الخميس، 05 أكتوبر 2023 - 04:12 م

لأن هزيمة يونيو كانت صدمة مروعة بالغة القسوة للمصريين خاصة أبناء جيلى صاحب الأحلام الكبيرة لوطنه، فقد كان يوم ٦ أكتوبر عام ١٩٧٣ بالنسبة لنا هو يوم الفرح العظيم.. ففيه تحركت قواتنا لتخوض حربا انتظرناها بلهفة كبيرة وشوق هائل أكثر من ست سنوات، وعبرت بجسارة ومهارة قناة السويس إلى أراضى سيناء العزيزة والغالية علينا، وهو ما قيل  لنا أنه ضرب من المستحيل بسبب الساتر الترابى المرتفع الذى أقامه العدو على الضفة الشرقية للقناة والمزود بمواسير تطلق لهبا حارقا، وبسبب خط بارليف المنيع الذى كان يتباهى به الإسرائيليون.. وبذلك سيكون التفكير فى عبور القناة مغامرة دامية سنخسر فيها الكثير من مقاتلينا! 

لكن المستحيل تحقق، وعبر مقاتلونا القناة بقواربهم المطاطية فى البداية ثم بمدرعاتهم فوق الكبارى التى أقاموها فوق مياه القناة، بعد أن دكت بقوة ودقة طائراتنا ومن بعدها مدفعياتنا مواقع العدو المنتشرة فى سيناء وقيادة قواته بها.. إذن لا مستحيل أمام شجاعة المقاتلين المصريين ومهارتهم التى اكتسبوها بالتدريب الجاد والشاق، وبراعة التخطيط للحرب وحسن اختيار موعدها، وخداع العدو لتحقيق مفاجأة الضربة الأولى، وقبل ذلك كله رغبة ملأت صدور المقاتلين المصريين طوال الوقت لإثبات قدرتنا على رد الضربة للعدو بأشد منها.     

لقد غمرت نفوسنا الفرحة بمجرد نجاح موجات العبور الأولى لقواتنا.. فقد كان قيام الحرب منذ التاسع من يونيو ١٩٦٧ مطلبا شعبيا، لاسترداد الكرامة الوطنية قبل استرداد الأرض العزيزة التى احتلت.. وتضاعفت هذه الفرحة بعد أن نجحت موجات العبور الأولى للقناة التى قام بها مقاتلونا.. ووصلت الفرحة ذروتها عندما عرفنا أننا نجحنا بالعقول المصرية  فى التغلب على الساتر الترابى وغلق مواسير اللهب المزود بها، وفى تحطيم خط بارليف المنيع، ورفع العلم المصرى مجددا على الضفة الشرقية للقناة على امتدادها.   

كانت فرحة لا توصف ولا تنسى ولا تقاس بأى فرحة أخرى فى الحياة.. فرحة ممزوجة بالعزة والكبرياء والفخر.. فرحة صنعتها بطولات وابتكارات وعبقرية تخطيط وإعداد وتحضير وجهد شاق فى إعادة بناء القوات المسلحة فى زمن قياسى محدود.. وبالنسبة لى ولأبناء جيلى كانت فرحة العمر كله. 

وعلى مدى خمسين عاما تتجدد دوما هذه الفرحة يوم السادس من أكتوبر كل عام.

[email protected]