رفعت رشاد
رفعت رشاد


يوميات الأخبار

عالمية اللغة العربية

رفعت رشاد

الأربعاء، 13 ديسمبر 2023 - 07:35 م

تجاوزت اللغة العربية ما مرت به شقيقاتها من اللغات السامية القديمة التى زالت ولم تعد موجودة

تحتفل منظمة الأمم المتحدة يوم 18 ديسمبر الحالى باليوم العالمى للغة العربية. الاحتفال بمناسبة مرور 50 عاما على اعتماد اللغة العربية إحدى اللغات الرئيسية فى المنظمة الدولية. تتعامل الأمم المتحدة بست لغات فى نشاطاتها الرسمية هى الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، الصينية، الإسبانية والعربية. كانت منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة سباقة فى التعامل مع لغة القرآن وشجعت على فتح الباب لفهم هذه اللغة الشاعرة الفنانة. تقيم الأمم المتحدة احتفالا يستمر عدة أيام بهذه المناسبة تحت عنوان «مساهمة اللغة العربية فى الحضارة والثقافة الإنسانية»، يشارك فيه عدد من رموز المثقفين المتحدثين بالعربية ومنهم أجانب مستشرقون متحمسون لهذه اللغة التى عاشت آلاف السنين. 

تنحدر اللغة العربية وشقيقاتها من اللغات السامية من حضارات قديمة نشأت فى المنطقة التى كانت تسمى الشرق الأدنى والتى غلب عليها الطابع الصحراوى الذى تغول على الإخضرار فنزح السكان بسببه إلى السواحل. عاشت تلك الحضارات منذ ما يزيد على خمسة آلاف عام فى هذه المنطقة. كانت اللغة العربية إحدى اللغات التى تكلم بها شعوب سكنت شبه الجزيرة – العربية – وبعض أطرافها متلامسة مع شقيقاتها من اللغات التى انحدرت من اللغة السامية الأم. كانت هناك اللغة الأكادية التى يتكلمها الآشوريون، والآرامية والعبرانية. بجانب هذه المجموعة السامية، كانت هناك مجموعة أخرى تسمى اللغات الأفرو آسيوية أو «الحامية – السامية» تشمل الهيروغليفية المصرية والبربرية والكوشية والأموتية والتشادية والحبشية. 

عندما نتحدث عن لغات كانت منذ آلاف السنين تكلمت بها شعوب المنطقة محور ومنبع الحضارات فإن حديثنا يرن فيه صدى قادم من زمان سحيق يسرح فيه خيالنا ويتصور تلك الحضارات التى ازدهرت فى الصحارى وعبرت لغاتها عن طابعها الشرقى وفخامتها وبهرجتها وخصوبتها الثقافية وكذلك استبداد حكامها وقسوتهم التى تقطع الأنفاس. فى تلك الصحراء مترامية الأطراف الممتدة فى أكبر قارتين وأقدمها، زالت دول وممالك وفنيت لغات ولم تعد موجودة لكن بقيت اللغة العربية التى أمدها القرآن والإسلام بماء الحياة الدائم. 

توحد وتعدد

ماتت تلك اللغات التى كانت لحضارات عاتية، لكن رغم الفراغ بعدها والذى امتد إلى ما يقرب من أربعة آلاف عام فإننا عرفنا ماذا كان يفعل هؤلاء. كتبوا سجل حياتهم على أقراص من الطين ورغم أن لغاتهم كانت تختلف تماما من مجتمع لآخر، إلا أن تلك اللغات كانت تنبع جميعها من مصدر واحد، جميعها كانت تكتب بعلامات منقوشة قاموا بتشكيلها على الطين بآلات لتعطى فى النهاية معنى الكلمات، وبفضل العلوم الحديثة والنهضة المعاصرة عرفنا كيف عاش الأسلاف فى هذه المنطقة، كيف كانوا أفرادا وحكاما، كيف كانت حواراتهم، أساطيرهم، آلهتهم، صورهم، قوانينهم ولغاتهم المتعددة.. بطبيعة الأمور ومثل كل شيء فى الحياة، فنيت وماتت لغات بعد سنين طويلة، وتداولت لغات جديدة، لكن جاء حدث مهم فى تاريخ البشرية دفع باللغة العربية إلى قمة اللغات، هذا الحدث هو ظهور الإسلام ونزول القرآن. بعد هذا الحدث غير المسبوق انطلق الإسلام إلى أطراف الأرض وانطلق القرآن من كل لسان ووجب على كل مسلم أن يعرف اللغة العربية ولو جزئيا، فهو يقرأ القرآن باللغة العربية ويقيم العبادات والشعائر باللغة العربية. تعاظمت هذه اللغة بفضل الإسلام والقرآن ولولا ذلك لكانت اندثرت كما اندثرت شقيقاتها. اللغة العربية يتحدثها الآن كلغة أساسية يوميا ما يزيد على أربعمائة مليون مواطن عربى من الخليج إلى المحيط، كما يتكلم بها المسلمون فى العالم على الأقل خمس مرات يوميا فى أوقات الصلاة. 

ضبط اللغة العربية

من زمن التشكيلات الأولى للغة العربية وحتى استوائها فى صورة نعرفها سواء قبل الإسلام أو بعده، مرت قرون وأجيال انضبطت خلالها بتكوين حروف الجر والعطف وسائر حروفها التى تدخل فى تراكيب الجمل وكذلك بألفاظها من الأسماء والأفعال التى تولدت منها وصارت لغة مقبولة يستريح إليها السامع كما يستريح إلى النظم المرتل والكلم الموزون، وتميزت بوجود حروف لا توجد فى غيرها مثل الضاد والظاء والطاء والعين والقاف والحاء، ولو وجدت فى غيرها لما نطقت بنفس الوضوح والضبط، وبذلك استغنت العربية عن استخدام تمثيل الحرف الواحد بحرفين متشابكين كما يكتبون الثاء والذال والشين فى لغات أخرى. ويذهب البعض إلى أن الشعر رغم وجوده فى كل اللغات القديمة سواء كانت فى حضارة أو قبيلة إلا أنه لم يوجد فنا كاملا مستقلا عن الفنون الأخرى إلا فى اللغة العربية، حيث توافرت له شروط الوزن والقافية وتقسيمات البحور والعروض وهو أمر لم يتوفر لغير العربية حتى بين شقيقاتها الساميات الأخرى. وكانت اللغة العربية عماد الثقافة الإسلامية فى فترة ازدهار الحضارة الإسلامية ومازالت تمثل العمود الفقرى للترابط العربى والإسلامى فقد نشرت ثقافة موحدة وتعد العامل الأساسى من عوامل الوحدة بين أفراد الأمة العربية. 

لكن فى الفترة الأخيرة سيطر على العالم ثقافة الغرب من خلال الإعلام والفنون خاصة السينما التى نقلت عادات الشعوب الغربية، وجاءت المخترعات الحديثة خاصة الكمبيوتر واختراع شبكة الإنترنت لتعمق تلك الثقافة. بعد عقود من هذا التغلغل داخل مجتمعاتنا العربية، انساقت الأجيال العربية الجديدة فى تيار المحاكاة للثقافة واللغات الغربية بتأثير قوى من تلك الثقافة التى صارت أساسية فى حياتنا، كما أن تحلل ظواهر اجتماعية وانتشار ثقافة الاستهلاك أدى إلى وجود ثقافة مجتمعية سطحية ترى أن استخدام لغة الدول المتطورة فى الحياة اليومية أو فى التدريس سيجعل من مستخدمها فردا متطورا وهو بالتأكيد أمر غير صحيح. كما أن المؤسسات المختلفة فى دول الوطن العربى لا تلتزم بتطبيق ضوابط بشأن استخدام اللغة العربية حتى فى المحافل الرسمية، فمخاطبات عديدة تتم بلغات أخرى وأماكن جديدة تسمى بمسميات أجنبية مترفعة عن استخدام لغتها التى حملت مشعل الحضارة والثقافة الإسلامية والعربية لألف سنة على الأقل وكان يفخر كل من يتعامل بها. 

تدبير استعمارى

علينا أن ننتبه، فتقويض لغتنا بين مواطنينا أخطر ما يمكن أن يفعله الخصوم، فبدون لغة، لا عوامل مشتركة سواء فى الحديث أو فى الثقافة اليومية أو فى تعليمنا أو أى شأن من شئون حياتنا. وذلك يسهل للخصوم إزاحتنا ببساطة من موقعنا فى سلم الحضارة والكينونة. لطالما حرص الاستعمار على أن تتكلم الشعوب المحتلة لغة المستعمرين حتى يسهل قيادهم. يجب ألا نستهين  – بالمنظرة – التى يتعامل بها بعض الجاهلين بخطورة الأمور، بل يجب أن نكون واعين من خطورة الوضع بالنسبة للغتنا. 

تجاوزت اللغة العربية ما مرت به شقيقاتها من اللغات السامية القديمة التى زالت ولم تعد موجودة، استطاعت بظهور الإسلام ونزول القرآن أن تقود الحضارة لزمن طويل. والآن يحتفل العالم بها كلغة أساسية من لغات الأمم المتحدة الست التى تتم بها المخاطبات الرسمية. كان قرار المنظمة الدولية فى 18 ديسمبر 1973 محطة أخيرة لرحلة العربية بعدما استخدمت منظمة اليونسكو اللغة العربية من قبل فى مؤتمراتها أو فى وجود مشاركين من دول أو أفراد عرب وكذلك ترجمة المستندات التى تصدر عنها إلى العربية وتبع ذلك ترجمة جلساتها فوريا إلى العربية احتراما للمشاركين فى نشاطها والآن تحتفل اليونسكو باللغة العربية ضمن خطة احتفالاتها السنوية.

سلمى أحمد قاسم جودة

عرفت الكاتبة سلمى قاسم أحمد جودة عن قرب عندما توليت رئاسة تحرير مجلة آخر ساعة. كانت المجلة تضم عددا من الكاتبات اللاتى يطلق عليهن لقب «الهوانم» المثقفات. سلمى كانت إحداهن، وأعفى نفسى من ذكر أسماء بقية الزميلات العزيزات لأنى لن أسامح نفسى إذا نسيت ذكر اسم إحداهن. كانت هوانم آخر ساعة يزهرن المجلة بمقالات راقية المضمون جزلة الأسلوب رقيقة التعابير، كانت روح التنافس الفكرى والأدبى بينهن على أشدها ولكن بمحبة ورغبة مشتركة للارتقاء بما ينشر فى المجلة العريقة. 

 مؤخرا أصدر «كتاب اليوم» الذى يرأس تحريره الزميل العزيز الكاتب الصحفى علاء عبد الهادى كتابا لسلمى بعنوان «نشوة رواية الحياة». أهدت سلمى الكتاب إلى شقيقها الذى رحل مؤخرا، يحيى أحمد قاسم جودة الذى وصفته بأنه «الساكن الأبدى فى ذاكرتى، الساكن الأزلى فى روحى، تقوض وجودى فى لحظة غيابه الذى لا يزيده إلا حضورا». عبرت سلمى عن مشاعرها تجاه شقيقها فنفثت أدبا راقيا كعادتها وضمنت كتابها مجموعة من المقالات التى تستحق أن تقرأ باستمتاع والتلذذ باسترجاع تفاصيلها وعباراتها. كتبت سلمى عن محطات ثقافية فى حياتها، عن وجودها فى آخر ساعة، عن زوجها الراحل الطبيب المشهور هاشم فؤاد، بطل رواية أنف وثلاثة عيون، عن ماركيز، عن يوسف السباعى، عن باريس وعلاقتها بالثقافة الفرنسية، عن نجيب محفوظ، عن الانتهازى، عن الأدب فى الصحافة، عن المجد والوهن فى حياة الزعيم وعن طه حسين وموضوعات أخرى واصلت من خلالها مسيرتها الإبداعية فى بلاط صاحبة الجلالة. سلمى، ابنة نقيب الصحفيين الراحل أحمد قاسم جودة الذى كان من الرعيل الطليعى للصحفيين المصريين الذين تولوا شأن الصحافة المصرية. 

رسالة إلى محافظ القاهرة

أرسل المواطنان سعيد سالم وهشام رمضان من سكان حى المقطم رسالة إليّ نيابة عن أهالى سكان منازل محافظة القاهرة بالمقطم يناشدون فيها خالد عبد العال محافظ القاهرة طلاء مساكنهم وإضافة لمسة إبداعية عليها وتجميلها حيث تعد منطقة المقطم من أهم المعالم فى العاصمة، ولذلك كانت من أولويات اهتمامات السيد رئيس الجمهورية لإحياء روح النهضة فى جبل المقطم.
 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة