د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

هذا الجيل والشغف!

الأخبار

السبت، 09 ديسمبر 2023 - 07:19 م

ابنك لو بيزن على لعبة.. بدل ما تجيله على الجاهز، محتاج يتدرب انه يشارك بجزء من مصروفه عشان يشتريها فكده يحس بقيمتها ويحافظ عليها ويعرف ان كل حاجة ليها تمن

« أنا فقدت الشغف»..

« أنا زهقت ومش قادر أكمّل فى اللى بدأت»..

جمل انتشرت فى المجتمع من الصغير للكبير، وخصوصاً بين المراهقين والشباب..

مراهق يقصّر فى مذاكرته أو يهمل فى تمارينه ولما تسأله ليه يقولك أصلى فقدت الشغف! 

وغالباً لو سألته معناها ايه مش هيعرف يقولك! 

هكلمكم بصراحة.. شكوى الأهالى من أبناء الجيل ده تقريباً واحدة..

ابنى بيبدأ أى حاجة ومش بيكملها

بنتى بتتحمس للحاجة أوى و بعد فترة قصيرة بتزهق وبتسيبها.

ولادى مش متحملين المسئولية

ولادى مش بيحسوا احنا بنعمل ايه عشانهم

ولادى مش بيقدّروا قيمة أى حاجة

ولادى بيستسلموا مجرد ما تواجههم أى صعوبة

وشكاوى كتير من نفس النوعية

ولادى مش بيعرفوا ياخدوا قرارات حتى فى أبسط الأمور وعندهم قلة حيلة مرعبة

أنا متفهمة كويس احساس الأهالى بس عشان أكون عادلة هل تفتكروا أولادكم طلعوا كده منهم لحالهم؟ ولا فى عوامل كتير هى اللى وصلتهم للسلبية والانهزامية دي..

احقاقاً للحق اللى بنشوفه من ولادنا هو نتاج تربيتنا ليهم بنسبة ٨٠٪ ونتيجة عوامل خارجية بنسبة ٢٠٪..

هتقولولى يعنى هو فى أهل عايزين ولادهم يطلعوا عديمى المسئولية؟ أكيد لأ.. بس ساعات كتير أهالى بتقع فى غلطات فى التربية بدون قصد، فى الواقع بيكون قصدهم العكس تماماً بس خانتهم الطريقة اللى استخدموها.. وزمان مكنش فيه وعى زى دلوقتى بشئون التربية ولا كان فى طرق التعلم الكتير زى اللى موجودة دلوقتي..

فى أهالى بتكرر نفس الأسلوب اللى اتربوا بيه مع ولادهم ظناً منهم ان دى أحسن طريقة حتى لو هما نفسهم عانوا منها ممكن عشان يريحوا دماغهم أو عشان يمشوا وراء المضمون اللى مفيهوش مجهود وتعليم وتغيير لأفكارهم..

ما هو الوعى هيحتاج منك مجهود وصبر عشان تتغير..

تعالوا نعرف ايه غلطات الأهل اللى ممكن تؤدى لجيل فاقد الشغف ومعندوش طاقة لأى حاجة..

أولاً: استسهال الأهالي

تلاقى ابن عمال يزّن على تمرين لرياضة معينة وأهله بعد ما اشتركوله واشتروا مستلزمات اللعبة شهر، وزنقوا نفسهم فى الفلوس، الولد مبقاش طايق يروح التمرين وأهله يمشوا وراه ويخرجوه من لعبة ويدخلوه التانية بدون ما يفهموا الولد انه طالما اختار حاجة لازم يتعلم الالتزام ويبذل مجهود ويحاول مرة واتنين وألف قبل ما يقرر يختار حاجة غيرها.. فالأهل بدل ما يتناقشوا ويفهموا ويربّوا بيستسهلوا ويكبروا دماغهم..

ثانياً: الدلع المفرط

أهالى كتير طلبات ولادهم أوامر تُنفذ فى الحال بلا نقاش لإنهم بيخافوا لو رفضوا طلب يكونوا حرموا ولادهم من حاجة خصوصاً لو عانوا من النقطة دى فى طفولتهم فكل همهم تعويض ولادهم عن كل اللى اتحرموا منه فى طفولتهم..

ابنك لو بيزن على لعبة.. بدل ما تجيله على الجاهز، محتاج يتدرب انه يشارك بجزء من مصروفه عشان يشتريها فكده يحس بقيمتها ويحافظ عليها ويعرف ان كل حاجة ليها تمن.. 

لازم الطفل يتعود من صغره انه يسمع كلمة لأ ومش لأ بغرض التعنت، لأ محتاجة معاها شرح للأسباب.. لأ عشان الحاجة دى مش مفيدة.. مش مهمة دلوقتى.. مش هنقدر نجيبها عشان ظروفنا المادية لا تسمح..

لازم الأهل يحافظوا على التوازن بين العطاء والحرمان المُبرر.. الحرمان بنسبة معينة وبشرح الأسباب مهم جداً فى التربية والتهذيب.. عشان أولادكم يتربوا على تقدير قيمة كل حاجة و ما يستسهلوش الغلط عشان معتمدين ان بابا وماما هيصلحوا اللى اتكسر وهيشتروا بدل اللى ضاع.. ونرجع بعدها نقول ليه ولادنا مستهترين ومش بيحسوا بقيمة أى حاجة، عشان كل اللى بيشاوروا عليه بيجيلهم على الجاهز وفوراً بدون نقاش..

ثالثاً: متلعبوش دور المُنقذ 

سيبوا ولادكم يتحملوا عواقب اختياراتهم من وهما أطفال.. فى السن الصغير افهموا منهم بيفكروا إزاى لضمان سلامتهم وراقبوهم من قريب للتدخل عند الحاجة..

لو بنتك اتخانقت مع صاحبتها فى المدرسة سيبيها تحل مشكلتها بنفسها عشان تتعلم ازاى تتصرف فى المواقف وازاى تتعرف على مشاعرها وتتعلم ازاى تتعامل معاها.. سيبيها تتعلم وسائل مختلفة للتواصل وتكتشف نوعيات جديدة من الشخصيات.. غلط ان على أتفه مشكلة تتدخلى وتجرى وتحلّي، لإن ولادكم لما يكبروا على الحالة دى هيبقوا شخصيات سلبية مش بتعرف تتصرف وبيغرقوا فى شبر مياه لو بعدوا عنكم واتصرفوا من دماغهم..

سيبى ابنك المراهق يتصرف بس حافظوا على الحوار الدائم بينكم ولما يطلب رأيكم انصحوه واتناقشوا معاه فى المشكلة من غير ما تخلقوله حلول طالما المشكلة تحت السيطرة .. 

فى قاعدة فى التربية ان أى حاجة ولادكم يقدروا يعملوها، اوعوا تعملوها مكانهم..

رابعاً: 

الجيل ده كتير منه فاقد الشغف و معندوش طاقة يكمّل فى اللى بدأه لإنه شايف أهله كده.. بيهربوا من مشاكلهم أكتر ما بيواجهوها.. بيشتكوا أكتر ما يفكروا فى حلول..ممكن يتخلوا عن طموحاتهم عشان ميتعبوش ولا يخرجوا من دائرة الراحة.. لو مراهق شايف أبوه بيستسلم ومش بيعافر مش هيطلع فاقد للشغف وانهزامى ازاي؟ 

خامساً: 

فى أولاد بيفقدوا الشغف بجد لإن أهلهم مش بيحسوا بإنجازاتهم ولا بيقدّروا مجهودهم..

تلاقى طفل واخد ميدالية ذهب بس أهله اتعودوا منه على كده فأهملوه واعتبروا تفوقه ده حق مكتسب فالطفل حس ان تفوقه زى فشله فمش فارقة..

طيب هل الأهالى اللى بيعملوا كده متعمدين يفشّلوا ولادهم ؟ أكيد لأ، لكن خانتهم طريقة التربية وعادى اننا طول ما احنا عايشين نتعلم ونصحح أخطاءنا..

فى عوامل خارجية غير التربية بتساهم بشكل سلبى فى تربية أولادنا أهمها السوشيال ميديا ..

الفيديوهات السريعة على التطبيقات المختلفة رّبت فى أولادنا الخُلق الضيق.. الاستسهال.. رغبتهم فى النجاح بدون تعب..

مراهقين عايزين يسيبوا التعليم اللى كله تعب ومجهود ووجع قلب عشان يبقوا تيك توكرز نجاحهم بيتقاس بڤيديو حتى لو تافه بس انتشر.. عايزين يبقوا زى اليوتيوبرز اللى كسبوا ملايين عشان بيرقصوا وبياكلوا وبس! 

الجيل ده فاكر ان الشهرة مقياس النجاح حتى لو هتتشهر بشتيمة الناس فيك أو تريقتهم عليك.. حتى لو هتتشهر بمحتوى تافه ومش بس تافه ده يعتبر سيئات جارية لو توفاك الله ! 

الدكتور ساب شغله وبيصور فيديوهات تافهة..

والمهندسة سابت شغلها وبتصور خناقتها مع حماتها عشان الريتش يعلى! 

وكل ده بيترجم لفلوس كتيرة..

والفئة اللى بتتفرج على كل الفيديوهات دى سنها صغير، سهل يتضحك عليهم وبينبهروا بالمظاهر و بس! 

مش عايزينهم ازاى يفقدوا الشغف فى التعليم اللى كله مذاكرة وغُلب وتركيز وتعب ! 

وازاى ميفقدوش الشغف فى رياضة محتاجة التزام وانضباط ومجهود متواصل! 

وازاى هيقدّروا النعم وحوليهم مؤثرات كتير تدعوهم للسخط وعدم الرضا خصوصاً لو الأهل مزرعوش الرضا جواهم من صغرهم..
ازاى ولادكم هيطلعوا رجالة مسئولة وستات تفتح بيوت وانتوا عمركم ما ادتوهم فرصة يشيلوا مسئولية حتى لو بسيطة.. وبتستغربوا لما يكبروا ليه مش عارفين يواجهوا صعوبات الحياة وليه ملهومش صوت من دماغهم وبيحتاجوا شخص يفكر نيابة عنهم! 

لو معلمتوش ولادكم يقدّروكم و يقدروا تعبكم وهم أطفال وتعودوهم ان مش كل طلباتكم مجابة، مش هتلاقوهم وقت تعبكم ومرضكم.. هما ما اتعلموش يعنى ايه تقدير ولا يعنى ايه مسئولية عشان تطالبوهم بيهم، لإنكم كنتوا فاكرين انكم صح لما تدلعوهم وتشيلوا عنهم وتتحملوا فوق طاقتكم بدل ما تعلموهم يشيلوا معاكم ويحسوا بيكم..

أعتقد دلوقتى عرفنا ليه كتير من الجيل ده فاقد للشغف وعديم المسئولية ومش بيعرف يتعاطف ولا يقدّر الا من رحم ربى..
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة