كرات النار تضرب غزة وشكوك فى جدوى الحرب
كرات النار تضرب غزة وشكوك فى جدوى الحرب


«قص العشب».. بديلًا عن سحق حماس ســيناريوهات كارثية لمــا بعد الحـرب

هالة العيسوي

السبت، 28 أكتوبر 2023 - 07:18 م

شكك عديد من المراقبين فى جدوى الغزو البرى الذى يعتزمه الاحتلال لقطاع غزة، وحذروا من العواقب الكارثية المؤكدة على كلا الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ومن الثمن الباهظ الذى ستدفعه إسرائيل، ولا سيما فى ظل عدم اليقين فى أن يحقق هذا الغزو هدف الدولة العبرية الذى تعلنه من القضاء على حماس.


مبدئيًا يواجه الهجوم البرى على غزة صعوبات واضحة، فالقتال من شارع إلى شارع فى بيئة ضيقة ومتحضرة للغاية سيكون صعبًا للغاية بالنسبة للقوات الإسرائيلية. خاصة أن حماس تتمتع بميزة وجود شبكة أنفاق واسعة النطاق يقدر طولها بما يصل إلى 500 كيلومتر، مما يمكن مقاتليها من شن هجمات ثم الاختفاء. لذلك يتطلب استئصال حماس من غزة وفقًا لتقديرات سيمون تيسدال، حربًا برية دامية طاحنة من إسرائيل ستستمر لأسابيع إن لم يكن لأشهر. ولا أحد يستطيع أن يخمن ما إذا كانت مثل هذه العملية قد تحقق هذا الهدف: فحماس متحصنة بعمق فى غزة، ولديها مئات الأميال من الأنفاق التى يمكن أن تلعب فيها لعبة الغميضة، ومن الممكن أن تتجه جنوبًا وتختفى فى مخيمات اللاجئين.


وبغض النظر عن نجاح الحرب البرية من عدمه، فإن التكاليف ستكون هائلة وطويلة الأمد. سيموت الفلسطينيون بعشرات الآلاف وسيعانون مرة أخرى من صدمة تفوق الخيال. وستكون إسرائيل فى حالة حداد طويلة حيث سيتم دفن المئات، وربما الآلاف، من جنودها. ستوقف الدول العربية، وربما تعكس، عملية التطبيع الحالية. وكلما طال أمد الحملة، زاد احتمال نشوب حرب أوسع، بما فى ذلك مع حزب الله وفى الضفة الغربية. لهذا اقترح عدد من المراقبين عودة إسرائيل لسياسة «قص العشب» أى القضاء على قيادات حماس بما يوفر لها مدى زمنيًا معقولًا من الهدوء والأمن بدلًا من القضاء على حماس كليًا.


وحتى لو نجحت إسرائيل فى القضاء على حماس بينما تقول إنها لن تعيد احتلال غزة. فماذا سينتج عن غزة المدمرة فى ظل الفراغ السياسى والأمنى؟ يتوقع مايكل بارنيت أستاذ الشئون الدولية والعلوم السياسية فى جامعة جورج واشنطن أن تعيد حماس تنظيم صفوفها، أو تنشأ نسخة ثانية من حماس قد تجعل حماس الأولى باهتة بالمقارنة.


وفى ظل هذا الفراغ السياسى والأمنى نشأت عدة سيناريوهات لإدارة غزة، لكل منها عيوبه:
1- إعادة الاحتلال العسكرى لغزة، وهذا من شأنه أن يشكل عبئا عسكريا ضخما ويعرض أفراد الجيش الإسرائيلى للعنف والاختطاف. كما شكك الكاتب الأمريكى توماس فريدمان فى نية إسرائيل إعادة إعمار ما خربته فى القطاع.
2- تصفية القيادة العليا لحماس وإعلان النصر ثم المغادرة. لكن مثل هذا النصر سيكون قصير المدى. وسوف يتقدم أعضاء آخرون من المستوى الأدنى فى حماس لإعادة تشكيل المجموعة. أو ربما تقوم جماعة أخرى، مثل حركة الجهاد الإسلامى فى فلسطين، بملء الفراغ. ولن تكون إسرائيل قادرة على التحكم فى هوية هذا الكيان أو ماهيته.
3- دعوة حركة فتح العلمانية التى تسيطر الآن على السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية إلى السيطرة على غزة.. وليس هناك ما يشير إلى أن عودة السلطة الفلسطينية ستكون مقبولة للفلسطينيين.


4- إدارة غزة من قبل القادة المحليين المحايدين. هذا حلم بعيد المنال. وحتى لو أمكن العثور على مثل هذه الشخصيات، فمن شبه المؤكد أن سكان غزة سيعتبرونهم متعاونين مع الإسرائيليين، نظرًا لأن دورهم سيكون إبقاء المتشددين فى القطاع تحت السيطرة.


5- إدارة غزة من قبل قوة عربية غير فلسطينية. وهذا غير ممكن. فلن يرغب قادة العرب المحتملون مثل مصر والأردن والمملكة العربية السعودية، فى أن يُنظر إليهم على أنهم يحرسون الفلسطينيين نيابة عن إسرائيل.
6- إدارة غزة من قبل قوة غير عربية أو قوة تابعة للأمم المتحدة.. ونظرًا للمخاطر الهائلة، فمن الصعب جدًا أن نرى أى دولة غير عربية تتبنى هذه الفكرة. سيتطلب إنشاء قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى وقت نادرًا ما تتفق روسيا والصين مع الدول الغربية الثلاث الدائمة العضوية.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة