المفتى خلال ندوة مواجهة الشائعات
المفتى خلال ندوة مواجهة الشائعات


المفتى: مروج الشائعات لا يقل إثمًا عن صانعها

ضياء أبوالصفا

الخميس، 21 ديسمبر 2023 - 06:19 م

أكد د. شوقى علام -مفتى الجمهورية، أن قضية بناء الوعى ومواجهة الشائعات تُعَدُّ من أهم وأخطر القضايا التى تفرضها علينا مستجدات الواقع، ومجريات الأحداث، وما يدور حولنا من أحداث جسام متتالية.

وأوضح أنها قضية تتعلق بمحاولة اختراق وتغييب هذا الوعى وبالعمل الدءوب من قِبل جهات وجماعات مُغرضة متطرفة تعمل ليلَ نهار من أجل تغييب وعى المواطن وجعله آلة تستقبل بلا تفكير ولا تأمُّل ولا رَوِيَّة ما يُلقى لها من شائعات وأفكار..

وأضاف فضيلته فى كلمته بندوة «جيل ضد الشائعات» التى عقدتها كلية الدراسات الإسلامية بدمنهور أن علماء الشريعة عامة وعلماء الإفتاء بصفة خاصة، وكذلك علماء القانون كلهم معنيون بمتابعة المستجدات التى تدور فى الواقع، ومسئولون أمام الله سبحانه وتعالى عن وضع الحلول الناجعة لكافة مشكلات وقضايا العصر المتأزمة، وهم جميعًا بفضل الله تعالى على قَدْر تلك المسئولية، ولديهم الاستعداد الكامل والتكوين الدقيق والعقلية الواعية التى تسهم بشكل فعَّال فى مواجهة كافة التحديات والصعوبات التى تواجه الوطن من قِبل مروجى الشائعات وصانعى الأكاذيب.

وأكد أن ديننا الحنيف قد وضع -ممثلًا فى كتاب الله وفى سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- منهجًا واضحًا دقيقًا لتكوين العقلية الصحيحة الواعية التى لا تتقبَّل كل ما يُلقى إليها ويشاع على ألسنة المغرضين، فقد قال الله تعالى موضحًا لنا أهم مبدأ فى هذا الصدد: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» «الحجرات: 6».

وأوضح أنه بناء على هذا المبدأ استخلص علماء السنة الكرام معايير قبول الأخبار والتثبت منها إذا استوفت شروط الصحة، أو ردها وعدم البناء عليها إن كانت بضد ذلك، ويعد ما أنتجوه فى هذا الصدد طفرة علمية كبيرة شهد بفضلها على البشرية كبار علماء الغرب من المستشرقين وغيرهم. 

وأوضح أن مبدأ التثبت فى الآية الكريمة الذى بنى عليه هذا المنهج الشريف هو التبين من مصدر الخبر أولًا؛ يعنى مدى صدق راويه أو مروِّجه، وثانيًا التبين من غايته ومقصده إصلاحًا كان أو إفسادًا؛ فالخبر الكاذب مرفوض وإن كانت غايته ومقصده فى زعم من يروجه غاية صحيحة ومقصدًا نبيلًا، فإن نُبل الغاية لا يبرِّر فساد الوسيلة، فما بالنا وقد اجتمعت لدى هذه الجماعات المتطرفة الإرهابية خستان؛ فساد الغاية وفساد الوسيلة؟

وأشار إلى أن الأخبار كذلك قد تكون صادقة لكنها مغرضة أو مشوشة أو مجتزأة أو منتزعة من سياقها وموضوعة فى سياق آخر وموظفة فى عكس ما قيلت فيه ومن أجله، وكل هذا يؤدى إلى الإفساد فى الأرض كما هو مشاهد ومعلوم لدى لجميع.

وأكَّد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قد حذرنا من قبول وترويج كل ما يلقى إلينا ويقال لنا، روى مسلم فى صحيحه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع»، مشددًا على أن هذا الحديث الشريف يدل دلالة واضحة على أن المتساهل فى تلقِّى الأخبار والشائعات أيًّا كانت، وأن المجازف بترويجها ونشرها دون تثبت، لا يقل إثمًا وجرمًا عن الذى يختلق الشائعات ويروج الأكاذيب؛ وذلك لخطورة التساهل والتهاون فى هذا الشأن، وهذا يدل على منهجية الإسلام الفائقة التى سبقت بها جميع الأمم فى مجال تكوين العقول الواعية التى تبنى فكرها ومعارفها وعملها على هذا المنهج الإسلامى السديد.

وبيَّن فضيلة المفتى أن من أخطر الآثار المترتبة على تلك الحروب الحديثة هى زعزعة الثقة بين المواطن وبين مؤسسات الدولة التى يتعامل معها المواطن فى كافة شئونه، وإن فقدان الثقة بالمؤسسات الرسمية من شأنه أن يحدث خللًا لدى المواطن فى قضية تكوين المرجعيات الدينية والثقافية والعلمية والتعليمية والإعلامية بحيث يكون الأصل عنده أن يستقى المعلومة من غير مصدرها الصحيح، وهنا يقع المواطن دون أن يدرى فى براثن وشِباك هذه الجماعات الخبيثة التى لا ترتجى له خيرًا ولا نفعًا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة