سامح شكرى ومحمد أشتية
سامح شكرى ومحمد أشتية


«القوة الحكيمة».. نجاحات كبيرة للسياسة الخارجية وسط أزمات إقليمية ودولية.. وغزة التحدي الأكبر

حسام عبدالعليم

الأحد، 31 ديسمبر 2023 - 11:15 م

 حققت مصر نجاحاتٍ كبيرة فى ملف السياسة الخارجية على مدى السنوات الماضية، تلك النجاحات جاءت انعكاساً للصورة الحقيقية لما تشهده البلاد من استقرار واستباب الأمن وتحسين الأوضاع الداخلية، بعد أن واجهت مصر سنواتٍ صعبة وتحديات جمة فى هذا الملف الحيوي، نتيجة للظروف الصعبة التى شهدتها البلاد خلال الفترة التى سبقت تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى حكم البلاد فى 2014.

 توجيهات الرئيس السيسى، كانت واضحة فى ملف السياسة الخارجية، على التنوع فى العلاقات والتوازن وتجنب الاستقطاب، ودعم الاستقرار الإقليمى والدولي، والاهتمام بالبعد الاقتصادى والتنموي، وتتضمن المبادئ الأساسية لسياسة مصر مع العالم الخارجي: احترام القانون الدولى والالتزام بالمعاهدات التى وقعتها وأبرمتها الدولة المصرية، وعدم التدخل فى شئون الغير، والحفاظ على مكونات وأراضى الدول التى تشهد أزماتٍ وصراعاتٍ، وكذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، واحترام حق الشعوب فى اختيار حكامها، وكذلك حقها فى وضع دساتيرها وأنظمة حكمها، والدفع دائماً بسلمية الحلول. فضلاً عن مبدأ حسن الجوار وهو ما يشهد به الجميع لمصر. وعلى مر التاريخ، أبداً لم تقم مصر بأى عمل عدائى واحد ضد دول أخرى، كما لا يوجد أى اتهام واحد ضدها بمخالفة معاهدة دولية أو اتفاق دولى وكذلك حسن الجوار. 

اقرأ أيضاً| الحوار الوطني .. الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية

هذه المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للدولة المصرية، هى البوصلة التى تلزم بها مصر ولا تحيد عنها، فى تعاملها مع الأزمات الإقليمية الساخنة التى تشهدها المنطقة الملتهبة، كالأزمة السورية واليمنية والليبية. إلى جانب أزماتٍ إقليمية أخرى كانت على موعدٍ مع الانفجار شهدها عام 2023، وهى الأزمة السودانية، التى اندلعت فى أبريل الماضى على نحو مفاجئ اقتتال سودانى داخلى بين القوات المسلحة بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي». ثم تفجر أزمة أخرى على الجبهة الشرقية للبلاد بعد عملية «طوفان الأقصى» التى نفذتها حركة حماس فى 7 أكتوبر الماضى ضد أهداف إسرائيلية، لتجد مصر نفسها فى قلب العاصفة، وفى مواجهة تداعيات مباشرة على أمنها القومى على جبهتيها الجنوبية والشرقية. 

القضية الفلسطينية
من أبرز نجاحات السياسة الخارجية المصرية عام 2023، جاء فى موقف مصر الراسخ والثابت والداعم للقضية الفلسطينية على مدار تاريخها الممتد منذ 75 عاماً، والتصدى بكل حزم وقوة لأى مخططات أو محاولات فى تصفية القضية التى تُعد القضية المركزية للعرب، فهو ارتباط دائم تمليه اعتبارات الأمن القومى المصرى وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم، لذلك لم يكن الموقف المصرى من القضية الفلسطينية فى أى مرحلة يخضع لحسابات المصالح أو ورقة لمساوماتٍ إقليمية أو دولية. فمع بداية العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى، كانت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحة للغاية، بوقوف مصر بكل قوة لدعم القضية الفلسطينية، وأطلق عليها الرئيس السيسى مصطلح «قضية القضايا»، وحذر من مخططات الشيطانية الإسرائيلية بانتهاج سياسة التهجير القسرى للفلسطينيين على دول الجوار وتحديداً مصر والأردن. 

وأكد الرئيس السيسى فى كل لقاءاته واتصالاته، أن مصر لن تسمح بالتهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، وكانت لغته واضحة وواحدة، وهى: ضرورة وقف إطلاق النار، وإعمال الهدنة الإنسانية، ودخول المساعدات، وحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. 

لقد طرح الرئيس السيسى وجهة النظر المصرية فى كل الأمور علانية وبوضوح وبكل قوة، وأكد على ذلك علنياً مع أنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى أمام الكاميرات خلال زيارته لمصر بعد أيام من العدوان الاسرائيلى على غزة ؛ تعبيراً عن ذلك المفهوم. ورغم أن هذا اللقاء الذى ترتب عليه الكثير فى الأداء الأمريكى فى التعامل مع مصر فى تلك الفترة، إلا أن حينها تأكدت الولايات المتحدة الأمريكية، أن مصر ستواجه أى سيناريو يمس أمنها القومى وسيادتها، وستواجه أى مخطط قد يدفع إلى أى مسارٍ غير مسار تسوية القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين. 

وكثفت مصر جهودها وتحركاتها سياسياً ودبلوماسياً، من أجل احتواء الموقف وتهدئة الأوضاع، وسارعت مصر باستضافة قمة القاهرة للسلام بعد أيام من بداية العدوان الإسرائيلي، بمشاركة عددٍ من زعماء وقادة العالم، وأكدت. 

الأزمة السودانية
وحول الأزمة السودانية، فمنذ اندلاعها أبريل الماضى، سخرت مصر كافة مؤسساتها المعنية لاحتواء الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني، فى إطار السياسة الخارجية المصرية وثوابتها، المتمثلة فى استقرار ووحدة السودان وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، وسلامة شعبه الشقيق، وتقديم كل المساعدات الممكنة له، وكذلك الحفاظ على الأمن القومى المصري، حيث حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ اندلاع الأزمة على نزع فتيلها من خلال اتصالاته مع كافة الأطراف السودانية، والأفريقية، والعربية والدولية. واستضافت مصر فى يوليو الماضى قمة بمشاركة جميع الدول المجاورة للسودان، من أجل استكشاف الحلول والسبل المناسبة لإنهاء الصراع الدموى الذى تشهده السودان منذ اندلاع هذه الأزمة والتخفيف من عواقبها السلبية على دول الجوار، وتم الاتفاق على إنشاء آلياتٍ فعالة تعزز الحل السلمى للأزمة فى السودان، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، من أجل وقف إطلاق النار للأزمة التى دخلت فى شهرها التاسع. وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال تفقده الأكاديمية العسكرية المصرية فى أغسطس الماضى، أن «مصر دائماً تسعى لأن تكون عاملًا إيجابيًا كما حدث فى الأزمة السودانية وعقد مؤتمر دول الجوار لانتهاء معاناة الأشقاء فى السودان.

الأزمتان الليبية والسورية
ولعبت مصر دوراً مهماً فى الحفاظ على الدولة السورية ودعمها للتفاوض السلمى والحلول الدبلوماسية، ورفضها أى خيار يهدد وحدة الدولة السورية الشقيقة. وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، فقد حرصت مصر منذ اندلاع الأزمة فى 2011، على المشاركة بقوة فى تفاعلات المشهد الليبي؛ لعدة اعتبارات أهمها: الحفاظ على الأمن القومى المصري، لذا فمنذ اللحظات الأولى انخرطت مصر فى مسارات الحل وجهود خفض التصعيد بين الأطراف الليبية، فضلًا عن مساعيها لحشد التأييد الدولى نحو موقف إيجابى للتصدى لخطر التنظيمات الإرهابية التى اتجهت نحو تحويل ليبيا إلى قاعدة عمليات لأنشطتها فى شمال أفريقيا وجنوب المتوسط. وتحرص مصر على أن تكون مساعى حل الأزمة نابعة من الأطراف والمؤسسات الليبية، واستضافت مراتٍ عديدة، وفودًا ممثلة للقوى الاجتماعية كالقبائل والمجالس الاجتماعية الليبية، ومؤسساتٍ كالبرلمان الليبى والجيش الوطنى وحكومة الوفاق. ورفضت مصر منذ اللحظة الأولى التدخلات الخارجية أو وجود ميليشيات مسلحة خارج إطار الشرعية وبعيداً عن سلطة الدولة المركزية، مع احترام المؤسسات المُنتخبة، وتطالب مصر بالحفاظ على ثروة الشعب الليبى وكذلك منع تهديد أراضيها بوجود أى عناصر إرهابية بالقرب من الحدود المصرية - الليبية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة