صالح الصالحى
صالح الصالحى


وحى القلم

غزة وهدايا الكريسماس

صالح الصالحي

الأربعاء، 27 ديسمبر 2023 - 08:00 م

تأتى احتفالات أعياد الميلاد "الكريسماس" هذا العام فى ظل ظروف غير مسبوقة يشهدها العالم.. حيث سيطرت الحرب فى غزة على الأجواء، وخيم الحزن والألم الذى يعتصر القلوب الحية والرحيمة على الاحتفالات.. ووقف "بابا نويل" حائراً حزيناً متسائلاً ماذا يقدم لأطفال غزة هذا العام؟!

فى العادة "بابا نويل" يقدم الهدايا من لعب وحلويات للأطفال فى عيد الميلاد ليسعدهم وهم يحتفلون مع أسرهم بهذا اليوم المجيد، يوم مولد السيد المسيح.. إلا أن الاحتفال هذا العام يأتى مختلفاً على أطفال غزة، فهم يعيشون وسط هدير الأسلحة وصوت الرصاص.. يعانون من سوء التغذية وإصابتهم بفقر الدم والأنيميا.. وجوههم شاحبة مرهقة متعبة حزينة بائسة، أجسادهم هزيلة نحيلة (جلد على عظم) كأنهم موتى يفارقون الحياة واحداً تلو الآخر فى كل لحظة، من أثر الجوع ونقص الأدوية والرعاية.

أطفال غزة يعيشون فى ظروف شديدة القسوة.. يحملون فى أنفسهم المدمرة وقلوبهم الممزقة ما لا يستطيع بشر تحمله، احتياجاتهم تختلف عن احتياجات أقرانهم فى باقى دول العالم.. فبدلاً من أن يلهوا ويلعبوا ويذهبوا إلى المدارس.. وبدلاً من أن يشعروا بدفء الأسرة خاصة فى مثل هذا اليوم.. يعيشون أيام الرعب والخوف.. وسط الدماء والجثث.. يلهون فى نبش أنقاض المنازل المهدمة، يبحثون عن جثث شهدائهم من أمهاتهم وآبائهم وأخواتهم وجيرانهم وأصدقائهم.

منهم من فقد جزءاً من جسده أو أصيب برصاص بندقية جندى إسرائيلى لا يعرف الرحمة.. ومنهم من لم يجد من يسعفه ويعالجه، ومنهم من لم يجد الدواء أو الغذاء أو الماء.

هؤلاء الأطفال يعيشون وسط المجازر والمذابح التى ترتكبها إسرائيل فى حقهم ليل نهار.. يعيشون مشاهد الدم والقتل، ينامون بجوار الجثث، الخوف والرعب يحيط بهم من كل اتجاه وصوب.. محرومون من أبسط حقوق الحياة.. محرومون من طفولتهم يعيشون حياة بائسة تعيسة حزينة، مصابون بأمراض نفسية وذكريات يستحيل أن تمحى من ذاكرتهم، فهى محفورة فى عقولهم وقلوبهم.

فماذا يقدم "بابا نويل" لهم؟!

هل يستطيع أن يقدم لهم الغذاء والماء أو الدواء؟!.. قد يستطيع ذلك رغم صعوبته البالغة.

هل يستطيع أن يعالجهم نفسياً ليمحو آثار العدوان من عقولهم وقلوبهم التى تعتصر حزناً وألماً؟!.. قد يستطيع مع مر الزمن وتقدم الطب النفسى.

هل يستطيع أن يعوضهم عن منازلهم وعن مدارسهم التى حرموا منها؟!.. قد يستطيع أن يبنى منازل جديدة لهم وأن يعيدهم إلى مدارسهم.. لكنه لن يستطيع أن يعوضهم عن آبائهم وأمهاتهم وأخواتهم الذين فقدوهم.. لن يستطيع أن يعوضهم عن أطرافهم التى حرموا منها، وعن أجزاء أجسادهم التى فقدوها.. لن يستطيع أن يمحو من ذاكرتهم مشاهد الرعب والخوف والدم والجثث.

أنصح "بابا نويل" إذا كان مصراً على تقديم هدايا هذا العام لأطفال غزة رغم مرارة العيش والظروف التى يعيشون فيها، بأن تكون هديته رسالة إلى أطفال العالم لا تنسوا أطفال غزة وأنتم تحتفلون بالكريسماس مع أسركم.. وأن تكون دعوته بالسلام، وصرخته بوقف الحرب من أجل الأطفال!!.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة