د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

فى بيتنا مراهق

الأخبار

السبت، 07 أكتوبر 2023 - 07:51 م

مفيش حد كبير على العلم ولا حد كبير على الاعتراف بالغلط.. المراهق ساعات بيدفع فاتورة أهل ميعرفوش يعنى ايه تربية وفاكرينها بتمشى بالضرب والإهانة وبس
 

من أعظم تحديات التربية اللى بتقابل كل الأهالى وجود مراهق فى بيتهم، الفترة دى كل الأهالى بتترقبها بحذر وخوف وبيدعوا فيها ربنا انها تمر بسلام..

كل أب وأم من أول ما بيخلّفوا بيشيلوا هم المراهقة بسبب كثرة الصراعات والتحديات التربوية والنفسية اللى بيمر بيها كل أفراد الأسرة..

زمان سن المراهقة كان بيبدأ من ١٢ حتى ١٨ سنة ولكن حالياً أعلنت منظمة الصحة العالمية ان سن المراهقة بيبدأ من ١٠ سنين وبيمتد لـ ٢٥ سنة فى بعض الأحيان ومعنى كده ان الأهالى لازم تستعد الاستعداد الكافى من بدرى وتتحضر بالمعلومات الكافية وطرق التعامل الصحيحة مع أولادهم المراهقين.. خصوصاً ان التربية دلوقتى مبقاش مصدرها الأهل وبس، الانترنت والانفتاح فرضوا تدخلهم فى تشكيل شخصية مراهقين هذا الجيل مهما حاولنا نسيطر ونحد من استخدامهم للانترنت..

فى البداية محتاجين نتعرف على أهم سمات المراهقة الشائعة عند الولاد والبنات:

وأهمها التغيرات البيولوچية والنمو السريع المتعارف عليه لدى الجنسين.

بالإضافة للتغيرات المزاجية المتسارعة وبنلاحظ عند البنات ظهور حساسية مفرطة فى كل تعاملاتهم وميلهم للجنس الآخر واهتمامهم بمظهرهم الخارجى بشكل زائد عن المألوف، اما فى الذكور بتزيد رغبتهم فى ممارسة رياضات عنيفة يكتشفوا بيها قدراتهم الجسدية وبيعتبروها وسيلة للفت انتباه الجنس الآخر..
من أهم سمات المراهقين: اتصافهم بالعند والندّية ورغبتهم فى فرض رأيهم عشان يحسسوا أهاليهم بوجودهم خصوصاً لو كانوا مشغولين عنهم معظم الوقت..
وبيكون عندهم رغبة شديدة فى الاستقلالية والتمرّد وعدم تحمل المسئولية أو التفكير فى عواقب الأمور.

طيب ازاى الأهالى تقدر تتعامل مع المراهق بالشكل الصح؟

فى البداية لازم نعرف ان المراهق محتاج من أهله الاستيعاب والاحتواء وانهم يتفهموا ان دى مرحلة طبيعية لازم كل مراهق هيمرّ بيها، وان لخبطة المشاعر والتخبط الشديد اللى بيمرّ بيه المراهق مش بمزاجه، ده أمر طبيعى بسبب زيادة هرمون الاستروجين (هرمون الأنوثة) وهرمون البروجستيرون (هرمون الذكورة) وزيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية TSH اللى بيحفز النمو والتطور، وهرمون النمو GH المسئول عن تعزيز النمو العام والعضلات والعظام ويؤثر على الطول والتكوين الجسدى وغيرها من الهرمونات اللى تغير معدلات افرازها خلال فترة المراهقة بيؤدى لتقلبات مزاجية وسلوكية غير متوقعة فى بعض الأحيان.. وده تفسير منطقى من المفترض انه يهدّى من انفعالات الأهل ويفهمهم أكتر ان تصرفات أولادهم المراهقين مش بغرض استفزازهم أو اثارة غضبهم ولكن بسبب موجات الهرمونات الجائحة داخل أجسادهم.. ولذلك فى قاعدة ذهبية للتعامل مع المراهق: انك تحط نفسك مكانه.. وتفتكر فى سنه ده كان نفسك أهلك يتعاملوا معاك ازاى وكان احساسك ايه فى كل موقف ليك مع أهلك وصدقنى ده هيختصر عليك نص الطريق وهيقرّب المسافات بينكم.. ولازم الأهل يهتموا باحتياجات المراهق فى الفترة دى أكتر من اهتمامهم بإلقاء الضوء على صعوبة المرحلة والتذمر من سلوكيات أبنائهم.. ودلوقتى تعالوا نتعرف ايه احتياجات المراهق من أهله؟

أولاً: التواصل الفعّال الايجابى

لازم الأهل يكونوا قريبين من ولادهم، اتباعاً لمقولة «إن كبر ابنك خاويه»، حاولوا تستخدموا نفس لغة حوارهم أو لغة قريبة منها، انزلوا لسنهم وهمّشوا الحكم والمواعظ والعبِر شوية على جنب.. خصصوا وقت ليكم لوحدكم وانتوا أصحاب بدون اصدار أوامر أو حُكم على تصرفاتهم وطريقة تفكيرهم.. حسسه انك فاهم هو بيتكلم فى ايه وبيفكر فى ايه.. طول ما انتوا أصحاب لولادكم هيتطمنوا للكلام معاكم، هيجروا عليكم يحكوا مشاكلهم، هيتقبلوا تعليقاتكم وهيحسوا بالقُرب والاحتواء..

أكتر دور يكرهه المراهق هو دور المُحقق، انك تنهال عليه بالأسئلة وتضغط عليه للاعتراف وتنظّر عليه لإن ده بيحسسه انه صغير وان تصرفاتك بتنتقص من رجولته وكرامته.. فالنتيجة بتكون مزيد من البُعد والعند والمكابرة..

ثانياً: الدعم

لازم ولادك يكونوا متيقنين انك فى ضهرهم وهتسندهم لما يغلطوا ويقعوا، خوف المراهقين من ردود أفعال أهلهم بيخليهم يخبّوا عنهم كوارث.. ممكن تخسّرهم ولادهم طول العمر.. خليك فى ضهر ولادك ووجّههم وربيهم وعلمهم الصح من الغلط، بس علمهم ده وهما فى حضنك، فهمهم ده وانت جنبهم وفى صفهم، مش وانت بتهين وبتشتم وبتجيب مناخيرهم الأرض.. وبتحسسهم انكم أعداء مش فى مركب واحدة..

ثالثاً: الحب غير المشروط

المراهق محتاج يحس بحبك لشخصه ولصفاته، وخصوصاً البنات لإن البنت اللى ما شبعتش حب فى بيت أهلها هتجرى وراه بره البيت وهيتضحك عليها بأى كلمتين لإن احتياجها انها تسمع كلمة حلوة ملقيتوش فى أهلها..

احضنوا ولادكم وطبطبوا عليهم وقولولهم بكل صراحة انكم بتحبوهم فى كل أحوالهم..

رابعاً: التقبُّل

المراهق محتاج يحس ان اللى بيحبوه متقبلينه زى ما هوّ.. مش عايزين يغيروا كل ما فيه عشان يرتاحوا! فى مراهق قالى قبل كده: أهلى مش بيحبوني، هما عايزينى أبقى شخص تانى غيرى خالص عشان يرجعوا يحبونى من تانى وأنا استحالة هعرف أعمل كده !

وعشان الأهالى تقدر تمرّن نفسها على التقبّل تقدروا تمارسوا تمرين الامتنان: انكم تكتبوا ١٠ صفات بتحبوها فى أولادكم وبتشعروا بالامتنان لوجودها، ويا سلام بقى لو سبتوا الورقة دى على مكتب ولادكم ، صدقونى هتفرق معاهم خصوصاً لو اتعودوا منكم على النقد والتوبيخ..

خامساً: الاحترام

كل الأهالى بتطالب ولادهم يحترموهم مع ان كتير منهم مش بيحترم ولاده.. بيتريقوا عليهم، ينتقصوا من قدرهم، بيحرجوهم قدام الناس ، بيتنمروا عليهم !
تخيلوا ان علم النفس أثبت ان معدلات التنمر المنزلى أعلى بكتير من التنمر اللى ممكن يتعرض ليه المراهق فى الخارج..

كم من الأهالى بيشتموا ولادهم، وبيتداولوا عبارات «انت فاشل/ انت حمار مبتفهمش/ انت أغبى اخواتك/ يا متخلف/ انتِ مين يبُص لواحدة زيك/ انتِ بتاكلى زى البقرة/ يا معصعصة يا خلة السنان»..

ونفس الأهالى دى بتستغرب ليه ولادهم واخدين منهم جنب وبيكرهوا القعدة معاهم وثقتهم بنفسهم صفر!

ونفس الأهالى دى بتستغرب ليه ولادهم مكتئبين ومتقوقعين وبيخافوا من الناس وبيعانوا من تراجع مستواهم الاكاديمي..

ونفس الأهالى دى بتستغرب العقوق من ولادهم! مع ان العقوق بدأ من عندهم وهما اللى زرعوه جوه ولادهم..

سادساً: المراهق محتاج يحس بتقدير لمشاعره، وانك تاخد شعوره المضطرب على محمل الجد، بدون استخفاف أو استهزاء.. استعيد مرحلة مراهقتك وتخيل شعورك لما أهلك كانوا بيستهزءوا بإحساسك.. وساعتها هتعرف ولادك مستنيين منك ايه..

سابعاً: تجنب النقد المستمر اللاذع

مفيش مراهق بيستحمل النقد المستمر.. فى مقولة شهيرة بتقول «اختر معاركك choose your battle”.. مش كل تصرف تقف عنده وتحلله وتقول فيه رأيك وتتخانق وتزعق وتعمل مشاكل!

اللى تقدر تتغافل عنه -لإنه مش هيضر ابنك/ بنتك، تغافل عنه، وخلّى كلامك وتعليقاتك ونقاشاتك لموضوع يستحق عشان يسمعك ويهتم بكلامك… بلاش ترسخ جوه مراهق انه كده كده مش عاجب ومهما عمل فهو مش متشاف وتصرفاته كلها غلط فى غلط.

ثامناً: اياك والمقارنات

المراهق بينفر من المقارنات: حُط نفسك مكانه، كل شوية حد يقارنك بذكاء فلان وشطارة علان! هل هترتاح فى التعامل معاه؟ طب هل هتحاول تطور من نفسك عشانه والا هتحس كل مرة بالفشل والدونية والإحباط!

المراهق محتاج تشجيع وتسليط الضوء على مميزاته وده هيحفزه وهيزرع جواه طاقة وانتاجية عُمر النقد ما هيقدر يحققها..

المراهق اللى بيكبر على النقد بيتحول لشخص مُجهد فى كل علاقاته وكل الناس بتنفر منه بسبب تعليقاته السلبية اللى بتعمى عينه عن كل ما هو ايجابى وجميل.. وأظن الموضوع ده ياما خرب بيوت كتير ودمّر جوازات من أول كام شهر..

تاسعاً: فى غلطة معظم الأهالى بتقع فيها من كتر تخوّفهم من مرحلة المراهقة وهى السيطرة والحماية الزايدة: بالبلدى كده بيكبسوا على نفَس ولادهم وبيحطوهم جوه قمقم من كتر حبهم وخوفهم عليهم.. والنتيجة انك بتربى مراهق بلا شخصية وبلا هوية.. شخص اعتمادى مش بيقدر ياخد أبسط القرارات.. شخص خوّاف وجبان وبيضيّع أى فرصة قدامه مهما كانت عظيمة! شخص سلبى لا يُعتمد عليه..

سيبوا المراهق يتنفس.. اسمحوله يغلط عشان يتعلم.. سيبوه يقع عشان يتعلّم ينفّض هدومه ويقوم على رجله من تاني.. راقبوه من بعيد بدون تدخل تحسباً لوجود خطر.. وساعتها تقدروا تتدخلوا وتدعموا ولادكم..

وأخيراً: المراهق محتاج أهل أسوياء.. أهل لو مش عارفين ازاى يتعاملوا صح مع ولادهم يكون عندهم الوعى الكافى للتعلم وتغيير مفاهيمهم الغلط فى التربية..

مفيش حد كبير على العلم ولا حد كبير على الاعتراف بالغلط.. المراهق ساعات بيدفع فاتورة أهل ميعرفوش يعنى ايه تربية وفاكرينها بتمشى بالضرب والإهانة وبس..

افتكر انك فى يوم كنت مراهق والتمس لولادك العذر ان زمنهم أصعب من زمنك ومليان بالتحديات، وصدقنى هتِهْدا..
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة