هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

يا قاتل يا مقتول

هالة العيسوي

الأربعاء، 25 أكتوبر 2023 - 07:25 م

تمارس إسرائيل  فى حربها على غزة سياسة التلاعب بأعصاب حركة حماس. لا تكتفى بالدمار الشامل والتهجير والإبادة الجماعية التى تمارسها ضد شعب غزة، توحى بأنه ما يزال فى جعبتها الكثير حتى تقضى على حكم حماس فى القطاع. تهيئ العالم بأن الحرب ستطول، وتصعد نبرة التهديد بالاقتحام البرى للقطاع، بوتيرة أقنعت العالم بأن هذا الاقتحام حتمى لاستعادة كرامتها المهدرة، وأنه بات وشيكًا. العالم يحبس أنفاسه فى ترقب لتنفيذ التهديد الذى طال أمده، ولا يدرى أحد بالضبط متى هو.

معروف ظاهريًا أن تأجيل التوغل البرى يرجع إلى الضغوط التى تمارسها الدول الغربية على إسرائيل، لضمان سلامة حياة أسراهم لدى حماس، وتوفير الوقت لإتمام مفاوضات تضمن الإفراج عنهم جميعًا. إلا أن إسرائيل تتعنت وترفض اتفاقًا لإطلاق سراح 50 من أصل 222 أسيرًا من غزة مقابل السماح بإدخال الوقود إلى القطاع.

حقيقة الأمر أن لهذا التأجيل أسبابًا أخرى تعرفها إسرائيل وحدها ولكن لا تقر بها. دولة الاحتلال تعرف جيدًا أنها  لم تستعد لمثل هذا القتال بعد. وأنها ستدخل بهذا التوغل البرى معتركًا لا قبل لها به، ينذرها بخسائر كارثية، وتتوقع فخاخًا عسكرية فى ظل تصريحات  قيادات حماس، بأنهم ينتظرون العدو فى الداخل.

وهى تعرف جيدًا أن أى اقتحام برى قبل حل مشكلة الأسرى يعنى التضحية بهم، خاصة مع وجود عدد من النساء والأطفال بين الرهائن، فضلًا عن صعوبة  تحديد موقعهم داخل منطقة كبيرة جدا، مع وجود أنفاق فى كل مكان. كما أن هناك معلومات تشير إلى توزيع الأسرى فى أماكن عدة فى قطاع غزة وتخشى من استخدامهم كدروع بشرية. 

وفى ظل معلومات استخباراتية متقادمة تحتاج إلى تحديث، تعتبر غزة بالنسبة للاستخبارات الإسرائيلية  منطقة مليئة بالمفاجآت المحتملة. لتلافى هذا القصور أنشأ جهاز الشين-بيت «وحدة القتلة» تضم نخبة من العملاء السريين المتنكرين فى زى مدنيين العاملين فى غزة، مع قائمة اغتيالات لمقاتلى حماس، مهمتهم قتال «العدو» باستخدام التوجيه بالليزر. بمجرد التعرف على سيارة أحد عناصر حماس أو مكان اختبائه، يتم تحديدها لتوجيه ضربة دقيقة بواسطة صواريخ أو قنابل موجهة تطلقها الطائرات الحربية.

ناهيك عن التوترات الداخلية، التى تغل يد الحكومة وتكبح تهورها، سواء بسبب أهالى الجنود الذين يتهمون الحكومة بإرسال أبنائهم للموت، وحتى بين أهالى الأسرى الذين يتهمون الحكومة بالتخلى عنهم والتضحية بأبنائهم والاتجار بحياة المواطنين وتحويلهم إلى ضحايا على مذبح كرامتها القومية. بل وحتى فى صفوف جنود الاحتياط الذين فقدوا الحماس للقتال والدخول فى حرب ولا سيما فى قطاع غزة. هؤلاء هم العمود الفقرى لأى حملة عسكرية تشنها إسرائيل، لكنهم يحتاجون إلى وقت طويل لإعدادهم نفسيًا لهذه الحرب، وتثبيت عقيدتهم القتالية، وبالأحرى «إعادتهم للفورمة». فكيف يمكن للجندى منهم أن يقبل ما تقوله له قيادته بأنه سيدخل هذه الحرب إما قاتلًا أو مقتولًا. إنه انتحار مفروض عليهم من الصعب قبوله، رغم شهية الحكام المفتوحة للقتل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة