الضحية
الضحية


صديق العمر يمزق جسد محمود بسبب كارت كهربا

أخبار الحوادث

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2023 - 01:41 م

بور‬سعيد:‭ ‬أيمن‭ ‬عبد‭ ‬الهادي

لم يمكن لأحد يتخيل أن المشهد سوف يتبدل تمامًا بهذه الطريقة..

قبل دقائق قليلة، كان يجلس الصديقان فى غرفة المنزل، بينما لأم العجوز تعد لهما وجبة الإفطار، وخلال تناولهما الطعام دخلا فى وصلة من الضحك والهزار، لدرجة أن صوتهما وصل إلى الجيران والمارة فى الشارع..

بعد دقائق، كان صديق محمود قد سبقه فى النزول، بينما والدة محمود تكشف له نجلها- أن الكهرباء قد انقطعت عن المنزل بسبب انتهاء «الكارت الذكى»، وأنها تحتاج إلى 50 جنيهًا لإعادة شحنه، يسكت محمود قليلا وهو يشعر بالتقصير، ثم يبلغ أمه أن دقائق قليلة وسوف يشحن «الكارت الذكى، مشيرًا لها أن صديقه مديون له بمائة جنيه، وأنه سوف يحصل عليها فور نزوله اليه ويسدد الـ 50 جنيه، ثم يودع امه وينصرف..

دقائق أخرى تمر، تسمع والدة محمود صرخات شديدة من الشارع، تنظر من الشباك لتفاجأ أن ابنها قد تحول إلى نافورة تنفجر بالدماء، ورغم محاولة إنقاذه فى المستشفى إلا أنه لفظ انفاسه الأخيرة اثناء نقل كيس الدم الحادى عشر..

تفاصيل مفجعة فى حادث بائع الأسماك فى بورسعيد، نكشفها عبر السطور القادمة..

خيم الحزن على منزل الشاب بائع الأسماك الذي سفك دمه أسفل منزله بمنطقة الحراسات نطاق حي الضواحي بـ محافظة بورسعيد، ولم تستطع أمه المُسنة أن تصدق ما حدث وظلت تنادي عليه في شوارع الحي: انت فين يا محمود يا قلب أمك.

كارت الكهرباء

ونعود إلى نقطة البداية، أو تحديدًا فى صباح ذلك اليوم، عندما استيقظت أم محمود من نومها مبكرًا، لتفاجأ، أن كارت الكهرباء قد نفذ رصيده، وتوقفت مروحة الهواء عن العمل، فشعرت بحرارة الجو الشديدة، فتحت أبواب المنزل وجلست بالقرب منه لتجد شيئًا من الهواء، ومع آذان الظهر استيقظ محمود نجلها من نومه فجلس بجوارها، فتحدثت اليه: أعملك الفطار يا حبيبي، وأجابها: ياريت يا أمي، ولم يكتمل الحديث حتي وجدت على أبواب الشقة شخصا، يسأل عن ابنها، وهى لا تعرفه وعندما سألت نجلها محمود اخبرها بأن تتركه يدخل إلى غرفته وعرفها عليه بأنه واحدًا من أقرب أصدقائه ولكنه لا يسكن فى نفس المنطقة التى يعيشان فيها..

كانت أم محمود لديها البيض والعيش، وقررت الذهاب إلى احد المتاجر لتشترى منه  بـ 15 جنيها جبن رومي، وأعدت بيديها الإفطار لنجلها وصديقه، وما أن انتهيا من الإفطار حتى أعدت لهما المشروب الساخن الشاي، وكانا الجاني والمجني عليه يتبادلان الحديث والضحك، ولم يكن هناك أي خلاف بينهما، وظل الجاني جالسًا لما يقرب من ساعة ثم ذهب للشارع، وارتدى نجلها ملابسه استعدادًا للخروج.

أغلق محمود باب الوحدة السكنية بعد أن خرج زميله فطلبت منه الأم أن يترك الباب مفتوحًا، وقالت له: «سيبه يا ابني يدخل شوية هواء أنا مش قادره أخد نفسي»، وكشفت له أن رصيد عداد الكهرباء قد نفذ، وأن المروحة لن تعمل وكذلك الأنوار، وطلبت منه أن يوفر جزءًا من إيراد اليوم لشحن الكارت، قائلة: «لما ربنا يرزقك سيب 50 جنيه على جمب للكهرباء».

وتقول أم محمود إنها شعرت في هذا الوقت أن نجلها قد شعر بالتقصير تجاهها، وظهرت على وجهه علامات الحزن، وأكد لها أن «حمو» الذي كان يتناول معه الإفطار كان قد اشترى منه كيلو من الأسماك بقيمة 100 جنيه ولم يدفعها، وقال لها: «أنا طلبت منه الفلوس كام مرة وهو مطنش وانا دلوقتي هطلبها منه علشان اشحنلك الكارت، ومش هسيبك قاعده في الحر كده».

تحدى

وتروي الأم أن محمود في هذا الوقت كان يرتدي ملابسه وهو يتحدث اليها فسمع صوت زميله الجاني تحت شرفة المنزل خاصة وأن الوحدة السكنية بالدور الأرضي، فخرج من الشرفة وقال له: «ما تجيب الـ 100 جنيه اللي عندك ليا يا حمو علشان أشحن لأمي الكهرباء بدل ما هيا قاعدة في الحر كده»، وتشير الام أن صديقه حمو رفض وتعالى صوته قائلًا: «معدتش تطلب مني تاني الفلوس انا يا محمود مش هدفعها».

خرج محمود من المنزل للحديث مع زميله عن أسباب رفضه دفع المبلغ الذي حصل مقابله على الأسماك، وكذلك التأكيد على أنه لن يُعطي له شيئا آخر، وكذلك لن يترك حقه في قيمة الأسماك، خاصة وأنه لم يعمل في هذا اليوم وليس لديه من الأموال ما يمكن أن ينفق منها خلال اليوم، وقد تزامن ذلك مع نفاذ رصيد كارت الكهرباء.

أصعب مشهد

لم تمر دقائق حتى سمعت الأم صرخات الأهالي ليروي لها شاهد عيان ما حدث، وهو أن نجلها عندما خرج حاول زميله الجاني ممارسة البلطجة عليه والتأكيد على أنه لن يعطيه حقه، وفي كل مرة سوف يحصل على الأسماك دون مقابل، وعندما قال له المجني عليه إن ذلك لن يحدث، وأنه لن يقبل بذلك ولن يترك له الـ 100 جنيه قيمة الأسماك القديمة، فقرر إنهاء حياته.

ويستكمل شاهد العيان الواقعة أن الجاني استخرج سلاحًا أبيض–خنجر- وبدأ في تقطيع جسد زميله، وطعنه بالكتف الأيسر والفخذ الأيسر، ثم طعنه ناحية القلب، وعندما وجد روحه لم تزهق، وضع الخنجر في رقبته، وعندما خرجت الأم من الشرفة وجدت خرطوما من الدماء يخرج من رقبة ابنها محمود، وسمعت صوت سيدة من الجيران تُلقي شال للأهالي لمحاولة وقف النزيف الشديد الخارج من الرقبة.

لم تنتظر الأم سيارة لتوصيلها للمستشفى، وهرعت خلف الدراجة النارية التي نقل بها الأهالي نجلها للمستشفى في محاولة لإنقاذ حياته، ووصلت الأم بعد دقائق من وصول نجلها، ووجدت حوله الأطباء والتمريض والجميع يحاول إنقاذ حياته من الموت، وهي الأخرى ترفع صوتها: «يارب أنا مليش غيره في الدنيا نجيه يارب لو مات هعيش من غيره ازاي».

الصدمة الأخيرة

طلب الأطباء من الأسرة أن يطلبوا متبرعين بالدماء لحاجة نجلهم إلى 10 أكياس لتعويض النزيف، وبدأت المستشفى في عملية نقل الدم كيس تلو الآخر، وخضع لعمليات جراحية، وبعد كل ذلك كانت الحالة سيئة والجسم لا يقبل الدماء، ومع تجهير الأطباء لتعليق الكيسين الحادي عشر والثاني عشر فارق الشاب الحياة متأثرًا بإصابته الخطيرة.

استقبلت أم محمود الخبر بصرخات أمام أبواب المشرحة جعلتها تسقط أرضًا، ويتم تعليق محلول لها في محاولة لضبط ضغط الدم، وتقول: «في هذا الوقت كان يدور فى ذهني كيف تكتمل هذه الحياة بدون محمود وهو كان كل الحياة وكنت اتمنى أن أكون انا المتوفية أو أن نذهب سويًا».

وكشفت أم محمود أن زوجها توفي عنها منذ سنوات، ولديها ابنتين متزوجتين وتعيشان مع أزواجهما، ولها أخ أكبر لمحمود، ولكنها تعيش في هذه الوحدة السكنية البسيطة هو ومحمود فقط، ويعمل نجلها في بيع الأسماك أو أي مهنة أخرى خلال اليوم، من أجل أن يوفر دخلا مناسبا لهما، ويتحمل المجني عليه تكاليف علاج وأكل وشرب ومعيشة أمه، كما إنه يرعاها وينظف لها المنزل ويساعدها في كل شيء.

وتقول أم محمود إنها ليس لديها أي دخل إلا 500 جنيه تحصل عليها من تكافل وكرامة، وكانت تعتمد في حياتها فقط على نجلها المقتول محمود، وهو الذي يرعاها وينفق عليها ويوفر لها العلاج، وعلقت: «والله أنا بمشي في الشوارع أنادي انت فين يا محمود لأن الحياة لا يمكن أن تستمر بدونه».

ويؤكد جيران المجني عليه أنه كان حسن الخلق، يساعد الكبير ويحترم الجميع، وكان يتعامل معه السيدات والرجال بالمنطقة في شراء الأسماك، ولم يصدر منه يومًا أي خطأ في حق أحد، وأشاروا أن علاقته بأمه كانت واضحة للجميع، وكان الجيران يرون أنه يبذل كل الجهد من أجل توفير حياة كريمة لها.

وداع

وكانت الأجهزة الأمنية بـ محافظة بورسعيد قد تلقت بلاغًا من نقطة شرطة مستشفى الزهور بوصول محمود نصر محمود ويبلغ من العمر 35 عامًا، مصاب بجرح في الرقبة والكتف الأيسر والفخذ الأيسر وناحية القلب، وذلك بادعاء مشاجرة بمنطقة الحراسات نطاق حي الضواحي، وتسبب ذلك في وفاته.

وأمر اللواء مازن صبري مدير أمن بورسعيد بتشكيل فريق بحث جنائي، وجرى تحرير المحضر الخاص بالواقعة، وقام فريق من جهات التحقيق بمناظرة الجثة بالمشرحة، ومعاينة مسرح الجريمة، والاستماع إلى شهود العيان، وجرى عرض الجثة على الطب الشرعي، وذلك قبل التصريح بالدفن.

وشيع العشرات من أبناء محافظة بورسعيد جثة محمود نصر إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة ببورسعيد، وذلك وسط حالة من الحزن والألم الشديد، وتنتظر الأم وحيدة داخل منزلها القصاص لحق نجلها، والتي تمكنت قوات الشرطة من ضبطه بعد الحادث، وأمرت جهات التحقيق بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات تميهدًا لمحاكمته...

اقرأ أيضا : مهتز نفسي وراء مقتل طفل وإلقاء جثته داخل منزل مهجور


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة