د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

الاحتراق النفسى وقضية فلسطين

الأخبار

السبت، 21 أكتوبر 2023 - 07:29 م

الحرب الالكترونية لاتقل أهمية عن الميدانية لإنها بتنقل الصورة من قلب الحدث وبتنشرها للعالم كله فتقدر تغيّر نظرة العالم للقضية وتفضح الكذب والتدليس وتزوير الحقايق

والله إنى ما يئست و لكنها حقاً إنها أيام ثقال..

من يوم ٧ أكتوبر و كلنا نتابع دون انقطاع ما يحدث فى فلسطين الحبيبة، لا نقوى على ترك هواتفنا لمتابعة تطور الأحداث.. ننتقل من ڤيديو لڤيديو.. نعيش آلامهم وفقدهم وأحزانهم لحظة بلحظة..

كتير مننا أصبح يعانى حتى أثناء ممارسة روتين حياته الطبيعي.. الهموم أثقلت صدورنا والدموع أنهكت عيوننا..

أصوات بكاء الأطفال وصراخ الأمهات ونحيب الأهالى لا يفارق مسامعنا..

التهمنا الشعور بالذنب و أنهكتنا قلة الحيلة..

بقينا بنحس بالذنب و احنا بناكل وأهلنا مش لاقيين اللقمة الناشفة الحاف، واحنا بنشرب بعد ما تم ضخ الأسمنت فى مجارى المياة العذبة للضغط على الفلسطينيين و احنا نايمين فى بيوتنا و بيوت اخواتنا بتتساوى بالأرض فى لحظة و احنا ولادنا فى حضننا و ولادهم بيتدفنوا تحت التراب..
ولكن مع كل هذه المشاعر السلبية كان فى دعم من كل طوائف الشعب المصرى، سيل من الأدعية المتواصلة، تبرعات على قد ما نقدر، انتفاضة على وسائل التواصل الاجتماعى لنصرة أخواتنا و فضح جرائم العدوان..

احنا فى زمن الحرب فيه متقسمة لشقيّن: حرب ميدانية وحرب الكترونية.

والحرب الالكترونية لاتقل أهمية عن الميدانية لإنها بتنقل الصورة من قلب الحدث وبتنشرها للعالم كله فا تقدر تغيّر نظرة العالم للقضية وتفضح الكذب والتدليس وتزوير الحقايق..

انهارده بكتبلك عشان تهّون على نفسك شوية..

و لا تنغمس فى الأحداث لدرجة انك تتحول لشخص سلبى مُكتئب غير منتج.. انت كده هتضر نفسك وأهلك وبلدك ولن تنصر القضية..
ديننا دين عمل وإنتاجية وإيجابية..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا قامت الساعةُ وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها» صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم.

اللى بيحصل من أحداث فرصة لاستشعار النعم، فرصة لشكر الله على نعمه اللى مغرقانا و اعتبرناها حق مكتسب..

احمد ربنا على نعمة الوطن و الأمن و الأمان..

احمد ربنا ان ليك بيت و عيلة وسقف بتحتمى بيه..

احمد ربنا على أكلك و شربك وانك مش بتنام وبطنك بتقرصك من الجوع انت و ولادك..

ان ولادك بخير ومتطمن عليهم و بيعيشوا حياة طبيعية..

ان عندك شغل ومصدر رزق حتى لو مش مرتاح فيه وبيضغطك..

يقول  : «من أصبح منكم آمناً فى سربه، معافى فى جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا» صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم

كلامى ده تذكرة لناس بتشتكى من روتين حياتها اليومي، بتشتكى من الملل و بتنغص حياتها تفاهات عميتهم عن تقدير النعم اللى بين ايديهم ..

فى ناس كتير مش قادرة ترجع لحياتها تانى و متابعتها للأحداث أثرت عليها بالسلب فى كل تفاصيل حياتهم، ونسيوا ان أهم دور ليهم.
حفاظهم على صحتهم النفسية لإنها خط الدفاع الأول..

و لو أهملت فيها هتدخل فى نوبات اكتئاب و هتمرض بالفعل..

لو انت شخص حساس وسهل الاستثارة بالمؤثرات الخارجية والأحداث، ما تحملش نفسك فوق طاقتها.. امتنع عن متابعة الفيديوهات المؤلمة خصوصاً لو كنت شخص بيخزّن كل التفاصيل فى دماغه وبيعاود استرجاعها بشكل مستمر..

تعرضك المستمر لأحداث حزينة و موترة ممكن يسببلك صدمة نفسية و لذلك لو حسيت انك بتتأثر بشكل مبالغ فيه وده انعكس على حياتك ونشاطك اليومى ونومك يبقى لازم تقنن تعرضك للأحداث المؤلمة الصادمة..

ممكن تدعى و تتعاطف و تكون ايجابى من غير ما تشوف تفاصيل تؤذيك..

لازم تفهم حاجة اسمها « دائرة التحكم».

ان فى حاجات نقدر نتحكم فيها و نقدر نساعد بيها اخواتنا مثل «نشر الحقيقة / الدعاء/ التبرعات/ اننا نتكلم مع ولادنا عن تاريخ فلسطين و نعرّفهم مين عدوهم» و فى عناصر خارج نطاق دائرة تحكمنا ملناش سيطرة عليها مثل «الأحداث اللى بتحصل/ عدد الشهداء و المصابين / ما آلت إليه الأوضاع / القرارات السياسية / انتهاكات العدو / ردود أفعال الغرب و دول العالم» كل العناصر دى لو فكرت فيها وحاولت تضغط على نفسك لتغييرها أو حسيت بالذنب تجاهها فا انت كده بتظلم نفسك ..

وعيك بالدائرة دى هيخفف من عليك ضغوطات انت ملكش ذنب فيها ومش فى ايدك تغيرها..

اسمع نفسك.. اسمع جسمك بيحاول يقولك ايه

لو لقيت قولونك بيتعبك، ضغطك ارتفع أو انخفض على غير العادة، حسيت بنهجان مفاجئ وتسارع فى ضربات القلب بشكل غير معتاد لازم تنتبه ان جسم بيحذرك عشان تاخد بالك انك اتوترت و قلقت بزيادة و جسمك بدأ ياخد رد فعل.. حاول ساعتها تفصل شوية، تستعين بتمارين التنفس، تقرأ قرآن، تخرج، تتمشي، تكلم حد بتحبه، ترسم..و صدقنى دى مش أنانية خالص، انت بنى آدم و من حقك ترتاح

افهم كويس ان كل شخص له قدرة تحمل مختلفة عن التاني، و ده لا يُعيبك فى شيء.. فى ناس بتقدر تتابع الأحداث بأدق تفاصيلها و بتعرف تفصل ده عن حياتها و بتاكل كويس و بتنام نوم عميق و مش بتتأثر فى شغلها، لكن فى ناس كام ثانية فى ڤيديو قادرين يسببولهم انهيار و نوبات بكاء وحزن مش بيعرفوا يتجاوزوها بسهولة..

وربنا سبحانه و تعالى قال «لا يكلف الله نفساً الا وسعها»

فا متسمحش لحد يضغطك ويجبرك تعمل حاجة هتضرك ويقنعك انك لو معملتش كده تبقى مُقصر وسلبى وبعت القضية..

حط فى بالك علطول ان نصر ربنا قريب و ده وعد ربنا سبحانه و تعالى لينا و ان الشهداء مش بيتألموا زى ما احنا متصورين.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ، إِلا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ

صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم

و ان الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ومتقلقش على أهل الشهداء، ربنا قادر يربط على قلبهم لإنه لولا علمه وهو العليم الخبير بإنهم يطيقوا هذا الابتلاء وجديرين بيه مكانش اختارهم.. بالعكس كلنا تابعنا فيديوهات لأهالى شهداء بيزغرطوا و بيزفوا ولادكم كإنها ليلة عرسهم.. الناس دى عندها ثبات وإيمان وعقيدة تخلينا متطمنين عليهم..

فى ڤيديو لشاب بيقول فيه «راحت زوجتى والسبع أولاد.. عوضى على الله» قالها بمنتهى الثبات والتحمل والرضا.. الناس دى فى معيّة ربنا بيدافعوا عن أرضهم وعرضهم وولادهم.. فا نصر الله قادم لا محالة.. تيقن من ده وهتلاقى نفسك هديت.. تيقن ان ربنا سبحانه و تعالى رحمن رحيم وهتهدي.. الناس دى عايشة بيقين «و ما ربك بظلام للعبيد»

لو هتتابع أخبار تابعها من مصادر موثوقة لإن فى مواقع مضللة وهدفها الرئيسى بث الروح الانهزامية وتزييف الحقائق .. هدفها تحسسك بالعجز و اليأس و الاحباط و ان اخواتك مش أصحاب حق كأن الأرض مش أرضهم..تحقق من الأخبار قبل ما تنشرها لإن دلوقتى فى ناس كتير بتنشر وخلاص.. هدفها زيادة التفاعل و بس، و لا يفرق معاها قضية و لا مصداقية!

اتبرع للجهات الرسمية المُعلنة.. تطوع فى الهلال الأحمر لو تقدر..

ركز فى شغلك و بيتك، لإن ده دورك الأساسى اللى لو قصرت فيه هتكون فعلاً سلبى.. بلاش المشاعر السلبية تسيطر عليك وتحول العجز من فكرة جوه دماغك لسلوك على أرض الواقع..

دورك مع ولادك دور جوهرى فى تكوين هويتهم وشخصيتهم.. لو ولادك زعلانين عشان اخواتهم بيستشهدوا افتحوا القرآن الكريم سوا و اشرحلهم بالآيات فضل الشهادة ومنزلة الشهداء واتناقشوا فى آيات النصر و ان وعد الله حق و احكيلهم عن غزوات الرسول والدروس المستفادة منها.. اشرحلهم سورة الأحزاب لإنها بتشرح اللى بنعيشه دلوقتى بالتفصيل..

افتحوا سورة البقرة وفهمهم ان اليهود من زمان بينقضوا العهود وبيقتلوا الرسل وبيخربوا المساجد .. كل ده مذكور بالتفاصيل فى سورة البقرة..

اتكلم مع ولادك عن تاريخ بلدنا وتاريخ فلسطين.. اتفرجوا على فيديوهات تثقل معلوماتهم فى الجغرافيا والتاريخ..

افتحوا نقاشا عن اللى بيحصل فى فلسطين وجاوب على أسئلتهم و لو معرفتش تجاوب ابحث واسأل وثقف نفسك وارجع رد عليهم.. دلوقتى المعلومات كلها متاحة بمختلف الطرق بس الشخص الإيجابى هو اللى بيبحث و يفهم و يطور من معلوماته..

دورك مهم تجاه القضية وفى نفس الوقت دورك مهم تجاه أهلك و ولادك و بلدك..

خليك ايجابى و افتكر ان نصر الله قريب و آت لا محالة لإن ده وعد ربنا لينا «ألا إن نصر الله قريب»

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة