محمد درويش
محمد درويش


وجدانيات

أشعات وتحاليل

الأخبار

السبت، 16 ديسمبر 2023 - 08:00 م

لدى مصر على مدى العصر الحديث الآلاف من الأطباء المهرة الذين يشهد لهم القاصى قبل الدانى ومنهم من تجاوزت شهرته إلى آفاق العالمية وبعض منهم من المهاجرين يتقاطرون طوال العام إلى الوطن الأم حيث يتم استضافتهم فى مستشفيات خاصة أو أخرى تابعة للدولة لمناظرة حالات بعينها، ويعتمد فى ترويج وصوله على اسم الدولة الأوروبية التى قدم عنها أو الولايات المتحدة.

سواء كان هؤلاء الزائرون أو أقرانهم فى مصر فأصبح الكل يطلب تحاليل وإشعات وأحيانا يحدد لك المعمل أو مركز الإشعة الذى يشترط إجراءها عنده وإلا فهو لا يثق فى نتائج معامل أو مراكز غيرها، بل وصل الأمر إلى أن عددا من أساتذة العظام ألحق بعيادته غرفة أو اثنتين للعلاج الطبيعى مؤكدا على المريض إنه لابد من عمل الجلسات فى عيادته.

الشاهد أن رحلة العلاج التى مع ألم متفاقم أو ألم مفاجئ لا قبل لصاحبه بتحمله، تبدأ بزيارة أو زيارات للطبيب مع جولات لمعامل التحاليل ومراكز الإشعة وحملها إلى الطبيب المعالج الأشهر ولا أدرى كيف يتمكن من مناظرة الحالات المتواجدة فى العيادة!

كثيرا ما تساءلت ماذا كان يفعل أطباء الزمن الماضى فى تشخيص الأمراض قبل ظهور معامل التحاليل ومراكز الأشعة، وهم من كانوا يكتبون الدواء بنسب محددة يقوم الأجزجى أو الصيدلى بلغة العصر بتركيبها داخل معمل الصيدلية ونادرا ما كان هناك دواء جاهز كما هو حال أيامنا.

وجاءت الإجابة على لسان الراحل العظيم د.إبراهيم بدران فى لقاء لا أنساه منذ عقدين أو أكثر مع التليفزيون المصرى عندما سألته المذيعة عن تعامله مع المنظار وهو أستاذ الباطنة فكان رده نحن جيل تعلم على يد أساتذة كان الواحد منهم يقول إنه يعرف أن المريض أصيب بالحمى من مجرد دخوله باب الشقة بأن يشتم رائحة معينة، أما نحن فكنا نعرف المرض من التشخيص الظاهرى، ولكن تلامذتنا هم من يستطيعون استخدام المنظار حيث سافروا فى بعثات إلى الخارج وتدربوا عليه وعادوا ليدربوا غيرهم الأصغر سنا وهكذا هو تواصل الأجيال.

كلامه ذكرنى برحلة مر عليها- ربما- ثلاثون عاما مع الوالدة رحمها الله عندما أوصى أحد الأطباء الشباب باستخدام جلسات الليزر لتلافى تداعيات ما يحدث فى الشبكية من تأثير مرض السكر، وقبل أن استجيب لطلبه توجهت إلى أستاذين كبيرين فى السن والمقام وكان ردهما أن الليزر لا يصلح لأنه ممكن بعد الجلسة تنفجر الشعيرات أيضا بمجرد مغادرتها باب العيادة! وطبعا هذا غير صحيح.

أيقنت أن الأطباء الشباب لديهم القدرة الأكبر على التعامل مع كل ما هو جديد من ابتكارات الأجهزة الطبية، ومن المستحيل طبعا أن يلجأ إليه أستاذه ليطلب منه تدريبه عليها مع اليقين بأن التعليم فى الكبر كالنقش على الماء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة