سعيد الخولى
سعيد الخولى


كلمة والسلام

الهدنة.. مشاهد ودلالات

سعيد الخولي

الإثنين، 27 نوفمبر 2023 - 09:34 م

دلالات رمزية سياسية وبشارات وسط المأساة وحكايات إنسانية وحقائق واقعية تنطق بها تفاصيل المشهد المهيب مع تنفيذ اتفاق الهدنة الأولى الرسمية المعلنة بين دولة محتلة غاصبة وواحد من فصائل المقاومة بأرض فلسطين المباركة.


أما الدلالات الرمزية فهى علامات تؤكد انتصارا لصمود شعب فلسطين ضد جحافل عدو محتل متغطرس لاخلاق له ولا عهود، وهو جيش الموعودين بالشتات فى بقاع الأرض والتيه فى شتى أركانها، وماكان لقيام كيانهم من أمر إلا استمرارا فى عصيان الله كما عصوا رسله وأنبياءه إليهم وساموهم سوء المراوغة ووبال التمرد فاستحقوا عقاب الله. وما كان اجتماع شتاتهم إلا نذيرا بنهاية لكيانهم .


وأما الحكايات الإنسانية فترويها للإنسانية دموع فرح سالت أنهارا من عيون المعتوقين من أسرٍ ظالم تلقاهم فتية وفتيات يكوى قلوب أهليهم ويسومهم سوء العذاب، وتركهم ـ مكرها ـ رجالا ونساء لم يذوقوا متعة للحياة وقد اعتقلوا خضرا وذاقوا مُرّّا ولم يروا لشمس الحرية سبيلا طوال سنوات ممتدة عديدة، وتابعهم العالم يذرفون دموع النصر ويروون حكايات تغير فكر شعوب الغرب الذين بدأوا ينفكون من أسر قادتهم الموالين للاحتلال وكذبه وكذبهم على شعوبهم، حكايات عن لا إنسانية محتل يعتقل الأطفال ليكبل أهاليهم، ويذيقهم مرار الأسر والتعذيب ولا يأبه لمن يموت منهم فى سجونه كما روى بعض المعتقلين.
وعلى الجانب الآخر كانت الصور التى قلبت نظرة العالم وأثارت جنون الشارع حتى فى إسرائيل وهم يرون أسراهم ورهائنهم يلوحون بالتحية والتقدير لمن جاءوا لتسليمهم للصليب الأحمر،وكان المشهد الأول عالميا من نوعه أن يبتسم المأسور لآسره وأن يحيى الرهينة من كان يعتقله على حسن معاملته ومحافظته عليه ،ضاربا المثل الأبرز على عقيدة دينية ووطنية نقية لمن يخوضون معركة شريفة دفاعا عن الأرض والعرض ولاينتهكون أسراهم أو يعذبونهم. وهو وجه عربى مضىء صدم من كانوا مغررا بهم لكنهم باتوا يدركون أن للحقيقة وجها مغايرا لما تحاول وسائل الإعلام الأمريكية والغربية أن تضللهم به، ومن عجب أن ذات وسائل الإعلام هم من اخترعوها وهم من حاولوا قلب الحقائق من خلالها وتسييسها لهواهم بعدما انكشفت أقنعة الزيف والخضوع للهيمنة الصهيونية المغترة بأحلام السيطرة على العالم. ويكفى تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق، إيهود باراك، لإحدى الصحف الأمريكية، والذى أقر فيه بأن إسرائيل خسرت الرأى العام فى أوروبا مما يدعو للقلق ـ على حد تعبيره .
وأما الرسالة الأهم للجميع فهى أنه ماضاع حق وراءه مطالب، وأن الحق منتصر ولو تجيّش الباطل بكل الأسلحة وضعفت أسلحة الحق الظاهرة للناس، إنما السلاح الأقوى والأمضى هو اليقين بالحق والدفاع عنه بكل السبل والوسائل الممكنة والتفنن فى مباغتة غطرسة القوة بما لايخطر على بالها من وسائل، الرسالة الذكية أن الأرض بغزة مازالت وبعد قرابة خمسين يوما من الحصار والتجويع والدّك المتواصل ـ مازالت ـ تؤكد فشل أى غزو برى، وأن صور نتنياهو داخل غزة بالزى العسكرى تعيد للأذهان صور شارون المزعومة فى السويس خلال حرب أكتوبر 1973 حين أراد أن يقول للعالم إن إسرائيل قد انتصرت واقتحمت السويس فى تمثيلية الثغرة الشهيرة، واكتشف العالم كله بعدها خدعة المهزوم التى يكررها نتنياهو اليوم لتدمرها سيارات سرايا المقاومة الفلسطينية وهى تسلم أسراها من قلب غزة .
وأما الدرس التاريخى المتواصل فهو عن مصر العربية ودورها وأبوابها التى من خلالها خرجت شاحنات الإغاثة تحمل للأشقاء مايوازى 80% من المساعدات الغذائية والطبية والوقائية التى قدمها العالم كله، تنتقل من أهل مصر إلى أهل غزة أشقاء العروبة ورفقاء القضية التى خاضت مصر فيها ثلاث حروب ، وفى مكاتب وردهات قيادتها السياسية وأجهزتها المختلفة الأمنية والدبلوماسية تطرح الحلول وتتهيأ الطروح وتنفك شيئا فشيئا طلاسم المشهد..

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة