الضحية
الضحية


بسبب الأهمال .. غرق طفل مصاب بالتوحد في حمام سباحة بأحد الأندية

أخبار الحوادث

الخميس، 21 ديسمبر 2023 - 12:29 م

الشرقية‭: ‬إسلام‭ ‬عبدالخالق

القضاء والقدر نافذ لا محالة في كل شيء، إلا أن الأسباب دومًا ما تحمل المفاجآت؛ وهي تفاصيل الإخفاق وتفاصيل الخطأ، وربما النهايات كذلك، وهو ما كان جليًا في واقعة قاتمة الحزن والسواد راح ضحيتها طفل من ذوي الهمم ابتلعته مياه حمام سباحة نادي «الرواد» في مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، وحالت بينه وبين سُبل الإنقاذ دوافع وأذرع الإهمال وأهله في النادي الذي لم يعد غريبًا على الناس أن يعرفون بوفاة طفل داخل مياه حمام السباحة الموجود فيه أو جراء عدم تلقي الإنقاذ اللازم، والسبب واحد ومتكرر هو الإهمال إلى أقصى الدرجات التي يمكن أن تثير الاستغراب والإشمئزاز معًا، وإلى التفاصيل.

"مازن" طفل بهيئة الزهور، احتار الأطباء في إقناع أهله أنه حتمًا من أهل الموت حين جاء إلى الدنيا يعاني ما لا يحتمله أشجع الشجعان، إلا أن الأهل رفضوا التفريط في الأمل وآمنوا بقدرة الله على كل شيء، ومرت الأيام لتؤكد على أن إيمانهم كان صادقًا ويتعافى الرضيع ويبدأ في الرضاعة لأول مرة بعد نحو ستة أسابيع من ولادته، لكن خطورة حالته لم تنته بعدْ؛ إذ تبدلت الظروف وتغيرت المعاناة على مدار سنوات كان الثابت فيها دعم الوالدين وتفانيهما وتغييرهما حياتهما لتتناسب مع مرض التوحد الذي عانى منه «مازن»، لكن في النهاية وقعت المأساة وفارق الصغير الحياة في عامه الثامن ضحيةً للإهمال الذي لم يعُد غريبًا وجوده وحضوره القوي بين جنبات نادي «الرواد» في مدينة العاشر من رمضان.

غريق

مع انتصاف عقارب الساعة التي تلت العاشرة مساء السبت الماضي، وبينما تمتليء منطقة الألعاب والملاهي الموجودة – بمقابل – في نادي «الرواد» الشهير على أطراف مدينة العاشر من رمضان، كان بين الأطفال «مازن» ذاك الملاك البريء ذو الوجه البشوش والروح التي يألفها الجميع، كعادته كثير الحركة وكبير الحب لكل من يراه، وبين الجميع كان والداه يتابعانه وتوأمه وشقيقتهما حديثة الفُطام.

ما بين طرفة عينٍ وانتباهتها اختفى «مازن» وفشلت محاولات العثور عليه لنحو خمس دقائق، حتى فوجيء والده بالبعض يتحدثون عن غرق طفل في حمام سباحة النادي، وتنزل الكلمات على قلبه كالصاعقة، وحين هرع إلى حمام السباحة كانت الطامة الكبرى عندما أبصر ابنه غارقًا، لكن الكارثة الكبرى كانت في كيفية دلوف الفتى إلى حمام السباحة وسقوطه في مياهه.

يقول عمرو فكري، والد الطفل «مازن» إن ابنه كان يلعب أمام عينه في منطقة الألعاب والملاهي الموجودة في النادي، بيد أنه قد راح إلى منطقة حمام السباحة بعدما تبين أن الباب الذي يفصل ما بين الحمام ومنطقة الألعاب كان مفتوحًا دون حتى وجود فرد أمن واحد أو حتى مُنقذ على مقربة من حمام السباحة.

الأب المكلوم أكد خلال حديثه لـ «أخبار الحوادث» على أن الإهمال من جانب النادي ومسؤوليه كان السبب الرئيسي في وفاة ابنه وسقوطه غارقًا في مياه حمام السباحة وعدم وجود من ينقذه، قبل أن يضيف مستنكرًا: "ابني وقع في حمام السباحة قصاد مكتب الأمن الموجود في النادي ومحدش لحقه في الوقت اللي كان جنب منطقة الألعاب 4 رجال علشان الألعاب بفلوس".

وأردف الأب المُنهار قائلًا: "كنا متعودين نروح النادي في وقت يكون مش زحمة عشان بنخاف على أولادنا، لكن يومها حصل اللي حصل وبحمل المسؤولين عن النادي المسؤولية كاملة في موت ابني".

تلتقط أمل طارق، والدة الطفل «مازن» أطراف الحديث، لتوضح أن ابنها منذ ولادته عانى كثيرًا وتحمل ما لا يتحمله الكبار، مضيفةً: "ابني من يوم ما اتولد وكل الدكاترة زي ما يكون بيقولوا لنا ابنكم مش هيعيش، لكن إحنا كان عندنا أمل وإيمان كبير في ربنا وربنا نجاه وعاش، ولما كبير بقى عنده توحد لكن غيرنا حياتنا علشانه وكنا الحمد لله راضيين بكل شيء".

انهارت الأم وهي تواصل حديثها لـ «أخبار الحوادث»: «ابني كان ملاك وكانوا بيقولوا مش هيعيش لكنه عاش لغاية ما مات بسبب الإهمال»، قبل أن تستكمل حديثها وسط الدموع: "ابني مات علشان سايبين باب حمام السباحة مفتوح ومفيش لا أمن ولا حد جنب حمام السباحة".

أسرة الطفل أكدت لـ«أخبار الحوادث» على أنهم لا يطلبون بأي شيء سوى القصاص لوفاة نجلهم ومحاسبة المخطئين ومن تسببوا بإهمالهم فيما حدث، في إشارة إلى توجيه السرة اتهام واضح لجميع المسؤولين عما حدث في نادي «الرواد» بمدينة العاشر من رمضان.

بلاغ الواقعة

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا يفيد بشأن ما تبلغ لقسم شرطة أول العاشر من رمضان بوفاة الطفل «مازن عمرو فكري» 8 سنوات، إثر سقوطه غارقًا في حمام السباحة في نادي «الرواد» في نطاق ودائرة قسم أول شرطة العاشر من رمضان.

بالانتقال والفحص تبين من التحريات الأولية؛ أن الطفل المتوفى من ذوي القدرات الخاصة، فيما أفادت أسرة الطفل بأن نجلهم كان يعاني من التوحد وفرط الحركة، وأنهم وقت حدوث الواقعة كان رفقة ابنهم يتابعونه وقت وجوده في منطقة الألعاب الموجودة في النادي قبل دقائق من غيابه عن أنظارهم والعثور عليه غارقًا في مياه حمام السباحة الموجود في النادي.

الأسرة حملت مجلس إدارة نادي الرواد المسؤولية كاملةً عما حدث وتسبب في سقوط ابنهم في حمام سباحة النادي ووفاته غارقًا، وسط تأكيد على أن الكاميرات الموجودة في النادي قد وثقت ما حدث وأن باب حمام السباحة الموجود ناحية منطقة الألعاب قد تُرك مفتوحًا دون وجود أية أفراد أمن أو منقذين في المنطقة المحيطة بحمام السباحة، فضلًا عن سقوط الطفل في المياه على بُعد خطوات من مكتب الأمن.

وأشار والد الطفل المتوفى إلى رحمة مولاه، إلى أنه يتهم المسؤولين عن نادي «الرواد» في مدينة العاشر من رمضان بالتسبب في وفاة نجله، وأنه قد أكد على اتهامه ذلك في المحضر المُحرر بشأن الواقعة، مؤكدًا على أنه لا يرجو أكثر من محاسبة المخطيء وأن يكون ابنه «مازن» آخر ضحايا الموت داخل نادي «الرواد» في العاشر من رمضان.

وأفاد تقرير مفتش الصحة بحدوث وفاة الطفل «مازن عمرو فكري» جراء إسفكسيا الغرق، فيما تحرر عن ذلك المحضر رقم 5842 إداري أول العاشر من رمضان لسنة 2023، وبالعرض على النيابة العامة صرحت بدفن جثمان المتوفى إلى رحمة مولاه الطفل «مازن عمرو فكري»، وذلك بمعرفة أهليته، وطلبت تحريات رجال المباحث الجنائية في قسم شرطة اول العاشر من رمضان حول الواقعة وملابساتها وكيفية حدوثها. 

إقرأ أيضاً : غرق شاب في ترعة ناصر غرب الإسكندرية

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة