د. محمود عطية
د. محمود عطية


يوميات الاخبار

لم يكن بعثًا للحياة

د.محمود عطية

الخميس، 30 نوفمبر 2023 - 09:35 م

«.. ابحث دائمًا عن الأصدقاء الذين يأخذون الحياة ببساطةٍ وبلا تعقيدات ولا تفكير فى الماضي، ولا خوف من المستقبل..»

الإثنين

لا شيء غير الضحك

   وصفة طبية قديمة لا تبلى للحد من الأوجاع النفسية والجسدية، «تعوَّد أن تضحكَ»، فالضحك يرفع من روحنا المعنوية، ويزودنا بطاقةٍ إيجابيةٍ لمواجهة مصاعب الحياة، ويقوى جهاز المناعة، فلا تترك نفسك بلا بسمةٍ على شفاهك تقابل بها مصاعب الحياة التى لا بد منها وواقعة على الجميع، وتحلَّ بروح السخرية من الحياة، ومما يحدث حولنا حتى تستطيعَ تحمل أعبائها وثقلها

وقديمًا اعتاد الإغريق أخذ مرضاهم ومصابهم إلى منازل ممثلى الكوميديا كجزءٍ من إجراءات المُساعدة فى علاجهم.

وكان الجرَّاح «هنرى موندييفيل» فى القرون الوسطى يقول: «إن الجراح لا ينبغى أن يهتم بعلاج الجسد فقط، بل بحياة المريض الكلية، ومقدار ما فيها من بهجةٍ وسعادةٍ»، وكان يُشدد على مرضاه بضرورة الابتعاد عن الغضب والحزن والكراهية، ويذكر «تورمان كوزينز» فى كتابه «تشريح المرض» عن كيفية الشفاء من مرض أقعده عن الحركة واسترداده لصحته، وعودته إلى حياته الطبيعية، كان الضحكُ هو الدواء الرئيسى الذى اعتمد عليه «كوزينز» فى عملية الشفاء.

فقد رأى «كوزينز» أن أسلوبه الصارم الشديد الجدية فى الحياة هو الذى عجل بمرضه، وأنه خلال الضحك يمكن أن يعود إلى حالته الطبيعية، فقد أخذ يتابع  أفلام «أخوات ماركس» الكوميدية وشاهد حلقات الكاميرا الخفية حتى زالت آلامه وكل أعراض المرض التى عانى منها فقد برهن «كوزينز» بذلك على صحة المقولة «إن الضحك هو أفضل علاج»..

لأن الضحك له فوائد عديدة لكل من الجسد والعقل فعندما تضحك يتم إفراز هرمونات «الاندروفين» المسئول عن رفع الروح المعنوية. 

كما أنه يفيد الجهاز التنفسى بتلك الاهتزازات التى تحدث عندما تقهقه حقيقة، فالضحك يسكن الألم وابحث دائمًا عن الأصدقاء الذين يأخذون الحياة ببساطةٍ وبلا تعقيدات ولا تفكير فى الماضي، ولا خوف من المستقبل لأنه فى علم الغيب: «مين عارف إيه حيكون بكره مين عارف».

السبت

نهب الشرق

 الغرب الاستعمارى لا يعدم وسائله الخبيثة لنهب خيرات دول الشرق، ومن أشهر دعاواه التبريرية لاستعماره دول الشرق أنه كان مضطرا لمساندتها حتى تأخذ بأسباب الحضارة ويسقط حكم الديكتاتوريات بها، لكن ما جرى على أرض الواقع يؤكد أنه لم يكن كذلك، وإنما نهب دول الشرق التى أدعى أنه يساعدها على النهوض.

وما أثبته د. ناصر أحمد بجامعة القاهرة فى كتابه «فصول من التاريخ الاجتماعى لمصر الحديثة» عن أستاذ التاريخ المرموق د. رءوف عباس حيث يؤكد أن قدوم الغرب لم يكن بعثًا للحياة فى مجتمعات الشرق ،وإنما كان من معوقات تطورها، وأن الغرب كان مضطرًا  انطلاقًا من مفهوم الرسالة الحضارية المزعوم، لإزالة هذا التخلف والركود الذى ران على الشرق وذلك من خلال أطروحة الغزو، وأن تبرير التدخل الاستعمارى كان أحد الأفكار التى بلورها الاستشراق للقوى الإمبريالية.

ويكشف عن حقيقة الدور الذى لعبه الاستعمار فى إعاقة النمو الاقتصادى فى البلاد التى خضعت لحكمه، وربطها باقتصاده بروابط التبعية كمناطق لتزويده بالمواد الخام فى أسواقه، وهى آليات – فى رأيه- أدت إلى إعاقة تكوين السوق الوطنية ، وشل حركة نمو الإنتاج المحلى بل أنه يؤكد على إن الاحتلال الإنجليزى كان مسئولا عن اجهاض مشوع النهضة أو التنمية الذاتية التى تحققت فى عهد محمد على.

كما يعزى إليه تكريس التخلف الحضاري، فالغرب لم يسمح إلا بتحول محدود للبنية الأساسية للمجتمع المصري، بالقدر الذى يتيح له ربط البلاد بروابط التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية. أما الحملة الفرنسية فإنه يرى أنها كانت بمثابة «صدمة» هزت المجتمع بدرجة عنيفة، أسفرت عن إفاقته من سباته العميق، فنشطت عوامل التغيير الكامنة فى المجتمع والتى استغلها محمد على أحسن استغلال فى تحقيق مشروع دولته الحديثة.

الأربعاء:

 من خانوا الثورة العرابية

الكتابات المنصفة عن ثورة عرابى ترجح أن الخيانة سبب رئيسى فى هزيمة ثورة الجيش المصرى بقيادة الفلاح المصرى البسيط القائد أحمد عرابى أمام جيش الاحتلال الإنجليزي.. وفى معركة القصاصين والتل الكبير بدت الخيانة فى أبشع صورها والحقد على شعبية عرابى وتفانيه فى حب بلاده ورغبته فى الحرية ومساندة جيش بلاده فى مطالبه..

ويعد كتاب «أحمد عرابى الزعيم المفترى عليه» للكاتب محمود خفيف من أهم الكتب التى أوضحت حجم الخيانة التى لحقت بعرابى وجيشه ولولا هذه الخيانة لاستطاع عرابى دحر الجيش الإنجليزى الاستعمارى القادم من أوربا لنهب مصر عام 1882.

فلقد اهتم الإنجليز والخديوى توفيق بسلاح الخيانة ضد عرابى فجاءت الخيانة على عدة صور.. فقبائل البدو فى الصحراء أفسدها المستشرق الإنجليزى إدوارد هنرى بالمر الذى كان أحد عملاء الاستعمار، وبعض ضباط الجيش أصبحوا فى جانب العدو إلى درجة لم يُعرف لها نظير فى تاريخ الحروب، والسلطان العثمانى نفسه استغل الدين بوصفه خليفة ليعلن عصيان «عرابي» دينيا فى الساعات الفاصلة أمام الجيش الإنجليزى المستعمر.

وكمن فى صفوف الجيش خطر الخيانة على عرابى والحقد عليه.. وقد أشار الكاتب الإنجليزى «ألفريد بلنت» فى كتابه «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر» إلى ذلك فى قوله: «ولو أن طبقات الجيش الدنيا قد اتبعت عرابى فى ولاءه وحماسه شديدين، إلا أنه أثار حقداً ليس بالقليل بين رجال طبقته العليا من الضباط، وذلك لأنهم كانوا يعدون أنفسهم كجند أكفأ كثيراً منه».

ويشير «بلنت» فى موضع آخر من كتابه إلى أن الأمير كامل باشا فاضل قال له: «إن عرابى قد خانه كل من كانوا حوله، وقد خانه بعضهم ابتغاء الحصول على الذهب، وبعضهم بدافع الحقد، وقد كان محمود سامى البارودى يحقد على عرابى ولذلك أفسد معركة القصاصين الثانية، فقد كان عليه أن يتقدم من الصالحية ولكنه لم يصل فى الموعد الذى اتفق مع على فهمى عليه».

وجاءت الخيانة أثناء القتال لتقسم وسط عرابى وأحلامه فى التخلص من الانجليز القادمين لمساندة الخديوى ونهب مصر ..فقد تم إرسال خطة عرابى إلى العدو فى معركة القصاصين الثانية على يد على يوسف خنفس، وأشار إلى ذلك «بلنت» حيث ذكر فى كتابه «حدث أثناء هذه المعركة أن كانوا نحو 18 ألفاً من المصريين على مقربة من نحو 2500 من الإنجليز فيهم أحد قادة الجيش ويدعى «كنوت»، ولو أن على يوسف الذى كان يقود القلب تقدم لسحق الإنجليز وأسر «كنوت»، ولكنه تأخر برجاله وترك العدو يحيط بالجناحين».

الجمعة

زفاف أسطورى

القصة بدأت فى رأس أبيها خمارويه، وهى محاولة زواج الأميرة قطر الندى ذات الأربعة عشر ربيعا لابن الخليفة العباسى المعتضد.. وذلك لتوطيد العلاقة بين الدولة الطولونية بمصر التى يحكمها والخلافة العباسية ببغداد، لكن الخليفة أراد العروس قطر الندى لنفسه ...!


لم يمانع أبوها حتى يأمن شر الخلافة العباسية وتتركه يتفرغ إلى أعمال الإنشاء والتعمير فى دولة بنى طولون بمصر التى بدأت على يد أبيه أحمد بن طولون، ودولة بنى طولون فى مصر تعد من أزهر عصور الدولة المصرية رغم أنها لم تعمر أكثر من ثمانية وثلاثين عاما» (254-292هـ)، ويذكر المؤرخون أن الأميرة قطر الندى كانت من أجمل نساء عصرها وأوفرهن سحرا وذكاء وتثقيفا، وتمت خطبتها للخليفة العباسى وهى زهرة فى بكور تفتحها، وقدم لها الخليفة صداقا قدره ألف ألف درهم أى «عشرة آلاف دينار»، وهذا المبلغ لا يذكر بجانب ما أنفقه والدها على تجهيزها من الأموال الطائلة، فقد أراد أبوها خمارويه أن يبذ فى ذلك سائر أفراح وزفاف من تقدم من الملوك، فتقول بطون الكتب عن تجهيزها أنه (لم يبق خطيرة ولا طرفة من كل لون حسن إلا حمله معها)..

فمن ذلك «أريكة أربع قطع من الذهب وعليها قبة من ذهب مشبك، وفى كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة جوهر لا يعرف لها قيمة ومائة هون من الذهب»..

حتى قيل إن تجهيزها أفلس الخزانة المصرية، وخرجت الأميرة فى حفل أسطورى وموكب عظيم يودعها لرحلة الزواج إلى دار الخلافة أواخر»281هـ وضربت الخيام فى الطريق من مصر حتى بغداد ويصف المؤرخ رحلة الأميرة هذه (فكانوا يسيرون بها سير الطفل فى المهد فكانت إذا وافت المنزلة وجدت قصرا قد فرش فيه جميع ما تحتاج إليه وقد علقت فيه الستور واعد فيه كل ما يصلح لمثلها.

وكانت فى مسيرها من مصر إلى بغداد على بعد الشقة كأنها فى قصر أبيها، واستقبلت العروس استقبالا حافلا وتمت إقامة حفل باذخ على مدى أيام فى عاصمة الخلافة وزفت للخليفة.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة