آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

ربما أعطاك فمنعك

آمال عثمان

الجمعة، 06 أكتوبر 2023 - 06:13 م

علمتْنى الحياة منذ سنوات الصبا الأولى، ألا أحزن على خسارة أو فقدان، أو أتألم لإخفاقى حينما أفشل فى تحقيق رغبة أو أمنية، وأثبتت لى الأيام خلال رحلة العمر، أن ما أراده الله هو أفضل مما كنت أبتغيه أو أسعى إلى تحقيقه، حتى لو توهمتُ وقتها خلاف ذلك، واعتبرتُ أن خسارتى وفقدى من سوء الطالع، فمادام الإنسان اجتهد، وسعى بكل جهد وإخلاص لتحقيق أحلامه وآماله فى الحياة، فعليه أن يدرك أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً،  فليس كل ما نتصور أنه غايتنا وهدفنا هو الأفضل.

وقد قرأت حكاية شعبية تُعبّر عن تلك القناعات التى حزمتُ أمرى أن أتشبث بها ما حييت فى أى كبوة أو عثرة تصادفنى، تحكى الرواية: أن فلاحاً صينياً فقد حصانه الوحيد الذى يساعده فى أعمال الحقل، فجاء إليه جيرانه فى العشية يواسونه فى مصيبته قائلين: أيّ مصيبة حلت بك؟!، هزّ الفلاح رأسه وقال: ربما، من يدري؟!. وفى اليوم التالى رجع الحصان إلى صاحبه ومعه ستة جيادٍ برية، أدخلها الفلاح إلى حظيرته، فجاء إليه الجيران يهنئونه قائلين: أيّ خير أصابك!. هز الفلاح رأسه وأجاب: ربما، من يدري؟!.

وفى اليوم الثالث، دخل الابن الوحيد للفلاح إلى الحظيرة، واختار أحد الجياد البرية وأسرجه عنوة واعتلى صهوته، ولكن الجواد الجامح طرحه أرضاً، فوقع وكُسرت ساقه، وحين علم جيران الفلاح بما حدث لابنه، ذهبوا إليه لكى يواسونه قائلين: أى مصيبة حلت بك؟! فهز الفلاح رأسه معلقاً: ربما، من يدري؟!، وبعد أيام جاء ضابط التجنيد إلى القرية، بتكليف من الحاكم ليسوق شباب القرية إلى الجيش، وبالفعل أخذ منهم الصالحين للخدمة العسكرية، وعفا عن ابن الفلاح بسبب ساقه المصابة وعجزه عن الحركة، عرف الجيران بما حدث لابن الفلاح، وذهبوا إليه يهنئونه معلقين: أى خير أصابك؟!، لكن الفلاح هز رأسه مرة أخرى قائلاً: ربما، من يدري؟!.

وقد عبّر ابن عطاء الله السكندرى عن العبرة من تلك القصة فى مقولته الشهيرة: «ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، ومتى فتح لك باب الفهم فى المنع، صار المنع عين العطاء».
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة