق طلقة أخرى أصاب بها إحدى الدبابات الأربع الأخرى التى كانت قد بدأت فى الفرار واستمرت فرقعة الذخيرة بها حوالى 4 ساعات بعد أن تفحم كل من فيها وفرت باقى الدبابات شرقا تسابق الريح.

وفى اليوم الثانى تمكن قائد الكتيبة من الوصول إلى مكانى بعد عبوره القناة، واشتدت هجمات الطيران علينا، وكان يلقى بحمولته على بعد أمتار منا، فتهتز الأرض كلها بنا وتنهار الحفر التى نحتمى داخلها لكون الأرض رملية غير متماسكة فنشرع من جديد فى عمل حفر غيرها تقينا شظايا قنابل الطائرات خاصة الزمنية منها، وهذا ما كنا مدربين عليه وجنودنا قبل بداية الحرب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة