د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا


يوميات الأخبار

وَهْم «السامية» بين الحقيقة والخيال

محمد حسن البنا

الأربعاء، 20 ديسمبر 2023 - 07:33 م

«إسرائيل دولة عنصرية قائمة على الديانة، تمارس أبشع ألوان الإرهاب ضد أصحاب الأرض الأصليين، وتقوم بالقتل والتدمير بدعم صريح من أمريكا والغرب»

ليس غريباً أن تنطوى دعوة «السامية اليهودية» على كذبة كبرى، انطلت على العالم أجمع!. حتى أنها كانت وراء اضطهاد الكثير من الشخصيات العالمية، وكانت وراء إرهاب كل من ينتقد تصرفات الحكومة الإسرائيلية، وقواتها المسلحة التى تقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وتحتمى فى الجنس السامى!.

مؤخراً كثر الحديث عن السامية وتداعياتها التى أثرت على أوضاع الكثير من رؤساء ووزراء حكومات غربية وعلماء ومدراء جامعات فى أمريكا وبريطانيا وإسبانيا وغيرها. وقد استقال مدراء لأبرز الجامعات فى أمريكا بعد أن استجوبهم أعضاء الكونجرس بقسوة بشأن حوادث معاداة للسامية فى جامعاتهم. ومن ذلك ما ورد من أنباء حول ما أدلى به مدراء كل من جامعة بنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد بشهاداتهم.

وتخرج تظاهرات بين الحين والآخر ضدّ معاداة السامية والعنصرية، كما حدث فى برلين وبروكسل منذ أيام. ورفع المتظاهرون شعار «لن يحدث ذلك مرة أخرى، الآن»، فى إشارة إلى المحرقة والجرائم التى ارتكبتها الحكومة النازية. وقال رئيس المجلس المركزى لليهود فى ألمانيا جوزيف شوستر للمتظاهرين إنّ معاداة السامية أصبحت «شائعة» فى المجتمع.

وفى بروكسل رفع المتظاهرون لافتة تقول: «ليس من الضرورى أن تكون يهوديًا لتشارك فى مسيرة ضد معاداة السامية»!.
فى يومياتى هذه رأيت أن أبحث عن أصل كلمة السامية، ومعناها، ومن هم الساميون؟. من يدخل على محرك البحث العالمى «جوجل» يجد معلومات غزيرة عن السامية. كتب الكثير من المفكرين حول السامية، ومن هم الساميون. ظهر لفظ «معاداة السامية» سنة 1860 ويقصد به معاداة اليهود. استعمل هذا المصطلح للمرة الأولى من قبل المفكر النمساوى اليهودى اشتينشنيدر. لكن الساميين ينسبون إلى سام بن نوح عليه السلام.

وعادة ما يشار بهم إلى الشعوب الساكنة فى شبه الجزيرة العربية، وفى بلاد النهرين العراق القديم، وفى المنطقة السورية (سكان سوريا ولبنان وفلسطين)، وإن كانت التوراة قد أخرجت الكنعانيين من أسرة الساميين وضمتهم إلى الحاميين كنوع من الانتقام منهم ولعنتهم. التفسير الأدق أنه لما نجى الله نوحاً عليه السلام كان معه أبناؤه الثلاثة سام وحام ويافث، وقد تفرقوا بعد ذلك فى الأرض، وكل ما هو موجود الآن من البشر هو من نسلهم. قال تعالى «وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ» الصافات :77. وسام هو أبو العرب والروم والفرس. وهم الذين يقال لهم الساميون، واليهود من الروم.

وقد استغل اليهود ما شرع من قوانين فى الغرب ضد معادى السامية أسوأ استغلال فجعلوا كل من ليس موالياً لهم ولاء مطلقاً ومجارياً لهم فى كل تصرفاتهم القذرة يعتبر معادياً للسامية. الصحيح أن اليهود هم أكبر أعداء السامية لأنهم يعادون العرب عداءً سافراً. ويحقدون على بقية الساميين الآخرين، ويكيدون فى الخفاء لجميع البشر. هم إذن ألد أعداء السامية وأخطرهم، بل هم أعداء البشرية كلها.

الناس سواسية

تعاليم الإسلام لا تفضل جنساً على آخر. الإسلام لا ينظر إلى الأنساب، ولا يعلق عليها أحكام التفاضل بين الخلائق. الناس بنو آدم وآدم من تراب. وأكرم الناس عند الله أتقاهم «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، الحجرات:13 وهو ما يعنى أن الناس سواسية. ورغم هذا انتشرت أكذوبة اليهود فى العالم بمساعدة الدول الاستعمارية، وباستغلال فترة اضطهاد الزعيم النازى هتلر لليهود فى ألمانيا. فانتشرت كلمة: معاداة السامية أو معاداة اليهود. ومعناها بالإنجليزية Anti-Semitism‏ «ضـد السامية»، وتُترجَم أحياناً إلى «اللاسامية». جذر كلمة «سامى» يعطى انطباعًا كاذبًا بأنّ معاداة الساميّة موجّهة ضد جميع الشعوب التى تنتمى للأعراق الساميّة (وهى الشعوب التى تتكلّم اللغات السامية منها العربيّة والعبريّة والآشوريّة والفينيقيّة والآراميّة).

استخدم المصطلح الباحث الألمانى فيلهم مار لوصف موجة العداء لليهود فى أوروبا الوسطى فى أواسط القرن التاسع عشر. واعتبر أن معاداة العرب والآشوريين لا تصنف معاداةً للسامية!!، لكن معاداة اليهود تُعدّ شكلاً من أشكال العنصرية. وأن التعبير عن الكراهية أو التمييز ضد أفراد يهود، كلها تصنف ضد السامية. إذن العالم كله متهم بمعاداة السامية بحسب التفسير اليهودى. فهل هى عقدة ذنب تدفع حكام الدول الغربية لدعم إسرائيل فى حربها ضد فلسطين؟!.

الأهداف الخبيثة

بالطبع ليس هذا صحيحاً، إنما التحليل السليم يقودنا إلى توافق الأهداف الخبيثة لدى الدول الغربية وأمريكا مع يهود إسرائيل لضرب المنطقة كلها وإضعافها لصالح أطماع فى خيرات وثروات منطقة غنية بالثروات الطبيعية. الكثير من المفكرين يرون أن النظريات الزائفة حول العرق، والحضارة، و«التقدم» انتشرت على نطاق واسع فى أوروبا فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر. أما أصول معاداة السامية فى المسيحية فإنها تعود إلى اتهام اليهود بصلب يسوع واضطهاد تلاميذه فى القرون المسيحية الأولى مستندين بذلك على قول اليهود أثناء محاكمة يسوع: «دمه علينا وعلى أولادنا».

كما تم اتهام اليهود بعدة تهم ومنها تسميم آبار المسيحيين. والتضحية بالأطفال كقرابين بشرية، وسرقة خبز القربان وتدنيسه. وتم طرد معظم اليهود من دول أوروبا الغربية إلى شرق ووسط أوروبا وبلاد المغرب العربى. وأصبح للسامية فى العصر الحديث أبعاد سياسية. ولها مطبوعات مثل بروتوكولات حكماء صهيون التى أيدت نظريات المؤامرة اليهودية الدولية. كما لعبت النزعة القومية دورًا قويًا فى ظهور معاداة السامية السياسية، حيث اتهم أعضاؤها اليهود بأنهم مواطنون غير مخلصين. وكانت قمة ذلك فى محرقة اليهود فى عصر النازى بألمانيا.

وجاءت الطامة الكبرى بإقامة إسرائيل فى دولة فلسطين، وما صاحبها من مجازر وفظائع بحق السكان العرب والمسلمين. وتزايد المشاعر المعادية لليهود بشكل عام فى الدول العربية والإسلامية. وهى دولة عنصرية قائمة على الديانة اليهودية، وتمارس أبشع ألوان الإرهاب ضد أصحاب الأرض الأصليين، وتقوم بالقتل والتدمير بدعم صريح من أمريكا والغرب. هذا يؤكد كذب مصطلح السامية.

حسن الخاتمة

ليس المقصود من حسن الخاتمة أن تموت وأنت فى المسجد أو على سجادة الصلاة أو تموت والمصحف بين يديك. فقد مات خير البرية جمعاء -صلى الله عليه وسلم- وهو على فراشه.. مات صديقُه الصديقُ أبو بكر -رضى الله عنه- وهو خيرُ الصحابة على فراشه... مات خالد بن الوليد-رضى الله عنه- على فراشه وهو الملقب بسيف الله المسلول والذى خاض ١٠٠ معركة ولم يخسر أياً منها !! ولكِنَّ . حُسْنَ الخاتمة أن تموتَ وأنت بريءٌ من الشرك. حُسْنَ الخاتمة أن تموتَ وأنت بريءٌ من النفاق.

حسن الخاتمة لا تغتاب أحداً ودع الملك للمالك، ولا تظلم أحداً، وعليك أن ترد المظالم إلى أصحابها، حُسْنَ الخاتمة أن تعطف على الفقراء والمحتاجين وجبر الخواطر. حُسْنَ الخاتمة أن تموتَ وأنت على الكتاب والسنة ومؤمنٌ بما جاء فيهما دون تأويل. حُسْنَ الخاتمة أن تموتَ وأنت خفيفُ الحمل من دماء المسلمين وأموالِهم غير ظالم لهم ولأعراضِهم مؤدياً حق الله عليك وحق عباده عليك. حُسْنَ الخاتمة أن تموتَ سليمَ القلب طاهرَ النوايا وحَسَنَ الأخلاق، لا تحملُ غلاً ولا حقداً ولا ضغينةً لمسلم ..

حُسْنَ الخاتمة أن تصلى خمسَكَ فى وقتها مع الجماعة لمن لهم حقُّ الجماعة وتؤدى ما افترضه اللهُ عليك لأهلك وبيتك. حسن الخاتمة أن تكون ملتزماً بأمور دينك وبيتك محباً لجارك واصلاً لرحمك راحماً للصغير ومحترماً الكبير اللهم أَحسنْ عاقبتَنا فى الأمور كلِّها وأجرْنا من خزى الدنيا وعذابِ الآخرة.. اللهم أَحسنْ خاتمتَنا.. وردَّنا إليك رداً جميلاً.. غير مخزٍ ولا فاضح.

الإيمان والعلم

القارئ العزيز نصر فتحى اللوزى، أحد جنودنا البواسل فى نصر أكتوبر 73 يؤيد ما كتبته عن ثلاثية النصر العظيم (الإيمان والعلم والتدريب). الإيمان: يكتمل الإيمان بحب الوطن، والذى علمنا إياه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين غادر مكة المكرمة وقف عند مشارفها وكأنه يناجيها مع ألم الفراق وقال (والله إنك لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إلىّ ولولا أن قومك أخرجونى منك ما خرجت). إنه حب الوطن الذى يهون أمامه كل غالٍ ونفيس وتهون أمامه كل ما يهم المرء من حياته اليومية.

العلم: أهمية العلم قضية حضارية تزداد بها القوة فى جميع اتجاهات الحياة أولها قضية الدفاع عن الوطن بقواته العسكرية بمختلف الأسلحة الحديثة المتطورة. قال الله تعالى فى كتابه العزيز (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِى سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ). (الأنفال ـ 60). لابد من مواكبة التطور التكنولوجى وإعداد القوات المسلحة فى جميع الأسلحة حتى يكون للوطن درع تحمى مكاسب الشعب وتحافظ على حدوده سلماً وسلاماً.

التدريب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبو بكر ولِمَ ذلك يا رسول الله؟ قال لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة. تدريب الرجال على استخدام الأسلحة والمعدات والأدوات العسكرية يحقق مهارة الجيش المصرى. 

وما رأيناه تدريباً لقواتنا المسلحة فى حفلات التخرج والفخر بأولادنا. بناء جيش قوى درع تحمى الوطن. الحمد لله الذى أهدانا ابن مصر البار الرئيس عبد الفتاح السيسى هدية بها تنعم مصرنا الغالية أمناً وأماناً، سلماً وسلاماً، بناءً وتعميراً.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة