خالد محمود
خالد محمود يكتب: أعمال البطولات ليس لها تاريخ انتهاء
الخميس، 05 أكتوبر 2023 - 02:49 م
لم يكن إعتزازي بشهر أكتوبر كونه شهر مولدي، لكنه أيضا شهد ميلاد جديد لأمة وكتب تاريخ وطن.. ففي 6 أكتوبر 1973 شهدت مصر انتصارها العظيم الذي غير مسار الدم في العروق لينبض فقط في طريق العزة والكرامة والشعور بالأمل في مستقبل لا يعرف سوى قهر المستحيل .
لم تكن حرب أكتوبر ونتائجها المعجزة مجرد تحقيق حلم طال انتظاره على جبهة القتال، بل انتصار لذات الشخصية المصرية والعبور بها لمكانة أخرى تستحقها .
ونحن صغار كنا فخورين بمشاهدة صور الأسرى من العدو الإسرائيلي على الصفحات الأولى للصحف وهم في مشهد انكسار وذلة، سمعنا حكايات وحكايات عن بطولات جنودنا البواسل التي كانت وراء هذه الصور، وذلك المشهد الذي لا ينسى.. نعم تمنيت أن ألتقي هؤلاء الأبطال لسماع شهاداتهم وبطولاتهم.. وأدركت أن الحدث بحق عظيم .
اليوم وبعد مرور 50 عاما أقينت أن “نصر 6 أكتوبر” أكبر بكثير من التناول الذي تم بالدراما أو حتى الأعمال السينمائية التي جسدت المعركة، بالرغم من حجم الأعمال التي قدمت.
الواقع أن لدينا بطولات حربية حقيقية كثيرة تستحق عشرات الأفلام، على عكس السينما الأمريكية التي لديها بطولات شبه حقيقية، وأحيانا مزيفة تلتف حولها من خلال السينما لتجعل الجندي الأمريكي أسطورة طوال الوقت.
نعم فخور بالتجارب المصرية التي قدمت في بداية السبعينات، وما بعد حرب أكتوبر، تُذكرنا من وقت لآخر بقيمة الانتصار، وهي ذات قيمة كبيرة وتميز وتفاعل معها الجمهور وجدانيا، وصولًا لفيلم “الممر”، الذي يعد التجربة الأكثر ثراءً في إستخدام التكنولوجيا والإبهار في السينما المصرية، ومؤشرا لقدرhتنا على تقديم أفلام كبيرة ومبهرة، لكننا نحتاج إلى أكثر من نموذج يروي البطولات المصرية بنفس التقنية والتكنولوجيا.
نحن بحاجة لنموذج وأكثر يحكي بطولات مهمة، مثل موقعة “كبريت”، وتحطيم “بارليف”، و”مناورة الموت الأخير” التي قام بها أبطال سلاح الطيران، وبطل “صائد الدبابات” وحصار مضيق باب المندب، وبطولات الفرقة “73 صاعقة” في منطقة الدفرسوار وأبو سلطان، والمجموعة 127 بالجيش الثالث التي استطاعت أن تحاصر النقطة الحصينة في لسان بور توفيق حتى أستسلم لهم الجنود وتم أسر 37 فرداً من العدو، كلها قصص ثرية للغاية، ويمكننا أن نقدمها بإستخدام نفس التقنية والتكنولوجيا التي استخدمت في فيلم “الممر”.
تقديم الأعمال الحربية ليس له تاريخ انتهاء، كل عام نرى فيلما أو أكثر يطرح عن الحرب العالمية الأولى أو الثانية، وبرغم مرور عشرات السنوات عليها، إلا أننا مازلنا نرى أفلاما كبيرة وقوية بشغف، من خلال تعاملها مع قصص إنسانية بسيطة جرت أثناء معارك صغيرة تكشف مع الوقت أكاذيب وترصد حقائق وتتعامل مع قصص إنسانية بسيطة مثل “1917”، ورغم بساطة القصة أدانت الحرب والعالم الذي تورط فيها.
أن صناعة السينما المصرية أفرزت عددا من الأفلام المهمة، منها “أبناء الصمت” الذي احتل رقم74 بقائمة أفضل 100 فيلم مصري، “الرصاصة لا تزال في جيبي” و”بدور” وغيرها من الأفلام مثل “حكايات الغريب” و”حتى آخر العمر” و”أغنية على الممر”، لكننا مازلنا في انتظار الفيلم الكبير الذي ينقلنا إلى نقطة أخرى ترسخ في وجدان الأجيال الجديدة قيمة الحدث بوجهة نظر مصرية خالصة لتلك الحرب المجيدة التي أثبتت للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور يستند إلى شجاعة القرار ودقة الإعداد والتخطيط وبسالة الأداء والتنفيذ، نتذكر معه التضحيات التي بذلها رجال هانت أرواحهم الطاهرة الذكية، ولم تهن مكانة الوطن في قلوبهم، فقهروا المستحيل وضربوا أروع صور البطولات المصرية التي سجلها التاريخ بحروف من نور.
إسرائيل قدمت مجموعة من الأفلام التى تناولت لحظة إنكسارهم على استحياء لكنها زيفت كثير من حقائق المشهد مثل “كيبور” الذي صور نجاح إنساني لا أساس له، و”الشتاء الماضي” و”يوم هادن” .
شاهدت بعض هذه الأفلام وأيقنت أنها خارج نطاق المصداقية والتاريخ، ولابد أن نقدم نحن أبطال الحرب بتصحيح تلك الصورة،
لهذا فنحن بالفعل بحاجة للرد سينمائيا، فقصصنا الإنسانية هي الإلهام والتاريخ الحقيقي، والرد يكون بمشروع سينمائي ضخم له مواصفات عالمية من حيث الإنتاج والتصوير، حتى لو تم الإستعانة بنجوم عالميين .
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة