قبائل الإيمراكن في موريتانيا
قبائل الإيمراكن في موريتانيا


حكايات| «حب المحيط وصحبة الدلافين».. قصة قبائل «الإيمراكن»

حنان الصاوي

الخميس، 02 نوفمبر 2023 - 10:22 ص

منذ آلاف السنين وبدأ العديد من البشر في الاستيطان في المنطقة الشمالية الشرقية من أمريكا الشمالية، بعد أن سافر أسلافهم شرقًا من ألاسكا ، حول البحيرات العظمى ، وانتهى بهم الأمر في النهاية على طول ساحل المحيط الأطلسي.

واستقرت قبائل "الإيمراكن" - بحسب صحيفة إندبندنت- في موريتانيا و بنوا منازلهم بالقرب من البحيرات والأنهار والجداول، وأبحروا في الممرات المائية في زوارق مصنوعة من جذوع الأشجار المجوفة أو لحاء أشجار البتولا.

اقرأ أيضا| حكايات|  3 جرائم قتل غامضة لم يتم حلها في كل العصور

عندما بدأ الأوروبيون في الوصول في القرن السابع عشر، كانوا في كثير من الأحيان يتقاتلون مع أفراد القبائل على الأرض. في بعض الأحيان، عقدت القبائل معاهدات مع هؤلاء المهاجرين لوقف القتال، وقد نقلت هذه الاتفاقيات الأمريكيين الأصليين إلى أراضي تسمى المحميات، لكن تلك المناطق كانت في كثير من الأحيان بعيدة عن منازلهم الأصلية.

واليوم يختار العديد من أفراد القبائل العيش في المحميات، حيث يكون لديهم حكوماتهم الخاصة ويدعمون أنفسهم بأعمال تجارية مثل الغابات وزراعة التوت وتعمل العديد من القبائل على حماية الموارد الطبيعية للأرض التي يعيشون عليها. 

 وحسبما ذكرت صحيفة الأندبندت انه يقاوم أهل قبيلة  "الإيمراكن"  للبقاء في أماكنهم رغم تغير الظروف البيئية والثقافية ولا يمكن أن يتصوروا أنفسهم خارج مياه المحيط وبعيداً من صحبة الدلافين التي تساعدهم في توجيه الأسماك نحو الشاطئ حيث شباكهم مفتوحة في انتظار الصيد الوفير.

قبائل الإيمراكن

تتمركز بقعة نائية من الأراضي الموريتانية وعلى شاطئ المحيط الأطلسي بين العاصمة نواكشوط ومدينة نواذيبو الساحلية، تتناثر قرى قبائل الإيمراكن، بثقافتهم المتوغلة في التاريخ، المرتبطة بالبحر أساساً، حيث تفننوا في الصيد التقليدي حتى أصبح جوهر حياتهم ومرتكز اقتصادهم الذي ما زال يقاوم تحديات التقنيات الجديدة.

واليوم تقاوم عشرات القرى للبقاء في أماكنها على رغم تغير الظروف البيئية والثقافية لأبنائها، إذ أصبحت عيون الأحفاد مصوبة نحو المدينة، إلا أن مئات الرجال والنساء من الإيمراكن لا يفكرون في ترك جزرهم وحياتهم التي اعتادوا عليها، إذ لا يمكن أن يتصوروا أنفسهم خارج زرقة مياه المحيط وأصوات عصيهم التي يضربون بها الماء للفت انتباه الدلافين التي تساعدهم في توجيه الأسماك نحو الشاطئ حيث شباكهم مفتوحة في انتظار الصيد الوفير.

تضارب في روايات الأصول

تختلف القصص الشائعة عند قبائل الإيمراكن حول أصولهم، وأول ظهور لذكرهم جاء في كتابات البرتغاليين الذين كانوا أسياد الأطلسي وأخضعوا المجموعات التي كانت تستقر على شواطئ المحيط الأطلسي لسيطرتهم.

وأصول هذه القبائل تعود إلى  مجموعة من الصيادين العرب، لا تعرف لهم غير اللهجة الحسانية المشتقة في أغلبها من العربية.

وما زال المئات من هذه القبائل يمارس حياته التي اعتادها منذ قرون في جزيرة لمسيد (70 كيلو متراً) من نواكشوط وهي قرية متوسطة أغلب سكانها من الصيادين التقليديين، كما تحتفظ قرية تويليت بجودة الأسماك المجففة، وهي محطة ثابتة لعشاق هذا الصنف من المأكولات البحرية في موريتانيا.

وتعد قرية نوامقار (نحو 200 كيلو متر) شمال نواكشوط عاصمة قبائل الإيمراكن، حيث يعيش أكبر تجمع ويعتمد السكان فيها بشكل كلي على منتجات الأسماك وما يجود به المحيط من خيرات، ومنها تبدأ الشواطئ التي تحظر فيها السلطات الموريتانية الصيد الصناعي لقربها من محمية حوض آركين، التي تعد ملاذاً لأنواع نادرة من الطيور المهاجرة في رحلة هروب جماعي من صقيع شتاء أوروبا، حيث تنعم بالدفء في مناخ معتدل.

قرون من الصيد

منح المحيط لقبائل الإيمراكن خصائص ثقافية شديدة الخصوصية ومتفردة بشكل واضح عن بقية المشترك الثقافي الذي يجمع الموريتانيين، حيث أغلب سكان هذه الأرض لم يشيدوا قرى أو مدناً في التاريخ الوسيط والحديث قبل إنشاء العاصمة في نهاية خمسينيات القرن الماضي على ضفاف الأطلسي.

واجه الإيمراكن البحر ونسجوا علاقة ود على عكس بقية قبائل الموريتانيين الذين ولوا ظهورهم للأطلسي، حيث ظل اعتمادهم في القديم على التنمية الحيوانية وهو ما يجعل مجاورة البحر ضرباً من الجنون وقبائل الإيمراكن قاومت تحديات التهميش لكن مستقبلها مهدد بعدة تغيرات.

ويزخر تاريخ الإيمراكن بطقوس غريبة في الصيد، طريقة صيد تقليدية نادرة يتحالفون فيها مع الدلافين التي تقوم بدور مطاردة السمك من مناطق بعيدة من الشاطئ وتقوم بتضييق الخناق عليه حتى يصل رجال الإيمراكن الذين ينتظرونه عند الشاطئ.

الطيور والدلافين باتت صديقة لقبائل الإيمراكن 
وتقوم السلطات الموريتانية بتمويل مشاريع تنموية لتثبيت السكان الأصليين لهذه القرى في مناطقهم التي عهدوها، كان آخر تلك المشاريع فتح مصنع صغير لتركيب القوارب الشراعية وتعليم أبناء الإيمراكن المهن المرتبطة بنشاطهم الأصلي.

وعصفت التغيرات السياسية والاجتماعية في العقود الثلاثة الأخيرة بالتركيبة الديموجرافية لهذه القرى، حيث أصبحت تستقطب صيادين من خارج الإطار الاجتماعي ما أدى إلى انحسار ثقافة الإيمراكن التي قاومت لقرون كثيرة في هذا المجال الصحراوي القاسي.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة